كان الجبل يغص بالاسلحة بينما كانت عربات الإنقاذ فارغة حتى من الماء لإطفاء الحرائق التي تشب في الاسواق التجارية او مساكن الفقراء والمهمشين.
غادر علي عبد الله صالح جزئيا الحكم والبلد الذي حكمه كان قد اشتري في عشر سنوات سلاح ب ١٢ مليار دولار الا انه لا يملك طائرة إنقاذ واحدة.
في قلب العاصمة شب حريق هائل في حي الحصبة والتهم برج مبنى اليمنية الأنيق حتى توقف الحريق بعد ان تعب من تلقاء نفسه اذ لا وجود لطائرة إطفاء.
وبعدها بأعوام انفجر بركان جبل الطير في البحر الأحمر واحترق الجنود بسبب الحمم ودخان البركان ونجا جندي غامر وقفز الى البحر وواصل العوم ليوم كامل حتى أنقذته سفينة كندية ووجدته وقد نهشت منه الأسماك لحما حيّا.
يومها تفقد صالح البركان عبر طائرة مروحية لا تقلع ليلاً ونقل التلفاز صورا له مبتسما مشدوها كطفل يدخل السيرك لأول مرة.
منذ كارثة زلزال ذمار وحتى كارثة إعصار سقطرى وهذا البلد منكوب بسوء إدارة وخفة مسؤولية لا يمكن قياسها.
قبل سنوات ايضا تعرضت حضرموت لكارثة سيول جارفة واحتشدت الحكومة تتسول العون وانتهى الامر بفضيحة فساد على اكبر مستويات السلطة في عهد صالح بسبب التلاعب بالمساعدات.
بالمناسبة التعويضات المقررة منذ ذلك الحين لم تصل بعد الى المستحقين.
كنت أعيش قبل سن العاشرة في قريتي القريبة من عدن وكان يصل إلينا بث تلفزيون عدن. اتذكر قبل الوحدة ان كارثة سيول اجتاحت محافظات عدة في جنوب اليمن وكانت المياة الجارفة تجري على شاشة التلفاز تحمل الخفيف والثقيل بينما يقف المسؤولون في زياراتهم البلهاء يتفقدون الارض المنكوبة بملابس ونظارات أنيقة.
لا شيء غير التفقد والتوجيهات ثم تأتي كارثة بعد اخرى تجرف معها خير الناس وتراب ارضهم وحياتهم. وحده البحر يتسع لكل شيء. ومثله جيوب مسؤولينا واحيانا صناديق المنظمات.
لم يمهل الإعصار المزايدات السياسة حول سقطرى وافتضح الجميع. المنقذ والأخ الحنون والغيور السيادي. وظهرت ضحالة السجالات السياسية التي لا تفرق بين الشأن السيادي وبين مواجهة الكوارث. وكأن الاعصار مناسبة لتسليم الارض او لموت سكانها تحت الحاجة. في الكوارث وفِي الحروب هناك سقف للتدخل لا يمس سلامة الاوطان ولا كرامة الناس.