إنها تقبل بأننا حتى لو فشلنا، فإن هناك حرية داخلية تأتي مع التحدي، وربما تكون هذه هي الحرية الوحيدة، والسعادة الحقيقية التي سنعرفها على الإطلاق. وتشكل مقاومة الشر أسمى إنجاز للحياة البشرية. إنها الفعل الأعلى للحب. إنها حمل الصليب، كما يذكرنا اللاهوتي جيمس كون، وأن نكون واعين بحذاقة بأن ما نحمله هو أيضاً ما سنموت عليه.
معظم أولئك الذين يقاومون – سيتينغ بَل؛ وايما غولدمان؛ ومالكولم إكس؛ ومارتن لوثر كينغ- هزموا، على الأقل في الحسبة الباردة للقوي. وربما تكون أكثر أنواع المقاومة النهائية أهمية، كما يكتب كون، هي تلك التي "تقلب نظام القيمة في العالم". والأمل يظهر من رحم الهزيمة. ويقف أولئك الذين يقاومون، بغض النظر عن الكلفة، مع المصلوب. وهذه هي عظمتهم وقوتهم.
يزدري الذين يقاومون الدوافع المغوية للخضوع –المال، الشهرة، الجوائز، والمنح السخية، وعقود الكتب الضخمة، وأجور المحاضرات الضخمة، والمناصب الأكاديمية والسياسية المهمة، والمنابر العامة. فالثائر لا يُعرِّف النجاح وفقاً للطريقة التي تعرفه بها النخبة. ويرفض الذين يقاومون الركوع أمام أصنام الثقافة الجماهيرية ونخب السلطة. إنهم لا يحاولون أن يصبحوا أثرياء. وهم يقبلون بأنك عندما تقف إلى جانب المقموعين، فستتم معاملتك كمقموع
معظم أولئك الذين يقاومون – سيتينغ بَل؛ وايما غولدمان؛ ومالكولم إكس؛ ومارتن لوثر كينغ- هزموا، على الأقل في الحسبة الباردة للقوي. وربما تكون أكثر أنواع المقاومة النهائية أهمية، كما يكتب كون، هي تلك التي "تقلب نظام القيمة في العالم". والأمل يظهر من رحم الهزيمة. ويقف أولئك الذين يقاومون، بغض النظر عن الكلفة، مع المصلوب. وهذه هي عظمتهم وقوتهم.
يزدري الذين يقاومون الدوافع المغوية للخضوع –المال، الشهرة، الجوائز، والمنح السخية، وعقود الكتب الضخمة، وأجور المحاضرات الضخمة، والمناصب الأكاديمية والسياسية المهمة، والمنابر العامة. فالثائر لا يُعرِّف النجاح وفقاً للطريقة التي تعرفه بها النخبة. ويرفض الذين يقاومون الركوع أمام أصنام الثقافة الجماهيرية ونخب السلطة. إنهم لا يحاولون أن يصبحوا أثرياء. وهم يقبلون بأنك عندما تقف إلى جانب المقموعين، فستتم معاملتك كمقموع
يزدري الذين يقاومون الدوافع المغوية للخضوع –المال، الشهرة، الجوائز، والمنح السخية، وعقود الكتب الضخمة، وأجور المحاضرات الضخمة، والمناصب الأكاديمية والسياسية المهمة، والمنابر العامة
.
يجعل قلب نظام القيمة في العالم الحرية ممكنة. وأولئك الذين يقاومون أحرار، ليس لأنهم يمتلكون العديد من الأشياء أو المناصب العالية، وإنما لأن لديهم قدر قليل جداً من الحاجات. إنهم يحطمون الأصفاد التي تُستخدم لاستعباد معظم الناس. وهذا ما يفسر خوف النخب منهم. إن النخب تستطيع سحقهم جسدياً، لكنها لا تستطيع شراءهم.
تحاول النخب القوية نزع المصداقية عن أولئك الذين يقاومون. إنها تجبرهم على المعاناة للحصول على دخل. وتدفعهم إلى هوامش المجتمع. وتشطبهم من السرد الرسمي. وتنكر عليهم رموز المكانة. وتستخدم الطبقة الليبرالية المنصاعة لوصفهم باللاعقلانية واليوتوبية.
