بدأت، صباح اليوم الأربعاء،"مسرحية" الانتخابات التشريعية التي يجريها النظام السوري في المناطق التي يسيطر عليها في البلاد، والتي تشمل مراكز المدن في محافظات دمشق واللاذقية وطرطوس وحمص والسويداء وحماة، وبشكل جزئي في محافظات أخرى وهي حلب ودرعا ودير الزور، بينما خرجت محافظتان مع ريفهما عن نطاق سيطرته، وهما إدلب والرقة، فضلاً عن محافظة ريف دمشق التي تسيطر قوات المعارضة على معظمها.
ووسط إجراءات أمنية مشدّدة، فتح أكثر من 7 آلاف مركز انتخابي أبوابه لاختيار 250 عضواً في البرلمان (مجلس الشعب)، من أصل نحو 3500 مرشح بعد غربلتهم، حيث تقدم للمشاركة أكثر من 11 ألف مرشح.
وقالت السلطات، إنّه سيكون بإمكان النازحين الفارين مما سمته "المناطق الساخنة" التصويت في أماكن وجودهم. وتشمل هذه المناطق محافظات حلب وإدلب ودير الزور والرقة.
وقدرت السلطات عدد الناخبين المهجّرين من محافظة الرقة، بنحو 125 ألفاً في حين تجاوز عدد الناخبين المهجرين من أبناء محافظة إدلب 150 ألفاً، من دون أن يتم تحديد عدد مهجري محافظتي حلب ودير الزور. ومن بين ألفي صندوق اقتراع في دمشق، هناك 540 لمحافظات دير الزور والرقة وحلب وريفها وإدلب ودرعا.
وتدعي السلطات، أنه في الانتخابات السابقة عام 2012، كان هناك نحو 10 ملايين شخص يحق لهم المشاركة في الاقتراع، لكن نصفهم فقط أدلوا بأصواتهم. ومن المتوقع أن يكون عدد المشاركين أقل بكثير في هذه الانتخابات، بالنظر لاستفحال الحرب، وهجرة الملايين إلى خارج البلاد.
وتجري الانتخابات هذه المرة على أساس "التعددية الحزبية" وفق الدستور، الذي تم الاستفتاء عليه في فبراير/شباط عام 2012، حيث يشارك "حزب البعث" في الانتخابات في قائمة مستقلة سميت "الوحدة الوطنية"، ومن المتوقع أن تفوز بمعظم المقاعد، كما حصل في الانتخابات السابقة، حين شارك في قائمة "الجبهة الوطنية التقدمية"، التي تضم بعض الأحزاب الضعيفة التي تدور جميعها في فلك السلطة. وحصل "البعث" في الانتخابات السابقة على ثلثي مقاعد البرلمان، تاركاً للمستقلين 53 مقعداً.
وقد سمح للعسكريين في هذه الانتخابات أن يدلوا بأصواتهم على الهوية العسكرية في أقرب مركز انتخابي، لهم بعدما صدر أخيراً مرسوم تشريعي بتعديل المادة الخاصة بمنع العسكريين من الترشح إلى مجلس الشعب أو الانتخاب ليسمح لهم بالانتخاب فقط.
ويلاحظ أن العديد من قادة مليشيات الحرب رشحوا أنفسهم للانتخابات، بصفتهم مدنيين، على اعتبار أنهم لا يحملون رتباً عسكرية. كما أن هناك حضورا لافتا للفنانين والكتاب ممن انحازوا بشدّة للنظام في الأزمة الراهنة مثل الفنانين زهير رمضان، عارف الطويل، وأحمد اسكندر والمخرج نجدت أنزور.
كذلك، أدلى رئيس النظام بشار الأسد وعقيلته أسماء بصوتيهما، في مكتبة الأسد الوطنية الواقعة في ساحة الأمويين في وسط دمشق. وعلق الأسد على مشاركته للمرة الأولى وعقيلته بالاقتراع في الانتخابات التشريعية، مدعياً "ترانا نشارك اليوم عبر الإدلاء سوية بصوتينا وهي أول مرة نقوم بذلك كرئيس للجمهورية وعقيلته ومن الطبيعي أن نكون من المساهمين اليوم في هذا الاستحقاق كمواطنين سوريين يدافعون عن الاستحقاق الدستوري بكل ما يمثله الدستور بالنسبة لنا سواء كسوريَّيْن أو كسوريين".
وقالت السلطات، إنّها افتتحت مركزاً إعلامياً في فندق "الشيراتون" بدمشق، لمساعدة وسائل الإعلام على توفير "التغطية الإعلامية وتأمين كل التجهيزات ومعدات النقل للقنوات والإذاعات التي ستواكب هذا الاستحقاق الدستوري" .
ومن جهته، قال وزير إعلام النظام، عمران الزعبي، إنّ "إجراء انتخابات مجلس الشعب هو استحقاق دستوري منصوص عليه في الدستور، ولا بد من احترام الدستور كونه يعبر عن إرادة السوريين والمشاركة في الانتخابات رسالة إلى الداخل والخارج".
واعتبر الزعبي، في حوار مع التلفزيون الرسمي أن "العملية السياسية المطروحة لحل الأزمة في سورية قضية منفصلة عن الاستحقاق الدستوري، والدستور النافذ يبقى نافذاً حتى اللحظة التي يحل محلها دستور جديد".
ومن المتوقع، أن تكون الانتخابات الحالية هي الأخيرة التي تجري على طريقة النظام السوري إذا ما أتيح للعملية السياسية الجارية حالياً في جنيف أن تنجح، حيث من المقرر إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية جيدة في غضون 18 شهراً تحت إشراف دولي، وبمشاركة جميع القوى السياسية.