التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، أبرم صفقات سرية مع بعض مقاتلي تنظيم القاعدة للانسحاب من مناطق رئيسية في المحافظات الجنوبية.
ليس ذلك فحسب، سمح التحالف لبعض المقاتلين الانسحاب مع سلاحهم ومعداتهم العسكرية وأموال طائلة منهوبة.
الأخطر، ما ذكرته الوكالة الأمريكية بأن صفقة التحالف السعودي الإماراتي تضمنت كذلك الاتفاق مع بعض مقاتلي القاعدة الانضمام إلى التحالف نفسه.
بحسب الصفقة، تقول الوكالة، تم الاتفاق على انضمام 250 من تنظيم القاعدة للحزام الأمني القوة المدعومة إماراتيا. ماذا يعني هذا؟.
هذه الصفقات مسرحها المحافظات الجنوبية، وسبق للقنوات الاعلامية التابعة للتحالف الاعلان عن تحقيق انتصارات وهمية على عناصر القاعدة في محافظات شبوة وحضرموت وأبين خلال الفترة الماضية.
ولم تستبعد المصادر الاعلامية والمحلية حينها من وجود صفقة ما سمحت بتلك الانسحابات المفاجئة لعناصر القاعدة.
الامر يتعدى البحث عن انتصارات سهلة. تعتمد استراتيجية التحالف والتي كشفتها الاحداث الماضية العبث كي يتسنى لقواته السيطرة على المنافذ والجزر الاستراتيجية والمواقع الحيوية.
وبدا خلال الفترة الماضية وكأن المهمة الاساسية للتحالف ليس استعادة الشرعية في اليمن وإنما زراعة ألغام في طريق العودة للأوضاع الطبيعية.
في المحافظات الجنوبية تحديدا، دعم التحالف إنشاء كيان المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو تجمع سياسي يسعى للانقلاب على السلطة الشرعية ويشكل تهديدا جديا لمصالح الجنوبيين أنفسهم رغم تعبيراته العاطفية عن الاستقلال وتقرير المصير.
قاد في يناير الماضي، أولى محاولات الانقلاب على السلطة في عدن وسقط على إثرها قتلى وجرحى ولا يزال يشكل تهديدا حقيقيا في وجه السلطة الشرعية لتطبيع الأوضاع العامة.
لا تستفيد القاعدة من الفوضى، والتي درجت عدة تقارير غربية لوصف ما يجري في اليمن. بات هناك من يرعى هذه الفوضى ويعمل على تسمينها لكي تنفجر في أرض الجنوب.
وتعيد هذه الاستراتيجية إلى الأذهان النموذج الذي اتبعه نظام صالح مع القاعدة. كان يستخدم نفس الأسلوب بهدف استجلاب الدعم الأمريكي.
لكن المفارقة الجديدة هنا والتي أشار إليها التقرير ان الولايات المتحدة الأمريكية على علم بالترتيبات التي أجريت لعقد الصفقة بين التحالف وتنظيم القاعدة.
وبعيدا عن أهداف كل طرف لإستخدام هذه الورقة للتوظيف. اليمن كمسرح للأجندات المتضاربة هو المتضرر الأكبر والمحافظات الجنوبية بشكل خاص.
وسبق ان كشفت تقارير صحفية عن تمويل الإمارات جماعات مسلحة متعددة في الجنوب بالمال والسلاح وتسرب بعض هذه الأسلحة للقاعدة.
وذكر مسؤول يمني لجريدة "القدس العربي" ان دولة الإمارات وزعت أسلحة على تنظيمات وجماعات مسلحة مختلفة في الجنوب لغرض إطالة أمد النزاع.
موضحا ان الإمارات أعطت أسلحة لمجاميع سلفية وللحزام الأمني، محذرا من أن أبوظبي تريد أن يكون اليمن على شاكلة النموذج الليبي، بتفريخ جماعات مسلحة متصارعة لتبقى هي الطرف الأقوى.
وقال ان معارك الإمارات في الجنوب ضد تنظيم القاعدة هي معارك وهمية، حيث ينسحب التنظيم قبل دخول القوات التابعة للإمارات، ويختفي معظم عناصره من المشهد، ويتم السماح لهم بالانسحاب بعرباتهم العسكرية إلى الجبال أو الصحراء، دون استهداف، كما حصل في شبوة وحضرموت.
وكشف تقرير سري للجنة من الخبراء الأمميين في اليمن، أن الإمارات ساعدت على تمويل جماعات وشخصيات في اليمن لها علاقة مع تنظيم القاعدة.
كما ساعدت بشكل مباشر على تطوير نفوذهم خلال الحرب، إضافة إلى ممارستها انتهاكات غير قانونية.
وأكد التقرير، تمويل الإمارات والسعودية لمليشيات ومجموعات مسلحة لا تتبع لسيطرة الحكومة الشرعية. وعلى سبيل المثال، أشار التقرير إلى جماعة أبو العباس في تعز، وهو سلفي يتم تمويله من دولة الإمارات.
بالنسبة للقاعدة، يختلف هذه اللغم الذي يتم زراعته في وجه السلطات الشرعية والدولة الاتحادية الموعودة عن بقية الألغام، فانفجاره سينتج بقعة دم كبيرة تغطي أرض الجنوب.
وستتعرض هذه البقعة لوصمة العار في معظم التقارير الغربية كبيئة حاضنة وملاذ آمن للقاعدة، فضلا عن جرائم ومذابح وحشية، وهي عادة المناطق الموبوءة بمثل هذه التنظيمات المتشددة.