وتطرق التقرير الذي حصلت عليه الأناضول، إلى سلطة الحكومة الشرعية في مناطق سيطرتها جنوبي وشرقي اليمن، وكذلك مناطق سيطرة الحوثيين، والأحداث الأخيرة التي شهدتها صنعاء، وأسفرت عن مقتل الرئيس السابق ، إضافة إلى إطلاق الحوثيين صواريخ على السعودية.
التقرير خلص إلى أنه بعد مضي ثلاثة أعوام من النزاع، فإن سلطة الحكومة الشرعية تآكلت إلى مرحلة الشك في قدرتها على توحيد اليمن، موضحا أن فريق الخبراء بنى هذا الاستنتاج على أربعة عوامل، على رأسها: "عدم قدرة الرئيس عبد ربه منصور هادي على فرض سيطرته من الخارج على كامل الأراضي المحررة".
والعوامل الأخرى هي: "تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي الذي أعلن أن هدفه هو استقلال الجنوب"، و"استمرار تواجد الحوثيين في صنعاء وغالبية المناطق في الشمال"، وكذلك "انتشار القوات العسكرية بالوكالة، التي يتم تمويلها وتسليحها من أعضاء في التحالف (العربي) بقيادة (الجارة) السعودية (الداعم للحكومة الشرعية)، والذين لهم أهداف خاصة على الأرض".
ووفق التقرير، فإنه بدلا من وجود دولة واحدة، توجد دويلات تحارب بعضها بعضا، ولا أحد منها يمتلك الدعم السياسي أو القوة العسكرية لتوحيد الدولة أو تحقيق الانتصار في ساحة المعركة.
وأوضح أن الحوثيين يعملون في الشمال على تعزيز سيطرتهم على صنعاء، بعد حرب الشوارع التي استمرت خمسة أيام في ديسمبر الماضي، وانتهت بمقتل الرئيس السابق صالح، وكلما طالت فترة سيطرة الحوثيين ترسخ وضعهم.
وفي جنوب اليمن، بحسب التقرير، أصيبت حكومة هادي بالضعف بسبب انشقاق عدد من المحافظين وانضمامهم إلى المجلس الانتقالي الجنوبي، حيث أصبحت مسألة انفصال الجنوب "احتمالية حقيقة".
** معركة معقدة.. وقائمة عقوبات
يرى فريق الخبراء الأممين أن ديناميكية ساحة المعركة في اليمن تزداد تعقيدا، ولم يشهد عام 2017 أي تقدم نحو تسوية سلمية للأزمة، بل إن العملية السياسية توقفت، ويؤمن كل طرف في النزاع بأنه يستطيع تحقيق انتصار عسكري من شأنه إلغاء حاجة التوصل إلى تسوية سياسية.
وكشف التقرير أن الحوثيين يمنعون المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، من زيارة صنعاء بعد الهجوم عليه في صنعاء يوم 25 مايو الماضي، ويرفضون التعاطي مع أي من مقترحاته.
وبشأن صالح، قال التقرير إنه كان يبدو في بداية الانشقاق عن الحوثيين "وكأنه كان يتمتع باليد العليا، لكن عبد الله يحيى الحاكم (أبو علي الحاكم) ومحمد علي الحوثي (قياديين حوثيين) كانا محوريين في عزل صالح عن القبائل.
وخلص التقرير إلى أن محمد علي الحوثي يلبي المعايير اللازمة لإدراجه ضمن قائمة العقوبات بسبب دوره الذي يهدد السلم والأمن.
** إيران وصواريخ الحوثيين
اعتبر الفريق الأممي أن الصواريخ التي أطلقها تحالف الحوثي ـ صالح، ثم الحوثيون بمفردهم، على السعودية، "غيرت طبيعة الصراع، وقادرة على تحويله من محلي إلى إقليمي واسع النطاق".
وأفاد التقرير بأن عدد الصواريخ المطلقة في 2017 أقل من العدد الذي تم إطلاقه في 2016، وأن الصواريخ لديها تأثير وأهداف استراتيجية (بالنسبة إلى الحوثيين)، حيث أظهرت "وجود ضعف في القدرات الدفاعية السعودية تجاه هذا التهديد، ما يجبر المملكة على اتخاذ تدابير مضادة غير متناسبة".
وأضاف أن أربع هجمات موثقة في مايو و22 يوليو ، و4 نوفمبر و19 ديسمبر 2017، كشفت أن الصواريخ المستخدمة هي صواريخ باليستية قصيرة المدى، وهي تفوق قدرة الصواريخ الموجودة في مخزون تحالف الحوثي ـ صالح.
وأفاد التقرير بأنه "لا يستبعد أن هناك خبراء صواريخ أجانب يزودون الحوثيين بالمشورة التقنية، أو أن خبراء صواريخ الحوثي تلقوا تدريبا في دولة ثالثة"، مشددا على أنه "من شبه المؤكد عدم امتلاك الحوثيين القدرة الهندسية أو التصميمية لصنع صواريخ باليستية جديدة قصيرة المدى".
وكشف أنه "بعد التحقق من حطام صواريخ 22 يوليو (تموز)، و4 نوفمبر (تشرين الثاني)، اتضح أن تصاميم الحطام مشابهة للتصميم الإيراني لصواريخ Qiam-1، ما يعني أن الصواريخ تم صنعها من المصنع نفسه، كما أن حطام الصواريخ وجد عليه علامات مشابهة لشعار شركة Shahid Bagheri Industries الإيرانية".