من الناحية الأساسية، ليست المقاومة سياسية. إنها ثقافية. إنها عن إيجاد المعنى والتعبير في المتسامي وفي تناقضات الحياة. والموسيقى والشعر والمسرح والفن تديم المقاومة عبر منح التعبير لنبل الثورة ضد القوى الجامحة، أي ما دعاه اليونانيون القدامى "الفورتونا"، والتي لا يمكن أن يتم التغلب عليها في نهاية المطاف. ويحتفي الفن بحرية وكرامة أولئك الذين يتحدَّون الشر الماكر. وليس النصر حتمياً، أو على الأقل ليس الانتصار كما يُعرِّفه القوي. لكنننا مع كل عمل ثوري نكون أحراراً. وكانت النزاهة الخام لموسيقى البلوز، والأناشيد الروحية وأغاني العمل هي التي جعلت ديمومة الأفارقة الأميركيين أمراً ممكناً.
القوة سم. ولا يهم من هو الذي يمارسها. ولهذا السبب يتم اعتبار الثائر زنديقاً أبدياً. إنه لن ينسجم مطلقاً مع تقاطيع أي نظام. ويقف الثائر مع الذين لا حول لهم. وسوف يكون دائماً هناك أناس لا حول لهم. وسوف يكون هناك دائماً ظلم وجور. وسوف يكون الثائر دائماً خارجياً.
تتطلب المقاومة يقظة داخلية. واللحظة التي لا يعود فيها القوي خائفا اللحظة التي ينطفئ فيها وهج الشعب وتتخلى فيها الحركات عن يقظتها؛ وفي اللحظة التي تكون فيها النخب الحاكمة قادرة على استخدام الدعاية والرقابة لإخفاء أهدافها، ستكون هي اللحظة التي تتراجع فيها المكاسب التي حققها المقاومون. وقد تم تجريدنا على نحو ثابت من كل شيء كان ينظّم الرجال والنساء العاملين –الذين نهضوا للتحدي، وإنما جرى تطهيرهم وشيطنتهم وقتلهم على يد النخب الرأسمالية- وما تحقق في "الصفقة الجديدة". كما تم نقض الانتصارات التي حققها الأفارقة الأميركيون، الذين دفعوا دماءهم وأجسادهم لجعل "المجتمع الكبير" ممكناً ولإنهاء التفرقة العنصرية.
لا تعرض دولة الشركات أي مظهر لمعالجة عدم المساواة المجتمعية أو التفوقية البيضاء. وهي تمارس سياسة الثأر والانتقام. وتستخدم الإكراه والتخويف والعنف وإرهاب الشرطة والسجن الجماعي كأدوات للسيطرة الاجتماعية. لذلك، يجب أن يعاد بناء خلايا المقامة لدينا من الصفر.
مع ذلك، تعاني دولة الشركات من مشكلة. إنها بلا مصداقية. وكل وعود "السوق الحرية" والعولمة واقتصادات انسياب التأثير، تكشفت كلها كأكاذيب، وكأيديولوجيا فارغة لتغذية الجشع. ولا تتوافر النخب على حجة مضادة لمنتقديها المعادين للرأسمالية والإمبريالية. وتشكل محاولة تحميل اللوم عن الانشقاق الانتخابي في كلا الحزبين السياسيين الحاكمين في الولايات المتحدة، على كاهل التدخل الروسي، وليس بسبب المساواة المجتمعية -الأسوأ في العالم الصناعي-يشكل ذلك مسعى بائساً. ويعمل المتملقون في صحافة الشركات بشكل محموم، ليلاً ونهاراً، لصرف أنظارنا عن الحقيقة والواقع. وستكون اللحظة التي تجبر فيها النخب على الإقرار بأن عدم المساواة المجتمعية هي السبب وراء استيائنا وامتعاضنا هي اللحظة التي تجبر فيها على الاعتراف بدورها في هندسة اللامساواة هذه. وهذا ما يخيفها.
أصبحت الحكومة الأميركية الخاضعة لسلطة الشركات شيئاً يستحق الازدراء. فآخر آثار حكم القانون تتبخر. والكليبتوقراطيون ينهبون وينهبون مثل القطعان البربرية. ويجري تفكيك البرامج التي تم تأسيسها لحماية الصالح العام -التعليم العام والرفاه والمنظمات البيئية. والجيش المنتفخ، الذي يمتص نخاع الأمة، عصي على المساس. وأصبح الفقر كابوساً لنصف السكان. ويجري إطلاق النار على الفقراء الملونين في الشوارع بستار من الحصانة. ونظام السجون لدينا، الأضخم في العالم، مليء بالمشردين. ويترأس الفوضى العارمة والتقاعس عن العمل رئيس يعرض لنا –بينما يتم سلبنا- وسيلة غريبة لتشتيت الانتباه بعد أخرى، على نحو يشبه كثيراً حورية فيجي في عمل بارنوم - رأس وجسد قرد موصولان بذيل سمكة.
