تنص (الفقرات؛ الثانية والثالثة من المادة الاولى، و الرابعة من المادة الثانية، والمادة؛ الواحدة والخمسين من ميثاق الأمم المتحدة، والمادة الأولى والثانية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والجزء الأول من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وقرارات الأمم المتحدة 1514، 2625، 260)، تنص جميعها على أحقية الشعوب في أمرين؛ الدفاع عن نفسها، وحق تقرير مصيرها، بالإضافة إلى أن اتفاقيتي لاهاي (1899 و 1907)، تؤكدتان على قانونية المقاومة الوطنية، ومنذ عام 1975، يتكرر سنويا، النص التالي، في ديباجة أغلب قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة: إعادة تأكيد الجمعية، على شرعية كفاح الشعوب، في سبيل الاستقلال والسلامة الإقليمية والوحدة الوطنية والتحرر من سيطرة الاستعمارية والأجنبية, ومن التحكم الأجنبي بكل ما تملك هذه الشعوب من وسائل, بما في ذلك الكفاح المسلح”.
ومع أن كثير من المنظمات المحلية والاقليمية، وبعض المنظمات الدولية، تستند في مشروعية عملها الحقوقي في مناطق النزاع والحروب ، إلى القوانين الدولية، حيث تعتبر القوانين المشار إليها، مرجعيتها الأساسية، إلا أن تلك المنظمات، تخالف هذه المرجعية عند صياغة تقاريرها الحقوقية، وتبرز هذه المخالفة، إما في نمط توصيف الأطراف المتصارعة، أو في إطلاق أوصاف سياسية ملتبسة، على بعض تلك الأطراف، أو في انتقاء وقائع معينة من سياقها العام ، وإدراجها في سياق خاص.
في اليمن، أتت شرعية هادي من عملية سياسية توافقية، انخرطت فيها حتى جماعة الحوثي وصالح، وكان مؤتمر الحوار هو الجامع لذلك التوافق، وقد عمدت شرعية هادي بإرادة شعبية، إلا أن مليشيات الحوثي وصالح، انقلبت على الإرادتين التوافقية والشعبية معا، وتم بموجب هذا الانقلاب إسقاط مؤسسات الدولة، وحصار المدن، واحتلال بعضها، وتشريد السكان، وهدم منازلهم، وتشكلت ضد هذا الانقلاب، مقاومة شعبية مسنودة بالشرعية السياسية والإجماع الإقليمي والدولي، وأتت قرارات الأمم المتحدة، لتؤكد أحقية الشعب اليمني باستعادة سلطته المغتصبة، واسترداد كرامته المهدورة، ومدنه المحتلة.
بتعريف الارهاب في القانون الدولي، فإن جماعة الحوثي جماعة إرهابية بكل المقاييس القانونية الدولية والأخلاقية وحتى الشرعية، وبذات المقاييس فإن المجموعات الشعبية المدافعة عن أرضها وكرامتها، تسمى مقاومة، كما أن الجيش الوطني يسمى جيش وطني، لكن المنظمات الحقوقية وخصوصا منها المحلية، تصر على ممارسة التوظيف السياسي لطبيعة المواجهات الدائرة في اليمن، وتعز على وجه الخصوص، حيث تطلق على المقاومة الوطنية، اسم مليشيا، بل تطلق على الجيش الوطني اسم مليشيا هادي، بينما تطلق الصفة الرسمية على مليشيا الحوثي، بتسميتها المعلنة من قبل الحوثي؛ “أنصار الله”.
نحن أمام منظمات حقوقية، تعمل خارج نطاق مرجعياتها القانونية، وتقوم بإطلاق مصطلحات سياسية لأطراف الصراع، وتذهب بعيدا عن مهمتها الحقيقية، فهذه المنظمات من اسمها؛ حقوقية، ومهمتها الأولى الدفاع عن الحقوق، وفي مقدمة تلك الحقوق، حق الدفاع عن النفس؛ المقاومة، وهذا الحق الأصيل، هو ما تقوم به المقاومة اليوم في مدن اليمن؛ وخصوصا تعز.
هناك ملاحظة جوهرية، في عمل أي منظمات حقوقية، وهذا الملاحظة تكمن في شرعيتها، التي يجب أن تستمدها من الاعتراف بالدولة ومؤسساتها، وتفقد هذه المنظمات قانونية عملها، طالما رفضت الاعتراف بشرعية الدولة التي تشتغل في نطاقها، وهناك فارق مهم بين نقدها لأداء السلطة الشرعية، أو اعتراضها على أخطاء ترتكبها، وبين إنكارها لشرعيتها، ومن غير المنطقي المساواة بالتصنيف، بين قوات جيش الوطني ومجموعات متمردة انقلابية، واعتبار الاثنتين؛ مليشيا. كما أنه من غير المنطقي تصنيف المجموعات الشعبية التي تقف مع جيش الدولة، وضد المجموعات المتمردة الانقلابية، بأنها مليشيا، من يحدد كونها مليشيا أم لا، هو طبيعة وظيفتها الميدانية والعناوين المعلنة التي تقاوم من أجلها، وليس أنها مسلحة أو لا.
المقاومة؛ كحق، بتعريف المرجعيات الدولية، ليست منحصرة في سياق مدني، بل تصل إلى حد، أن تمارس ؛ حق الكفاح المسلح. من حق الشعوب، المدن، الأفراد، أن تستثمر كل أدوات المقاومة الممكنة والمتاحة بيدها، للدفاع عن نفسها، ابتداء من المدنية وانتهاء بالمسلحة، وعندما يكون هناك طرف متمرد يمارس الارهاب المسلح، يكون هناك حل وحيد هو المقاومة المسلحة، خصوصا بعد انسداد كل آفاق المقاومة المدنية.