تحول الفرح إلى مآتم وأكتست المنطقة بحالة من الذهول جراء العدد الكبير للضحايا. ونقلت وكالة رويترز عن مدير المستشفى الجمهوري في حجة إنهم استقبلوا أربعين جثة معظمها تحولت إلى أشلاء، وإن هناك 46 مصابا بينهم ثلاثون طفلا.
وفيما كان أبناء المنطقة والمحافظة يلملمون آثار ركام الجثث المتفحمة ولم يكادوا يستفيقون من أثر الصدمة، فاجأتهم مقاتلات التحالف بمجزرة أخرى في مديرية عبس، حصيلتها 9 شهداء و23 جريحا.
تباينت أرقام الضحايا في كلا العمليتين، إذ عادة الأرقام المذكورة هنا هي الأقل تداولا في وسائط الإعلام.
وتعد ليلة الأحد الماضي، الأكثر دموية في محافظة حجة، ففي نفس الليلة، استشهد ستة مدنيين بينهم ثلاثة أطفال من أسرة واحدة في قصف لمقاتلات التحالف على منطقة الجر الزراعية بمديرية عبس.
وقبل ذلك قتل شخص مع زوجته و3 من أطفالهما، بغارتين استهدفت منزلهم بمنطقة الطين في عزلة بني العاتي في مديرية ميدي.
كعادته، خرج المتحدث باسم التحالف، العقيد تركي المالكي، ليؤكد ان التحالف بصدد مراجعة عملياته المنفذة وسيعلن نتائجه الأولية عند اكتمال المراجعة الشاملة والتدقيق العملياتي، وهي مفردات تكررت في بيانات التحالف عقب كل مجزرة.
لا يضاهي تكرار هذه المفردات، إلا الغارات الجوية المتكررة للتحالف على المدنيين في محافظة حجة، رغم الفارق المهول لجهة ما تشكله الثانية من مآسي وأرقام مفزعة في أعداد الضحايا.
يبدو ان ما يدفع المتحدث باسم التحالف للظهور ومحاولاته التخفيف من وطأة الجريمة، ليس سوى التداول الواسع للمجزرة وما تحظى به من حملات إدانة وإستنكار.
ففي مجرزة استهداف حفل الزفاف في محافظة حجة. طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بإجراء تحقيق سريع وشفاف بشأن غارات التحالف.
وكان غوتيريش قد وضع في العام الماضي، التحالف بقيادة السعودية على قائمة سوداء لمنتهكي حقوق الأطفال بعد اتهامه بالتسبب في قتل وتشويه الأطفال في اليمن.
لكن التحالف لا يأبه كثيرا لمثل هذه الادانات. ففي محافظة حجة على سبيل المثال، تصاعدت عمليات مقاتلاته الحربية ضد المدنيين، كما تشير بعض الاحصائيات.
ففي سبتمبر من العام الماضي، استشهد ستة مدنيين معظمهم نساء وأطفال، في قصف لطائرات التحالف على منزل بمديرية كشر.
وقالت مصادر محلية إن منزل المواطن محمد الزراعي تعرض لغارة جوية من طائرات التحالف، أدت الى استشهاد ثلاثة مواطنين، وإصابة ثلاثة اخرين بجروح.
وكان مدني قد استشهد وأصيب ستة آخرون إثر قصف مماثل للتحالف على مديرية كشر في وقت سابق من الشهر نفسه.
وفي أكتوبر من العام الماضي، استشهد أربعة مدنيين، بينهم أطفال بغارة جوية لطائرات التحالف العربي غرب محافظة حجة.
وقالت مصادر محلية، إن الغارة استهدفت منزل المواطن جيلان هادي جلحوف الواقع قرب إحدى مزارع الجر في مديرية عبس. وأضافت المصادر أن القصف الجوي تسبب باستشهاد ثلاثة أطفال، فيما نجت والدتُهم التي كانت خارج المنزل لحظة القصف.
وفي نوفمبر من العام الماضي، استشهد عدد من المدنيين وجرح ستة آخرون في غارة جوية للتحالف العربي استهدفت سوقا شعبية في مديرية عبس.
وأوضحت مصادر محلية أن الغارة تسببت بنشوب حريق في متجر لبيع المشتقات النفطية بالقرب من مزارع الجر في مديرية عبس، ما ضاعف عدد الضحايا.
وذكر شهود عيان أن غارة جوية استهدفت محلا تجاريا يملكه المواطن يوسف راجح بقرية السقف غربي المديرية والتي كان يتواجد فيها عدد كبير من المواطنين.
وأضافوا أن الغارة تسببت في استشهاد عدة مدنيين واصابة آخرين، حيث تم اسعافهم إلى مستشفى عبس الريفي الذي تديره منظمة أطباء بلا حدود وبعضهم في حالة خطرة.
كما استشهد أكثر من 30 مدنيا بينهم مسعفون في غارات جوية للتحالف على منزل المواطن حمدي علي ديك الجماعي بمنطقة هران بمديرية أفلح اليمن.
ومما ضاعف من المأساة، حين هرع مسعفون إلى المكان لإنقاذ الجرحى، وتكررت الغارات فسقطت أعداد كبيرة من الشهداء والجرحى، بينهم نساء وأطفال.
الشيء الوحيد الذي يقدمه التحالف حتى بعد تشكيل فريق مشترك لتقييم حوادث مجازره في اليمن هو التبرير لها. يتم التبرير للمجازر عبر إسقاط المسؤولية القانونية عنها نتيجة ما يعتبره اتخاذ مليشيا الحوثي المكان كثكنة عسكرية في كثير من الأحيان.
وفي مناسبة نادرة، اعترف الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن بمجزرة مروعة وقعت على مصنع لتعبئة المياه في محافظة حجة خلال العام 2015م.
وجاء الاعتراف متأخرا في أبريل من العام الماضي، حيث طالب الفريق المشترك من التحالف العربي الاعتذار وتقديم المساعدات لذوي المتضررين.
لكنه أيضا اعتراف لم يخل من المراوغة. واعتبر الخطأ غير مقصود. قال المتحدث باسم الفريق المشترك، منصور المنصور، ان الغارة أسفرت عن تدمير مصنع تعبئة مياه الشام ومقتل 14 عاملا وإصابة 11 آخرين بجراح.
وأضاف أنه بناء على معلومة استخباراتية تم استهداف مضادات أرضية محمولة كانت متوقفة بالقرب من المصنع، لكن الأحوال الجوية السيئة أدت إلى انحراف القنبلة وسقوطها على حظيرة المصنع.