أعتاد الحوثيون اللعب على وتر المصطلحات الدينية والسياسية والقانونية، واستغلال الفرص في تمرير كثير من الأفكار والمغالطات التي لاصقت سلوكهم العام، منذ بروزهم للحياة السياسية كجماعة متمردة 2004م على الدولة، وحتى دخولهم معترك السياسة ضمن الإطار المليشاوي ما بعد ثورة 11 فبراير / 2011م.
تضاعف مد التلاعب بالمصطلحات أثناء مؤتمر الحوار الوطني الشامل، والسبب يعود إلى تسليط الإعلام المحلي والدولي عليهم، ومتابعة سلوكهم الجديد الطارئ على الحياة السياسية برمتها، وهي اللحظة التي كانت الجماعة تعمل ضمن فريق بواجهة مدنية.
مع الانقلاب على العاصمة صنعاء 2014م وما ترتب عليه من اسقاط الدولة والانقلاب على مخرجات الحوار الوطني بدأت تتكشف كثير من النوايا، ورغم أن القلة من المتابعين لمسيراتها بدأ لديهم معرفة لسلوكهم العام، فقد كانت خمس سنوات لاحقة كافية لمعرفة الحقائق على نطاق أوسع.
"الدفاع عن النفس"
أبان الحروب الست التي شنتها الدولة ضد التمرد بصعدة (يونيو/ حزيران 2004م – فبراير/ شباط 2010م) برز حديث الجماعة المتكرر حينها "حربنا دفاع عن النفس" وتحت هذه العبارة التهم الحوثيون سلاح الدولة، وقتل العشرات من ضباط وجنود الجيش والآمن، ومارسوا انتهاكات مروعة بحق المواطنين وأبناء القبائل، وجاء التدخل الخارجي وأطل بقرونه تحت هذا المصطلح، بل أخفى حقيقة التمرد ودوافعه السياسية والتاريخية.
مصطلح الثورة.!
تعرض مفهوم الثورة لتشويش – غير قليل – فالهبة الطائفية والمناطقية والسلالية التي قادتها الجماعة بإيعاز مباشر من الخارج إقليمي ودولي 2014م كانت ضمن سياق الثورة المضادة في توصيفها الطبيعي والموضوعي، وهنا: لا يوجد في التاريخ السياسي أن هناك ثورة قامت على أنقاض ثورة سابقة في ظرف سنوات لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، وبالتالي: التوصيف الدقيق أنها ثورة مضادة، وما يعزز ذلك أنها جاءت في سياق ثورات مضادة مماثلة استهدفت الربيع العربي في بلدان كمصر وليبيا وسوريا أيضاً.
"الدفاع عن الوطن"
هذا المصطلح تسبب في انتهاكات كثيرة طالت مختلف فئات الشعب اليمني، فقط استهدفت المحافظات والقرى والمناطق واحدة تلو الأخرى، ومساكن الناس تحت ذات المسمى، وهذا يضع جملة من الحقائق:
- أكثر من 70% من السكان ليسوا تحت سيطرة الحوثيين الفعلية، ونسبة كبيرة تزيد على النصف من المتواجدين تحت سيطرة الحوثيين – فعلياً - يرفضون سلوك الجماعة وغير معترفين بها، ولا بالطريقة التي تدير بها المناطق الخاضعة لسيطرتها، فما هو الوطن وما هي الشرعية التي عبرها يتم الدفاع عن الوطن؟!
- أن الانقلاب الذي جرى في سبتمبر/ أيلول 2014م، تسبب في كارثة مروعة على البلاد داخلياً واقليمياً، فقد خرج الرئيس من البلد، والحكومة ومجس النواب والسلك الدبلوماسي وأغلب السياسيين والمشايخ والصحفيين والناشطين والمثقفين والمفكرين، وجميع هؤلاء عبروا عن رفضهم لما جرى في البلاد، فيما كان القمع والضغط والعنف والترغيب هو السلوك الوحيد المعتمد الذي يعمل عبره من تبقى من السياسيين والناشطين والصحفيين في الداخل...).
"المرتزق"
يطلق الحوثيون بخفة لا حدود لها صفة "المرتزق" على خصومهم السياسيين، والذي يعني " كل شخص يقوم بأي عمل بمقابل مادي بغض النظر عن نوعية العمل أو الهدف منه" وهذا التعريف ينطبق حرفياً على طبيعة الكتائب والمقاتلين الذين يتم دفعهم للجبهات ضمن المناطق التي يسيطرون عليها، فرواتب الموظفين متوقفة منذ سنوات، ولم يعد من باب للحصول على المال سوى باب التجنيد الإجباري، فالقتال مقابل المال.
"إعلان دستوري"
في 6 فبراير/شباط 2015م أعلن الحوثيون عن إعلان دستوري يتضمن حل البرلمان، وتشكيل مجلس وطني انتقالي، ومجلس رئاسي من خمسة أعضاء، وذلك لتنظيم الفترة الانتقالية التي حددتها اللجنة بعامين عقب انقلاب الحوثيين على السلطة، وهذه المغالطة لم تصمد كثيراً، فعاد مبنى مجلس النواب بصنعاء يجمع من تبقى من النواب الموالين أو الخاضعين لسيطرتهم للانعقاد، والمجلس الوطني عبارة عن مجرد غطاء وبقي مسمى يردد على وسائل الإعلام فقط، وبقيت صنعاء تدار من قبل اللجنة الثورية ومشرفين معيين من الجماعة خارج هذا التوصيف.