الخطة تؤكد ما ذكره سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت في الولايات المتحدة الامريكية أثناء لقائه مع الرئيس ترامب من أن دول الحصار خططت للتدخل عسكريا في قطر وأنه منع حدوث ذلك، وهو الأمر الذي صرح به لاحقا الرئيس الأمريكي ترامب بأنه تدخل لدى الإمارات والسعودية لمنعهما من القيام بعمل عسكري ضد قطر.
وذكر العطية، لصحيفة "ABC" الإسبانية، أن الآلاف من الجنود المرتزقة من شركة "بلاك ووتر" الأمنية الأميركية، التي غيّرت اسمها اليوم إلى شركة "أكاديمي"، يخضعون لتدريبات في دولة الإمارات بهدف غزو قطر. لكن لم تحظَ هذه الخطط بالدعم اللازم من قِبل البيت الأبيض وتم التخلي عنها.
مسار الخطة؟
ووفقاً لتصريحات العطية، تم الشروع في إعداد خطط الغزو، بقيادة السلطات الإماراتية، قبل إعلان الحصار الاقتصادي والدبلوماسي ضد قطر من قِبل دول الحصار التي ضمّت كلاً من السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين، منذ الخامس من شهر يونيو/حزيران 2017.
ومن المعروف أن سلطات أبوظبي قد استعانت بخدمات الشركة الأمنية الأميركية "بلاك ووتر" في عملياتها خلال الحرب باليمن كجزء من مشاركتها في التحالف العسكري الذي تقوده الرياض، بهدف كبح التمرد الحوثي بالبلاد.
وخلال الصيف، عانى مرتزقة "أكاديمي" نكسات عسكرية عديدة في اليمن؛ ما دفعهم إلى التخلي عن مواقعهم.
في المقابل، طلبت الإمارات خدمات هذه الشركة للقيام بمهمة تبدو أبسط من المهمة السابقة، والتي تكمن في غزو إمارة قطر الصغيرة والغنية، في سبيل الإطاحة بالأمير الحالي واستبداله بعضو آخر من العائلة الحاكمة يكون أكثر طواعية ومرونة أمام مصالح الإمارات والسعودية.
ووفقاً لمصادر رسمية، تم تدريب المرتزقة الأجانب في القاعدة الإماراتية العسكرية في ليوا، الواقعة غرب الإمارات، حيث أكدت المصادر ذاتها أن مرتزقة "بلاك ووتر"، قد قاموا بتدريب نحو 15 ألف مرتزق، معظمهم من كولومبيا وأميركا الجنوبية.
كيف تمت الصفقة ؟
وبحسب وثائق نشرتها نيويورك تايمز فقد وقعت الإمارات عقدا سريا في عام 2011 قيمته 529 مليون دولار مع شركة برنس الجديدة ريفلكس ريسبونسس لتشكيل كتيبة قوامها 800 من المرتزقة وبحسب الوثائق، يناط بهذه الكتيبة القيام بمهمات داخل وخارج الإمارات إلى أجل غير مسمى.
ومن مهامها حماية خطوط النفط والأبراج وقمع القلاقل الداخلية ويمكن استخدامها إذا ما قام العمال الأجانب باحتجاجات في معسكرات العمل أو إذا تم تحدي النظام بمظاهرات داعية للديمقراطية، وتصف إحدى الوثائق في العقد عمليات السيطرة الهادئة على الحشود في حال عدم تسلح الحشود بأسلحة نارية، ولكن تشكل خطراً بأسلحة مرتجلة مثل العصي والحجارة.
واستندت العلاقة بين الإمارات والشركة إلى العلاقة الوطيدة بين الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية، حيث حظيت الصفقة بدعم من إدارة الرئيس السابق باراك أوباما واستندت الشركة إلى قلة الخبرة العسكرية لدول الخليج للمضي قدما في إبرام الصفقة وقبول تنفيذ المهام التي تريدها أبوظبي وأن استعانة أبوظبي بالشركة أمر منطقي.
