أوضحت عائلة الملاكم الراحل محمد علي كلاي أنه توفي جراء مضاعفات التهاب أصابه، واصفة اياه بأنه "صدمة انتانية (septic shock) نجمت عن أسباب طبيعية غير محددة".
وقد توفي كلاي المتوج بلقب بطل العالم بالوزن الثقيل، وأحد أعظم الشخصيات الرياضية في العالم، ليلة الجمعة/السبت في مستشفى فينيكس بولاية أريزونا.
وكان كلاي، 74 عاما، يعاني من مرض تنفسي، ضاعفت آثاره اصابته بمتلازمة باركنسون.
وستجري مراسيم تشييع جنازة الملاكم العالمي يوم الجمعة في مدينته، لويفيل، بولاية كنتاكي.
وقال المتحدث باسم العائلة بوب غونيل "لقد كان مواطنا عالميا ونريد للناس من مختلف مشارب الحياة أن يتمكنوا من حضور جنازته".
وسيشارك الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون في هذه المراسم بالقاء كلمة في تأبينه، وكان واحدا من عدد كبير من الشخصيات العالمية البارزة التي أبنت كلاي بكلمات رثاء السبت، قائلا إنه عاش حياة "ممتلئة بقناعات دينية وسياسية قادته إلى اتخاذ خيارات صعبة والعيش متحملا نتائجها".
وقال اسطورة كرة القدم، اللاعب البرازيلي بيليه، إن العالم الرياضي عانى من خسارة هائلة بغيابه.
وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن "محمد علي هز العالم، وبات العالم أفضل إثر ذلك".
وأوضح أوباما أنه يحتفظ في مكتبه الخاص في البيت الأبيض بقفازي الملاكمة الخاصين بكلاي و"صورة فوتغرافية شهيرة له عندما كان بطلا شابا بعمر 22 عاما وهو يزأر مثل أسد فوق الملاكم سوني ليستون الساقط على أرض الحلبة".
وشدد أوباما على القول إن كلاي "قاتل من أجلنا" وحيا وقوفه صامدا كما هي الحال مع أبرز دعاة الحقوق المدنية كمارتن لوثر كنغ ونيلسون مانديلا، إذ "تحدث عندما سكت الآخرون".
"رجل لم يبع أهله"
وكان كلاي ناشطا من أجل المساواة في الحقوق المدنية للسود، فضلا عن كونه بطلا عالميا في حلبات الملاكمة فاز فيها بـ 56 نزالا من بين 61 نزالا خاضها.
وقد أجاب مرة عن سؤال كيف يود للعالم أن يتذكره قائلا "كرجل لم يبع أبدا أهله، وإذا كان ذلك كثيرا (علي)، إذن مجرد ملاكم جيد".
بيد أن كلاي كان شخصية مثيرة للجدل والاستقطاب في الولايات المتحدة. ففي زمن الفصل العنصري في الستينيات انضم إلى جماعة "أمة الإسلام" التي رفضت المدخل الشمولي الذي قدمه قادة حركة الحقوق المدنية حينها كمارتن لوثر كنغ.
ووصفه الملاكم جورج فورمان الذي خسر لقب البطولة العالمي الذي يحمله بعد نزاله الشهير مع كلاي في كنشاسا عام 1974 بأنه أعظم انسان قابله في حياته.
مضيفا "إن وصفه بالملاكم فقط أمر غير عادل".
وقال الناشط في حركة الحقوق المدنية جيسي جاكسون إن محمد علي كان راغبا بالتضحية باللقب والمال من أجل مبادئه عندما رفض في عام 1967 الانخراط في الخدمة العسكرية إبان الحرب الفيتنامية.
وقد انتقد هذا القرار الكثير من مشجعيه الأمريكيين، كما جرد من لقبه وجمدت نشاطاته الرياضية في حلبات الملاكمة لثلاث سنوات.
"الأعظم"
فاز محمد علي، واسمه الحقيقي خيسوس مارسيلوس كلاي، بالميدالية الذهبية للملاكمة في الوزن الثقيل في أولمبياد روما عام 1960.
ولقب بالملاكم "الأعظم" وهو لقب اطلقه هو على نفسه بعد أن هزم سوني ليستون في عام 1964 ليفوز بأول لقب عالمي له، ثم اصبح أول ملاكم ينال لقب بطل العالم في الوزن الثقيل ثلاث مرات منفصلة.
وفي وقت نزاله مع ليستون، كان كلاي انضم إلى حركة "أمة الإسلام"، وهي حركة دينية تقول إن أهدافها: الارتقاء بالأوضاع الروحية والذهنية والاجتماعية والاقتصادية للأمريكيين من أصول افريقية في الولايات المتحدة.
وقد اعتنق كلاي لاحقا الديانة الإسلامية، رافضا اسمه السابق لأنه "اسم عبد"، ليحول اسمه في البداية خيسوس اكس ومن ثم إلى محمد علي.
وقد اعتزل كلاي الملاكمة في عام 1981 بعد أن خاض 61 نزالا فاز بـ 56 منها، انهى 37 منها بالضربة القاضية، وتوجته بي بي سي لاحقا بلقب "شخصية القرن الرياضية".
وقد تلقى كلاي أول هزيمة له أمام الملاكم جو فريزر فيما عرف "نزال القرن" في نيويورك في 8 آذار/مارس عام 1971، لكنه استعاد لقبه في نزال انتهى بالضربة القاضية في الجولة الثامنة أمام جورج فورمان (الذي كان فريزر قد خسر لقبه معه في عام 1973) في كينشاسا بزائير (جمهورية الكونغو الديمقراطية حاليا) في 30 اكتوبر/تشرين الأول 1974.
ونازل محمد علي فريزر مرتين أخريين وهزمه فيهما، كان النزال الثاني معه في نيويورك عام 1974، حيث أنهاه لصالحه في الجولة 12، وثم نازله للمرة الثالثة والأخيرة في الفلبين في الأول من اكتوبر/تشرين الأول عام 1975، وانتهى النزال بفوزه بالضربة القاضية في الجولة الأخيرة.
ودافع كلاي عن لقبه ست مرات قبل أن يخسر بالنقاط أمام ليون سبينكس في فبراير/شباط 1978، بيد أنه سرعان ما استعاد اللقب في نهاية العام نفسه وهو في السادسة والثلاثين من عمره، للمرة الثالثة في تاريخه.
وانتهت حياته المهنية بهزيمتين أمام لاري هولمز عام 1980 وتريفور بيربيك عام 1980، وكان الكثيرون يفضلون لو أنه اعتزل قبل ذلك.
وبعد اعتزال كلاي دارت شائعات بشأن وضعه الصحي، بسبب كلامه المتلعثم، ومشيته المتثاقلة، وهيئته المائلة للنعاس.
وفي نهاية المطاف، شخصت إصابته بمتلازمة الشلل الرعاش، مرض باركنسون، لكنه على الرغم من ذلك واصل ظهوره العلني وكانت الجماهير تحتفي به أنى حل.
وفي يناير/ كانون الثاني من عام 1986، غامر علي بصحته بخوض مباراة للملاكمة مع تيم ويذرسبون، على الرغم من أن الأطباء كانوا قد أبلغوه بأنه يعاني من مشاكل خطيرة في الكلى.
وأشعل كلاي شعلة الألعاب الأولمبية في اتلانتا عام 1996، كما حمل الراية الأولمبية في حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في لندن 2012.