وتابع أن تحالف الحوثي ـ صالح حصل على تكنولوجيا صاروخية أكثر تطورا من مخزونهم في يناير 2015 (SCUD C+ Hwasong-6)، ويصفون هذه الصواريخ بالـ Borkan-2H.
لكن الفريق قال إنه ليس لديه أي دليل حول هوية الوسيط الذي زود تحالف الحوثي ـ صالح بهذه التكنولوجيا، وتوقع أن "إيصال مكونات صاروخ Borkan-2H تم عبر إمدادات برية رئيسية إلى مناطق سيطرة الحوثي ـ صالح، بعد نقلها من الموانئ في الغيظة أو نشطون بمحافظة المهرة"، ولم يستبعد أيضا "نقل تلك المعدات لهذه الصواريخ عبر شحنات السفن من موانئ البحر الأحمر، رغم أن احتمالية ذلك ضئيلة".
وتوصل فريق الخبراء من خلال حطام الصواريخ، إلى "وجود علاقة بمعدات عسكرية وطائرات عسكرية دون طيار ذات مصدر إيراني تم إدخالها إلى اليمن بعد بدء فرض الحظر على الأسلحة".
خلص الخبراء إلى أن "إيران لا تمتثل للالتزامات الواردة في الفقرة 14 من القرار 2216 لعام 2015، إذ لم تتخذ التدابير اللازمة لمنع التوريد أو البيع أو النقل بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى تحالف الحوثي ـ صالح فيما يخص الصواريخ الباليستية Borkan-2H قصيرة المدى، وخزانات تخزين ميدانية للأكسدة ثنائية الدفع السائل للصواريخ، وطائرات دون طيار من نوع (Ababil-T ـ Qasif1)".
** ثروة صالح
التقرير الأممي تطرق إلى النظام المالي في اليمن، ولفت إلى وجود بنكين مركزيين متنافسين، أحدهما في الشمال تحت سيطرة الحوثيين، والآخر في الجنوب تحت سيطرة الحكومة الشرعية، لافتا إلى أن الحكومة "لا تستطيع أن تجمع الإيرادات بشكل فاعل"، فيما الحوثيون "يجمعون الضرائب ويبتزون الشركات ويستولون على الأصول باسم المجهود الحربي".
وبشأن ثروة صالح، أفاد التقرير بأنه من المتوقع أن يتم إدارتها من قبل خالد علي عبد الله صالح، نيابة عن أحمد علي عبد الله صالح (المفروضة عليه عقوبات أممية)، منوها أنه ليس هناك أي مؤشرات إلى أنه سيتم استخدام هذه الأموال لدعم أعمال تهدد السلم والاستقرار والأمن في اليمن.
وأوضح أن تركة صالح "لن تكون ضمن ولاية الفريق (الأممي)، إلا إذا تم نقل هذه الأموال لأحمد علي عبد الله صالح أو الحوثيين".
وكشف التقرير عن اجتماع ضم فريق الخبراء مع أحمد علي عبد الله صالح يوم 27 ديسمبر 2017 في العاصمة الإماراتية أبوظبي.
وأوضح أن نجل صالح أبلغهم بأنه "لم يتلق (حينها) معلومات حول مكان دفن والده (يعرفه الحوثيون فقط)"، وأن أعضاء من أسرته تم القبض عليهم من قبل الحوثيين، واشتكى للفريق من أن إدراجه ضمن قائمة العقوبات الأممية "أمر غير عادل"، وهو لم يقم بأي أعمال تهدد السلم والأمن والاستقرار في اليمن، على حد قوله.
** "انتهاكات" الحكومة والحوثيين والإمارات
أفاد التقرير الأممي بحدوث انتهاكات للقانون الإنساني الدولي من قبل أطراف النزاع، وبأن سيادة القانون في اليمن تنهار وبشكل سريع، بغض النظر عمن يتحكم في الأرض.
وقال إن كلا من الحكومة اليمنية والإمارات وقوات الحوثي ـ صالح، شاركت في عمليات اعتقال واحتجاز وإخفاء قسري وتعذيب.
وأفاد التقرير أيضا بوجود احتجازات من جانب الإمارات التي تشرف على مدن جنوبي اليمن، وحملها "مسؤولية" تعذيب وسوء معاملة ومنع من العلاج وعدم تفعيل الإجراءات القانونية".
ودعا الفريق الأممي كلا من الإمارات واليمن إلى تزويده بالإطار القانوني الذي يسمح للإمارات، بوصفها قوة أجنبية، القيام بالاعتقالات وحرمان من الحريات.
وبينما لفت إلى أن السلطات الإماراتية نفت أنها تدير مرافق احتجاز، أفاد بأن الإمارات تحتجز أكثر من 200 شخص حتى 1 نوفمبر 2017.
كما اتهم التقرير الأممي الحوثيين بتنفيذ عمليات إعدام واحتجاز لأفراد لأسباب سياسية أو اقتصادية، وتدمير منازل أعدائهم بشكل ممنهج، إضافة إلى إعاقة إيصال المساعدات الإنسانية وتوزيعها.