أنشأت "هيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات" التركية قرب كيليس (جنوبي تركيا) مجمعاً هائلاً يعمل 16 ساعة يومياً لتوفير الطعام لآلاف اللاجئين السوريين المحتشدين على الحدود التركية.
وتعد المطابخ عشرات القدور الضخمة، التي يبلغ قطر كل منها مترين وتتطلب شخصين لحملها مليئة، لتوفير 25 ألف وجبة ساخنة يومياً، وفي أوعية مغلفة بغطاء بلاستيكي تحمل اليخنات بالأرز أو المعكرونة كل صباح في شاحنة لنقلها إلى المركز الحدودي القريب.
وفي الجوار تعد آلات المخبز الميكانيكي الذي يعمل فيه 25 شخصاً نحو 100 ألف رغيف خبز سوري يومياً بفضل نظام ألماني متطور.
ويشرف المدير عبدالسلام الشريف على 365 عاملاً أغلبهم رجال وعلى منشآت جديدة أنجزت قبل 4 أشهر وتم طلاؤها بالبيج والأخضر، على المدخل، يخضع حراس شخصيون جميع حقائب الزوار لتفتيش بآلات رصد المعادن.
ويقول الشريف: "نركز على حاجات اللاجئين داخل سوريا"، مضيفاً أن "أولئك الموجودين في تركيا تتكفل بهم الحكومة، هناك بالإجمال في الجهة الأخرى قرب كيليس أكثر من 110 آلاف نازح سوري من بينهم 30 إلى 35 ألفاً وصلوا مؤخراً، تم توزيعهم في 8 مخيمات".
ويضيف أن "أعدادهم تتغير على الدوام"، متابعاً أن "البعض يتمكن من دخول تركيا بشكل غير قانوني، في حين يلجأ آخرون إلى أصدقاء أو أقارب، ويعود غيرهم إلى ديارهم إذا هدأ الوضع. الحركة لا تتوقف".
وفي المستودعات التي توازي مساحتها مساحة ملعب كرة قدم كُدّست على 4 مستويات آلاف الأطنان من الدقيق والفرشات والأغطية والمعلبات وعبوات الزيت وأكياس الأرز والحبوب.
نقص في الخيم
يشير الشريف باسماً إلى عشرات الكنبات وقطع الأثاث وأفران الغاز التي قدمها مواطنون أتراك، ويتعين تخزينها ولو أنها ليست مفيدة للاجئين يقيمون في الخيم.
ويقول: "هذا ما ينقصنا حالياً .. الخيم. فقد نفدت مع موجة اللاجئين الجديدة بسبب القصف الروسي، نصبنا أكثر من 3000 خيمة من بينها 81 كبرى يمكن لكل منها إيواء 50 شخصاً، كما وجهنا نداء إلى المانحين".
يُذكر أن "هيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات" تأسست في 1992 لمساعدة مسلمي البوسنة في حرب يوغوسلافيا، وهي حالياً جمعية إسلامية نافذة مقربة من حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وتموّلها دول خليجية لاسيما قطر.
كما أرسلت في مايو/أيار 2010 سفينة مافي مرمرة للمطالبة بكسر الحصار على قطاع غزة، حيث تعرضت لهجوم من قوة كوماندوز إسرائيلية أدى إلى مقتل 10 أشخاص على متنها.
ووظّف مركز كيليس عمالاً أغلبيتهم الساحقة من اللاجئين السوريين ويدفع لهم رواتب. ويقول مديره إن "القواعد التي تفرضها الحكومة التركية صارمة، علينا أن نزودهم يومياً بأسماء الذين يعودون إلى سوريا. كل مرة يتم ختم جوازات سفرهم والتدقيق فيها لدواع أمنية".
ويروي باسماً قصة مزارع من الجوار أتى ليقدم 3 بقرات تم طهو لحومها، أو فتاة بملابس بسيطة أتت للتبرع بالشيء الوحيد الذي تملكه، وكان خاتم ذهب رفيعاً.
ويضيف: "يمكن أن يكون الإنسان رائعاً، إذا وجّهت نداء فسأحصل في ساعة على 100 متطوع في هذه الباحة، لكن الإنسان يمكن أن يكون أيضاً مريعاً، ففي ثانية قد تلقي طائرة حربية قنبلتين لتحيل كل هذا إلى رماد".