لا يوجد نقص في الفنانين والمفكرين والكتاب، من مارتن بوبر وجورج أورويل إلى جيمس بولدوين، الذين حذرونا من هذه الحقبة الدستوبية القادمة بسرعة. لكننا لم نستمع إليهم في عالم "ديزني لاند" الذي نعيش فيه، من الصور السمية اللامنتهية وعبادة الذات والأمية المقصودة. وسوف ندفع ثمن إهمالنا.
كان سيرين كيركيغارد قد قال أن فصل العقل عن العاطفة، والتعاطف، هو الذي نذر الحضارة الغربية إلى حتفها. لا دور "للروح" في المجتمع التكنوقراطي. ولذلك تقسّم المجتمع. وجرى محو مفهوم الصالح العام. ويجري الاحتفاء بالجشع. أصبح الفرد إلهاً. وأصبحت الصورة السلبية السوداء هي الحقيقية. ويجري التقليل من مكانة القوى الفنية والفكرية التي تجعل التسامي والتفاهم ممكناً، أو يتم تجاهلها بينما يتم الاحتفاء بالشهوات البارزة كشكل من أشكال الهوية والتعبير عن الذات. ويجري تعريف التقدم حصرياً على أنه التقدم التكنولوجي والمادي. ومن شأن هذه الحالة أن تخلق يأساً وقلقاً جماعياً يغذي ويتغذى بالوهج والضجيج والوعود الزائفة لأصنام ثقافة المستهلك. وكما فهم كيركيغارد، فإن السمة المحددة لليأس هي بالتحديد هذه: "عدم إدراك المرء كونه يائساً".
الذين يقاومون هم منتقدون للذات من دون توقف. وهم يسألون الأسئلة الصعبة التي تمنعنا عن طرحها الثقافة الجماهيرية التي تعد بالشباب الأبدي والشهرة والنجاح المالي –الغايات التي لا يمكن تحقيقها. ماذا يعني أن تولد؟ وماذا يعني أن تموت، وماذا يعني أن تعيش؟ ماذا يعني الموت؟ وكيف نعيش حياة ذات معنى؟ ما العدالة؟ ما الحقيقة؟ ما الجمال؟ وماذا يقول ماضينا عن مستقبلنا؟ وكيف نتحدى الشر المتطرف؟
يجعل قلب نظام القيمة في العالم الحرية ممكنة. وأولئك الذين يقاومون أحرار، ليس لأنهم يمتلكون العديد من الأشياء أو المناصب العالية، وإنما لأن لديهم قدر قليل جداً من الحاجات. إنهم يحطمون الأصفاد التي تُستخدم لاستعباد معظم الناس. وهذا ما يفسر خوف النخب منهم. إن النخب تستطيع سحقهم جسدياً، لكنها لا تستطيع شراءهم.
تحاول النخب القوية نزع المصداقية عن أولئك الذين يقاومون. إنها تجبرهم على المعاناة للحصول على دخل. وتدفعهم إلى هوامش المجتمع. وتشطبهم من السرد الرسمي. وتنكر عليهم رموز المكانة. وتستخدم الطبقة الليبرالية المنصاعة لوصفهم باللاعقلانية واليوتوبية.
من الناحية الأساسية، ليست المقاومة سياسية. إنها ثقافية. إنها عن إيجاد المعنى والتعبير في المتسامي وفي تناقضات الحياة. والموسيقى والشعر والمسرح والفن تديم المقاومة عبر منح التعبير لنبل الثورة ضد القوى الجامحة، أي ما دعاه اليونانيون القدامى "الفورتونا"، والتي لا يمكن أن يتم التغلب عليها في نهاية المطاف. ويحتفي الفن بحرية وكرامة أولئك الذين يتحدَّون الشر الماكر. وليس النصر حتمياً، أو على الأقل ليس الانتصار كما يُعرِّفه القوي. لكنننا مع كل عمل ثوري نكون أحراراً. وكانت النزاهة الخام لموسيقى البلوز، والأناشيد الروحية وأغاني العمل هي التي جعلت ديمومة الأفارقة الأميركيين أمراً ممكناً.
