لم يستجد عليهم منذ رمضان السابق إلا وفاة الجدة بحسرتها وهي تنادي ولدها المعتقل حتى آخر لحظة؛ خرجت أنفاسها مع كل حرف ملتاع من اسمه ولم تعد تلك الأنفاس أو عاد أبنها.
ففي رمضان العام الفائت عقب العشاء مباشرة هجم على منزلهم مسلحون من مليشيا الحوثي في اقتحام لا يمت للأخلاق بصلة؛ كانوا يفتشون المنزل بفوضى عارمة ومتعمدة كأنهم يبحثون عن إبرة خياطة.
قلبوا المنزل رأسا على عقب دون مراعاة لحرمة شيء؛ واستولوا على كل شيء يستحق الأخذ حتى الثياب الرجالية.
تقول الأم: ليتهم أخذوا كل شيء وتركوا لنا إبني
لقد انتزعوا معهم عائل هذه الأسرة برفقة رجل كان لسوء حظه ضيفاً على العشاء تلك الليلة. ولم يكتفوا بهما بل الحقوهما بالنجل الأكبر لعائل هذه الأسرة أيضاً.
خلال شهور من المعاناة وبعد وساطات وتوسلات ودفع مبالغ طائلة دبرتها الأسرة بمشقة كبيرة، تم اطلاق الضيف مع الولد ليصف لوالدته وجدته أهوالاً مما لاقى من المعاملة اللاإنسانية داخل معتقلاتهم..
أما الأب فلم يعرف مصيره أو يعرف في أي سجن أو معتقل هو.
لقد انتزعوا معهم عائل هذه الأسرة برفقة رجل كان لسوء حظه ضيفاً على العشاء تلك الليلة. ولم يكتفوا بهما بل الحقوهما بالنجل الأكبر لعائل هذه الأسرة أيضاً.
كلما عرفته الأسرة أن الأب اعترف بتهم كثيرة تحت التعذيب المستمر، وأن لا أمل في خروجه من المعتقل.
لم تتمكن الأسرة من رؤيته مرة أخرى، أو حتى زيارته أو معرفة مكانه؛ وكل ما توصلوا إليه من أخبار تكون متضاربة عن وجوده في هذا المعتقل أو ذاك.
قيل لهم أن وضعه الصحي سيء للغاية بسبب التعذيب والجوع والإهمال. وقيل لهم إنه قد توفي تحت التعذيب.
لم يحتمل قلب والدته أخباراً كهذه عن ولدها، ففاضت روحها وهي تدعو له، وتدعو على خاطفيه.
كل محاولات معرفة مصيره تبوء بالفشل، فالغريم هو القاضي والسلطة الانقلابية هي التي تختطف الأبرياء لتجبرهم على اعترافات تدينهم كي تحاكمهم أو تقتلهم.
فأين يذهب المظلوم في دولة الظالمين؟!
البحث عن أنصاف العدالة في ظل حكم العصابة أمر يستنكره العقلاء تماماً، كما يستنكر العقلاء هذه الوحشية في المعاملة وإهدار حق الإنسان في أي دولة تحظى بدولة.
يمن مونيتور