سفر التكوين
(يا رب افتح شفتي، فيخبر فمي بتسبيحك، لأنك لا تسر بذبيحة وإلا فكنت أقدمها).
مزمور 51 من الإنجيل
(وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ* إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ* وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ*)
سورة الصافات
هكذا عرفت الأديان السماوية فكرة شعيرة الأضحية، وهي في الإسلام شعيرة مهمة يفتدي بها المسلم ويتقرب بها إلى ربه ويوسع بها على الناس، لذا فقد كانت سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وحث عليها للقادر، وكان يضحي عن الفقراء، ولما كانت الأضحية اقرب إلى رب العباد فإن لها شروط يجب أن تتوفر فيها، بأن تكون :
- أن تكون الأضحية من بهيمة الأنعام .
- أن تبلغ السن المحدد شرعاً.
- أن تكون خالية من العيوب كالعور والعرج والمرض والهزال.
- أن تكون ملكاً للمضحي.
- أخيرا، أن يتم التضحية بها في الوقت المحدد.
راع المسلمون، في يوم عرفة، هجوم قوات الحزام الأمني ضد الحكومة والشرعية اليمنية وسيطرتها على القصر الرئاسي في عدن، إيذانا بسقوط العاصمة المؤقتة للحكومة الشرعية والشعب اليمني، هذه المدينة التي تعد رمزا للثورة اليمنية، بعد أن ارتضى كل حر في اليمن أن تكون عاصمة الجمهورية، إثر سقوط صنعاء العاصمة الأولى في يد ميليشيا الحوثي، بعد خيانة لا يمكن أن يبرأ منها الجيران.
أن يضحي ابن زايد بعدن في يوم عرفة لن يتقبله رب العباد، وإن تقبله رب طهران، ذلك لأن شروط الأضحية لم تتحقق، فأضحية ابن زايد التي تقرب بها إلى طهران لم تكن من بهيمة الأنعام
قوات الحزام الأمني هي ميليشيا تشكلت بالأساس بمعرفة الإمارات بعد دخولها لليمن، حيث اتخت تلك الميليشيات من جنوب اليمن مقرًا لها، ونشطت في عدن ولحج وأبين، وتحظى بدعم من المجلس الانتقالي الجنوبي، وتمول من الإمارات، حتى أن أفرادها يرفعون علم الأخيرة في كل مناسبة، إظهارا لولائهم المطلق لها، ولا عجب فالتمويل والتدريب وحتى التخطيط إماراتي، وعلى الرغم من أن هذه الميليشيا لا تحظى بقبول شعبي إلا أن الإمارات استطاعت أن تجند 90 ألف فرد من الجنوب، مستغلة فقر وعوز اليمنيين الذين أنهكتهم حرب ابتدأها التحالف على وعد بإنهائها خلال أسابيع فاستمرت سنوات ولا تزال.
إسقاط العاصمة المؤقتة للثورة اليمنية هدف سعت إليه كل من السعودية والإمارات من أول يوم اندلعت فيه الثورة، فأسقطوا صنعاء، ولم يتوقفوا، فالهدف الثورة لا المدن والعواصم، لكن لمصلحة من يراد إسقاط عدن؟
لا شك أن سقوط عدن وإظهار ضعف الحكومة الشرعية، التي من المفترض أن تمثل الثورة، كانت رسالة للثوار وهدية لإيران، التي اتفقت الإمارات معها أن تجنبها صواريخ الحوثيين، مقابل إسقاط الحكومة الشرعية وإجلاس الانقلابيين الحوثيين على طاولة تقاسم السلطة في اليمن، في سيناريو لبننة اليمن، لتصدق مقولة النائب الإيراني رضا زاكاني في حكم بلاده لأربع عواصم عربية، لكن الآن بشكل شرعي يصدق عليه المجتمع الدولي، بعد اتفاق سلام يوقعه الثوار مرغمين.
أن يضحي ابن زايد بعدن في يوم عرفة لن يتقبله رب العباد، وإن تقبله رب طهران، ذلك لأن شروط الأضحية لم تتحقق، فأضحية ابن زايد التي تقرب بها إلى طهران لم تكن من بهيمة الأنعام، فمن ضحى بهم من خيرة البشر، أحرارا يفهمون أصل الصراع وأدواته، كما أن أضحيته لن تقبل لأن اضحية ابن زايد لم تكن خالية من العيوب فقاصفاته وطائراته خلال أربع سنوات تقطع أطراف اليمنيين وشظايا قنابله تفقأ عيونهم، وحصارهم أصابهم بالهزال بعد المجاعة الناتجة عنه.
بقي اختيار توقيت تضحيت ابن زايد بعدن، حيث اختار توقيتا جهنميا ينشغل العالم الإسلامي بالدعاء في هذا اليوم العظيم من أيام الله، لكن الله قد سلط ابن زايد على نفسه، فذلك اليوم العظيم الذي تتقبل فيه الدعوات، لا أظن أن أقل من نصف مليار مسلم من مليار ونصف مسلم قد رفعوا أكف الضراعة داعين على كل ظالم مقطع أوصال هذه الأمة.