القوة سم. ولا يهم من هو الذي يمارسها. ولهذا السبب يتم اعتبار الثائر زنديقاً أبدياً. إنه لن ينسجم مطلقاً مع تقاطيع أي نظام. ويقف الثائر مع الذين لا حول لهم. وسوف يكون دائماً هناك أناس لا حول لهم. وسوف يكون هناك دائماً ظلم وجور. وسوف يكون الثائر دائماً خارجياً.
تتطلب المقاومة يقظة داخلية. واللحظة التي لا يعود فيها القوي خائفا اللحظة التي ينطفئ فيها وهج الشعب وتتخلى فيها الحركات عن يقظتها؛ وفي اللحظة التي تكون فيها النخب الحاكمة قادرة على استخدام الدعاية والرقابة لإخفاء أهدافها، ستكون هي اللحظة التي تتراجع فيها المكاسب التي حققها المقاومون. وقد تم تجريدنا على نحو ثابت من كل شيء كان ينظّم الرجال والنساء العاملين –الذين نهضوا للتحدي، وإنما جرى تطهيرهم وشيطنتهم وقتلهم على يد النخب الرأسمالية- وما تحقق في "الصفقة الجديدة". كما تم نقض الانتصارات التي حققها الأفارقة الأميركيون، الذين دفعوا دماءهم وأجسادهم لجعل "المجتمع الكبير" ممكناً ولإنهاء التفرقة العنصرية.
لا تعرض دولة الشركات أي مظهر لمعالجة عدم المساواة المجتمعية أو التفوقية البيضاء. وهي تمارس سياسة الثأر والانتقام. وتستخدم الإكراه والتخويف والعنف وإرهاب الشرطة والسجن الجماعي كأدوات للسيطرة الاجتماعية. لذلك، يجب أن يعاد بناء خلايا المقامة لدينا من الصفر.
مع ذلك، تعاني دولة الشركات من مشكلة. إنها بلا مصداقية. وكل وعود "السوق الحرية" والعولمة واقتصادات انسياب التأثير، تكشفت كلها كأكاذيب، وكأيديولوجيا فارغة لتغذية الجشع. ولا تتوافر النخب على حجة مضادة لمنتقديها المعادين للرأسمالية والإمبريالية. وتشكل محاولة تحميل اللوم عن الانشقاق الانتخابي في كلا الحزبين السياسيين الحاكمين في الولايات المتحدة، على كاهل التدخل الروسي، وليس بسبب المساواة المجتمعية -الأسوأ في العالم الصناعي-يشكل ذلك مسعى بائساً. ويعمل المتملقون في صحافة الشركات بشكل محموم، ليلاً ونهاراً، لصرف أنظارنا عن الحقيقة والواقع. وستكون اللحظة التي تجبر فيها النخب على الإقرار بأن عدم المساواة المجتمعية هي السبب وراء استيائنا وامتعاضنا هي اللحظة التي تجبر فيها على الاعتراف بدورها في هندسة اللامساواة هذه. وهذا ما يخيفها.
أصبحت الحكومة الأميركية الخاضعة لسلطة الشركات شيئاً يستحق الازدراء. فآخر آثار حكم القانون تتبخر. والكليبتوقراطيون ينهبون وينهبون مثل القطعان البربرية. ويجري تفكيك البرامج التي تم تأسيسها لحماية الصالح العام -التعليم العام والرفاه والمنظمات البيئية. والجيش المنتفخ، الذي يمتص نخاع الأمة، عصي على المساس. وأصبح الفقر كابوساً لنصف السكان. ويجري إطلاق النار على الفقراء الملونين في الشوارع بستار من الحصانة. ونظام السجون لدينا، الأضخم في العالم، مليء بالمشردين. ويترأس الفوضى العارمة والتقاعس عن العمل رئيس يعرض لنا –بينما يتم سلبنا- وسيلة غريبة لتشتيت الانتباه بعد أخرى، على نحو يشبه كثيراً حورية فيجي في عمل بارنوم - رأس وجسد قرد موصولان بذيل سمكة.
لا يوجد نقص في الفنانين والمفكرين والكتاب، من مارتن بوبر وجورج أورويل إلى جيمس بولدوين، الذين حذرونا من هذه الحقبة الدستوبية القادمة بسرعة. لكننا لم نستمع إليهم في عالم "ديزني لاند" الذي نعيش فيه، من الصور السمية اللامنتهية وعبادة الذات والأمية المقصودة. وسوف ندفع ثمن إهمالنا.
