لكن الرياض وأبو ظبي –تتابع الكاتبتان- وجدتا فرصة في تعزيز مصالحهما الإستراتيجية في القرن الأفريقي: إبقاء إيران بعيدة عن البحر الأحمر، وتقويض طموحات قطر وتركيا الإقليمية، والاحتفاظ بقوات سودانية إلى جانبهما في الحرب باليمن، وفق مسؤولين خليجيين ودبلوماسيين غربيين.
لكن المحتجين السودانيين الذين يطالبون بحكومة مدنية التفتوا إلى التحركات الأخيرة، فحملوا لافتات تحذر الرياض وأبو ظبي من "أنكما لن تتحكما بمستقبلنا".
ففي غضون أيام من استبدال الرئيس عمر البشير بحكم عسكري، قدمت الدولتان (السعودية والإمارات) حزمة مساعدات بقيمة 3 مليارات دولار للمساعدة في عملية الانتقال السياسي.
ويأتي هذا الدور الخليجي -يقول المقال- بعد سنوات بدا فيها البشير حليفا متقلبا مع السعوديين والإماراتيين يتودد لهم لأجل المال لكن دون إبداء الولاء الكامل لهم في تعاطيهم مع السياسة والشؤون الإسلامية، وعندما توجه البشير إلى الخليج طالبا المساعدة المالية لمواجهة الاحتجاجات قوبل بالرفض.
لكن الرياض وأبو ظبي الآن تجدان وجوها ودودة في القيادة الجديدة المتمثلة في المجلس العسكري الانتقالي الذي يرأسه عبد الفتاح البرهان والذي تولى قيادة نشر نحو عشرة آلاف جندي سوداني في اليمن لحماية القوات الإماراتية.
ويشير المقال إلى أن الاهتمام الإماراتي والسعودي في السودان ليس بالأمر الجديد، فالدولتان استثمرتا في هذا البلد بتقديم ما لا يقل عن 3.6 مليارات دولار منذ 2016 -وفق البنك المركزي السوداني- كمكافأة للسودان على ابتعاده عن الحليف التقليدي إيران.
كما أن السعودية والإمارات تتطلعان إلى حماية استثمارات زراعية تقدر بعشرات مليارات الدولارات في الأراضي السودانية لإنتاج القمح والحبوب وجلبهما للاستهلاك المحلي.
وفي الشمال الأفريقي، وعدت السعودية اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر بملايين الدولارات لمساعدته في حربه ضد حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دوليا في طرابلس.
وفي الساحل الأفريقي الإستراتيجي، طورت دول الخليج قاعدة عسكرية ضخمة لتوفير الدعم اللوجستي في الحرب باليمن، حيث يقاتل التحالف بقيادة السعودية والإمارات الحوثيين، كما أن الإمارات تحتفظ بقاعدة عسكرية وميناء في أرض الصومال.
وتخلص الكاتبتان إلى أن التعاملات السرية بين دول الخليج وجنرالات السودان تؤكد أن السياسة وليس الاحتجاجات في الشوارع هي التي تحدد المرحلة المقبلة لهذه الدولة ذات الأهمية الإستراتيجية.