كما أن رغبة أبوظبي في إظهار القوة أمام الآخرين جعلتهم يلجأون إلى الشركة وتمت مباركة الصفقة بزيارة ولي عهد أبوظبي للبيت الأبيض ولقائه مع الرئيس أوباما آنذاك وتم تبرير ذلك أيضا بالوضع المتوتر بين إيران وجيرانها وأنه ستتم الاستعانة بالشركة لمواجهة النفوذ الإيراني المتنامي بالمنطقة، وتمت الاستعانة بموظفين سابقين في البيت الأبيض في مناصب قيادية في الشركة وتم التحيل على القوانين الأمريكية التي تمنع على العسكريين الأمريكيين تدريب عناصر خارج الولايات المتحدة الأمريكية بالحصول على تصريح من الخارجية الأمريكية وتمت مراعاة عدم الاستعانة بعناصر مسلمة في الشركة التي قد تضطر إلى قتال مسلمين إذا ما اقتضت الخطة.
ترامب ينأى بنفسه
وبعد اكتمال الخطة من جانب أبوظبي، كان يتعين على البيت الأبيض أن يوافق على هذه المخططات الجهنمية الأخيرة، لكن هذه الخطط لم تتمكن من الحصول على "الضوء الأخضر" النهائي من قِبل الرئيس ترامب.
مؤشر ترامب
وبمجرد اندلاع الصراع بين دول الخليج مطلع يونيو/حزيران 2017، كان ترامب قريباً جداً مما يحدث في الرياض، البلد الذي أخذ بزمام المبادرة واتهم قطر بالتعاون مع الإرهاب.
في المقابل، بدأ ترامب يبتعد شيئاً فشيئاً عن السعوديين، حتى إنه قدّم نفسه كوسيط بين الجانبين. لكن ذلك لم يكن عبثاً؛ بل نظراً إلى أن الولايات المتحدة تملك أكبر قاعدة عسكرية لها في قطر ولها مصالح اقتصادية كبيرة بالبلاد.
تغيير الاسم
صحيفة "ABC"، حاولت خلال هذا الأسبوع، الاتصال عبر وسائل مختلفة بمكاتب الأمن المركزية متعددة الجنسيات التابعة للولايات المتحدة الأميركية، لكنها لم تحصل على أي رد.
وقررت شركة "بلاك ووتر" تغيير اسمها على خلفية صدور العديد من التقارير في الصحافة العالمية حول الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون من قِبل موظفيها، خاصة خلال عملياتها التي شنتها في حربها على العراق، حيث عادةً ما يكون هؤلاء الموظفون عسكريين سابقين.
ويُذكر أن لمؤسس هذه الشركة الأمنية ومديرها التنفيذي، إريك دين برنس، علاقاتٍ كثيرةً بالبيت الأبيض حتى إنه تربطه علاقات شخصية مع المستشارين السابقين للرئيس، فضلاً عن كونه شقيق وزيرة التعليم التي عيّنها دونالد ترامب، بيتسي ديفوس.
جنسيات المرتزقة
كشفت عدة مصادر معلوماتية منذ يوليو/تموز 2017، عن وجود جنود عسكريين سابقين من كولومبيا، وجنوب إفريقيا، ومن جنسيات مختلفة في الإمارات، ليتم تدريبهم هناك من قِبل مدربين أميركيين، وبريطانيين، وفرنسيين، وأستراليين.
هذه التدريبات لم تكن تهدف سوى إلى الإعداد لعمليات عسكرية ستتكفل بها شركة "أكاديمي" في اليمن، بالنيابة عن حكومة أبوظبي، حسب صحيفة "ABC" الإسبانية.
الحصار لغز محير
وتوقفت الصيفة أمام أسباب الحصار الذي فرضته الإمارات والسعودية والبحرين ومصر ضد قطر وتنقل عن نائب رئيس مجلس الوزراء السابق، سعادة السيد عبدالله بن حمد العطية، الذي كان بدوره وزيراً للطاقة قوله: "بالنسبة لنا، لا تزال أسباب المقاطعة لغزاً محيّراً".
في المقابل، تقول الصحيفة أن التنافس التجاري والسياسي بين الدولتين قطر والإمارات، لا يعد أمراً غامضاً بالنسبة للعديد من المحللين في المنطقة، على الرغم من وجود العديد من النقاط المشتركة بينهما.
فكلاهما يتبنّى فكراً أكثر ليبرالية مقارنة بالسعودية، ولديهما تحالفات تجمعهما مع الولايات المتحدة الأميركية.