كان سيرين كيركيغارد قد قال أن فصل العقل عن العاطفة، والتعاطف، هو الذي نذر الحضارة الغربية إلى حتفها. لا دور "للروح" في المجتمع التكنوقراطي. ولذلك تقسّم المجتمع. وجرى محو مفهوم الصالح العام. ويجري الاحتفاء بالجشع. أصبح الفرد إلهاً. وأصبحت الصورة السلبية السوداء هي الحقيقية. ويجري التقليل من مكانة القوى الفنية والفكرية التي تجعل التسامي والتفاهم ممكناً، أو يتم تجاهلها بينما يتم الاحتفاء بالشهوات البارزة كشكل من أشكال الهوية والتعبير عن الذات. ويجري تعريف التقدم حصرياً على أنه التقدم التكنولوجي والمادي. ومن شأن هذه الحالة أن تخلق يأساً وقلقاً جماعياً يغذي ويتغذى بالوهج والضجيج والوعود الزائفة لأصنام ثقافة المستهلك. وكما فهم كيركيغارد، فإن السمة المحددة لليأس هي بالتحديد هذه: "عدم إدراك المرء كونه يائساً".
الذين يقاومون هم منتقدون للذات من دون توقف. وهم يسألون الأسئلة الصعبة التي تمنعنا عن طرحها الثقافة الجماهيرية التي تعد بالشباب الأبدي والشهرة والنجاح المالي –الغايات التي لا يمكن تحقيقها. ماذا يعني أن تولد؟ وماذا يعني أن تموت، وماذا يعني أن تعيش؟ ماذا يعني الموت؟ وكيف نعيش حياة ذات معنى؟ ما العدالة؟ ما الحقيقة؟ ما الجمال؟ وماذا يقول ماضينا عن مستقبلنا؟ وكيف نتحدى الشر المتطرف؟
الذين يقاومون هم منتقدون للذات من دون توقف وهم يسألون الأسئلة الصعبة التي تمنعنا عن طرحها الثقافة الجماهيرية التي تعد بالشباب الأبدي والشهرة والنجاح المالي –الغايات التي لا يمكن تحقيقها
إننا في قبضة ما وصفه كيركيغارد بـ"المرض المفضي للموت" -خدران الروح بسبب اليأس الذي يقود إلى المهانة المعنوية والفيزيائية. وقال كيركيغارد إن أولئك الذين تحكمهم المجردات العقلية والفكر المتعالي هم إناس فقراء، تماماً مثل أولئك الذين يعتنقون مذهب المتعة ويشتهون السلطة والعنف والاغتصاب الجنسي. إننا نحقق الخلاص عندما نقبل بعوائق الجسد والروح ومحدوديات الإنسان، لكننا نسعى على الرغم من هذه المحدوديات إلى عمل الخير. وتتركنا هذه الأمانة المحرقة، التي تعني أننا نوجد دائماً على حافة اليأس، في "خوف وارتجاف"، وفق كلمات كيركغارد. إننا نكافح حتى لا لنكون بهيميين، بينما نعترف بأننا لا نستطيع أن نكون ملائكة. يجب علينا أن نعمل ثم نطلب المغفرة. ويجب علينا أن نكون قادرين على رؤية وجوهنا نفسها في وجوه مضطهدينا.
لم يستخدم اللاهوتي بول تيليش كلمة "خطيئة" لتعنى الفعل غير الأخلاقي. وإنما عرف الخطيئة، مثل كيركيغارد، بأنها ضرب من الاغتراب. وبالنسبة لتيليش، فإنها ورطتنا الوجودية الأعمق. كانت الخطيئة انفصالنا عن القوى التي تعطينا المعنى المطلق والهدف في الحياة. ويكرس هذا الانفصال التحييد والقلق وعدم وجود معنى ومشاعر اليأس التي تفترس الثقافة الجماهيرية. وطالما بقينا نطوي أنفسنا للداخل، ونتبنى فردية مفرطة في الفساد والتي تتميز بالأنانية والنرجسية، فإننا لن نتغلب على هذا الاغتراب. وسوف ننفصل عن أنفسنا وعن الآخرين وعن المقدسات.
ليست المقاومة محصورة في محاربة قوى الظلام. إنها تتصل بأن يصبح الإنسان كلاً متكاملاً. وهي تتصل بالتغلب على الاغتراب. وتتعلق بالقدرة على الحب. وهي عن احترام المقدس وعن الكرامة وعن التضحية والشجاعة وأن تكون حراً. المقاومة ذروة الوجود البشري
ترجمة عبدالرحمن الحسيني
الغد