تقول السيدة غانية تغير حالنا ما عدنا كما كنا في الحي الذي كنا نسكن فيه, هناك من توفى نتيجة المجاعة وهناك من نزح إلى مدن مختلفة بعد ان قام ببيع منزله بثمن زهيد، كما تزايدت جرائم سرقات المنازل في الأحياء نتيجة هجرة البعض للخارج هربا من الحرب.
وتتابع :" مازلت هنا في هذا الحي أسكن في شقة إيجار، أتعبتني الحياة نتيجة انقطاع الراتب منذ حوالي عشرة أشهر, صاحب المنزل يطالبني بدفع الإيجار والماء.
وأضافت :"المشكلة إني وإخواني جميعا موظفين وما إن أعلنت الحكومة في صنعاء شراء المواد الاستهلاكية عبر البطائق السلعية حتى جاء الدائنون إلينا واضطررنا إلى تقسيم البطائق ما بين صاحب الشقة والبقالة والصيدلية وحالفنا الحظ وتم سداد الديون ولكن مازلنا في دائرة المجاعة".
لا تتوقف معاناة اليمنيين عند النقص الشديد في الغذاء والدواء والاحتياجات الضرورية الأخرى بل إن الكثير منهم ممن اشتدت به الحاجة لجأ إلى ممارسة التسول أو العمل في مهن هامشية كبيع المياه في الشوارع العامة أو تنظيف السيارات لتسديد احتياجاته الأساسية.
السيدة أم علي تعكس الصورة القاتمة لحياة المرأة اليمنية التي افقدتها الحرب كل شيء. فمنزلها المتواضع الذي كان يأويها مع أبنائها السته في منطقة فج عطان في العاصمة صنعاء دمر بالكامل، بعد تأثره بضربة جوية لقوات التحالف.
كما قتل في الحادثة إثنان من ابنائها الشباب الذين كانوا يتحملون مسئولية إعالة الأسرة وهي حالياً تعيش مع بناتها الأربع دون أية رعاية ولا تستطيع حتى إعالة نفسها.
أم علي تتحدث بمرارة عن حياة الحرمان التي باتت تعيشها "لم أعد امتلك شيئاً .. التحقت بمخيم النازحين في عمران ولكن الظروف صعبة وواجهت حياة قاسية لم استطع الحصول على ابسط احتياجاتي".
وفي ظل تصاعد حدة النزاع في اليمن فإن الحرب تلحق أضراراً شديدة بالمدنيين الأبرياء فهناك أكثر من18 مليون شخص بحاجة إلى معونات إنسانيّة، وحوالي 3 ملايين نازح وفقا لتقارير الأمم المتحدة.
و يدفع المدنيون ثمناً باهظاً لهذه الحرب ولا تكاد تجد يمنياً لم يفقد عزيزاً أو قريباً بسبب هذه الحرب ناهيك عن حالات الخوف والقلق والاضطرابات النفسية التي يعاني منها اليمنيون على الدوام.
وفي قصة أخرى يحكي السيد جابر واقعه قائلا: " كنت أملك صيدلية وحياتي مستقرة مع أولادي وزوجتي حتى فائجتنا الحرب وقلبت حياتنا رأساً على عقب ووجدت نفسي وأولادي بلا عائد مادي بعد إن فجر صاروخ الصيدلية في الحي الذي كنت أسكن فيه "حاولت أن أجد عمل جديد لكني أخفقت.. أعيش حالياً عاطلاً عن العمل وتمر أيام دون أن نأكل شيئاً ولا أستطيع التسول".
في المقابل وفي الحي نفسه تقول السيدة أمل" فقدت في هذه الحرب أعز ما أملك زوجي الذي التحق في جبهات القتال واضطررت للبحث عن عمل ولكن بلا فائدة لذا بدأت أعمل في الحرف اليدوية لأسد رمق أولادي الثلاثة ".
وتقول تقارير الأمم المتحدة أن هناك عشرات الآلاف ممن لقوا حتفهم أو أصيبوا في الحرب الدائرة في اليمن منذ مارس 2015 وتراجعت بشكل كبير فرص العمل في اليمن بسبب الحرب فهناك نحو 3 ملايين شخص فقدوا أعمالهم، ومصادر ارزاقهم.
الحرب في هذا البلد سحقت كل شيء فهناك تراجعا كلياً للنشاط الاقتصادي وانهيارا للنظام الصحي وبات كل اليمنيين بحاجه إلى المساعدة وقد أثَّر عدة عوامل على تفاقم الأزمة الإنسانية إلى جانب الحرب كالقيود المفروضة على الواردات وعدم دفع رواتب الموظفين الحكوميين وهذا أثَّر بشكل خطير على توفر الغذاء وإمكانية الحصول عليه.
ما يحصل في اليمن هو محرقة انسانية تلتهم جميع اليمنيين فيها يومياً والعالم يتجاهل تبعات النزاع المحتدم في هذا البلد الفقير فهل هناك مخرج لهذه الأزمة.