لا يرى إبراهيم ما يغريه في التردد على الحدائق العامة بعد أن تمددت مساحات اليابسة واختلط هوائها بالأتربة.
خلال سنوات، تحولت الحدائق العامة والمتنفسات العامة إلى أماكن غير خضراء بسبب إهمال وعبث جماعة الحوثي التي لا تعير اهتماما بكل ما يتعلق بالجوانب الترفيهية وتسعى لتخريب كل ما هو جميل، بحسب ما يؤكد إبراهيم لـ " بلقيس " .
ويتفق معه شوقي السعيدي الذي لا يذهب إلى الحدائق إلا في الأعياد بعد ضغط شديد من أطفاله ، ويرى أن غياب الاهتمام والتعامل بلا مسئولية من قبل إدارات الحدائق وحكومة الأمر الواقع جعل المتنفسات العامة تفرغ من جوهر وجودها.
ويقول السعيدي لـ " بلقيس " الذهاب إلى الحدائق يحتاج إلى موازنة لأجور المواصلات وتذاكر آلعاب ومصاريف أخرى ، وعند الوصول إلى الحديقة لا تجد مكان تجلس فيه أسرتك ولا تحس أنك حققت هدفك من الزيارة.
استغلال
يشعر الزائر للحدائق العامة أنها تحولت إلى جبهات قتال فلم تعد فيروز وأليسا ونانسي يصدحن بأغاني الحب والفرح ، وتحولت الألحان الجميلة إلى زوامل تتغنى بالموت والدماء والحرب.
تنتشر مصطلحات القتل والدمار والصرخة استغلالا للمتنزهات واستخدامها في أجندات التوجيه المعنوي لتكريس أفكار الجماعة.
لكن على الرغم من التصحر والاستغلال ما تزال زهرة الفقيه تتردد على الحدائق في فترات متباعدة برفقة أطفالها فلا مكان آخر تهرب إليه من ضغوط المنزل والأولاد .
المرأة أكثر احتياجاً للتنفيس عن النفس والاستجمام لبقائها حبيسة البيت فترات طويلة لكن لا توجد متنزهات حقيقية في صنعاء.
تُشعر الأسرة بالراحة ويستمتع الأطفال بوقتهم ويأخذوا حريتهم ، وتبقى الزيارة عمل روتيني لعدم توفر خيارات أخرى، كما تقول الفقيه لـ " بلقيس "
وتضيف ما جدوى الحديقة إذا خلت من المساحات الخضراء والأزهار والأشجار الجميلة والمناظر التي تنعش النفس وتجعل الزائر يشعر بالارتياح والتجديد.
بحسب بيانات الإدارة العامة للحدائق والمتنزهات، تمتلك أمانة العاصمة 62 حديقة عامة وحديقة أحياء ، وتستقبل خلال الإجازات العيدية ما يزيد عن مليوني زائر.
لكن السعيدي يرى أن الحدائق المؤهلة لاستقبال الزوار أقل من هذا العدد والكثافة السكانية التي تكتظ بها صنعاء تتطلب توفير متنزهات وحدائق أكثر وليس إهمال الحدائق المتواجدة .
ويشير إلى ندرة الأشجار الخضراء والافتقار للتخطيط الجيد ما يجعل الأسرة تقضي معظم وقتها تبحث عن مكان شاغر أو شجرة تظللها خاصة خلال الأعياد.
إهمال متعمد
وعلى الرغم من غزارة الأمطار في الموسم الحالي إلا أن المساحات الخضراء محدودة والمساحة الخضراء تتقلص بسبب عدم استزراع الأماكن التي تموت بها الأعشاب وتتحول إلى مصدر إزعاج للزائرين.
يبرر مصدر مسئول بالحدائق " طلب عدم ذكر اسمه " أن العشب الأخضر وأشجار الزينة لا تتحمل فترات الجفاف الطويلة كالأشجار الكبيرة ولهذا تزداد المساحات الجافة.
ويقول لـ " بلقيس " إن أبرز تحدي يواجه الحدائق العامة هو توفير مياه الري الذي يتم نقله من حواجز مائية وسدود محيطة بصنعاء بالوايتات فيما بعض الحدائق تحوي سدود مائية داخلها.
ويؤكد أن الإهمال وعدم توفر موازنات ونفقات تشغيلية لنقل المياه واستزراع الأماكن المتصحرة يقلص المساحات الخضراء.
وعلى الرغم من امتلاك بعض الحدائق للإيرادات لكن لامبالاة الإدارة تجعلها تتحول إلى مساحات غير خضراء.
لم تكترث إدارة حديقة الثورة شمال صنعاء لمنظر أطفال يلعبون بأدوات العوم في بركة اصطناعية وتحولت مائها إلى اللون الأخضر ولا يهمها إصابة الأطفال بالبلهارسيا أو أية أمراض أخرى.
تتعرض المتنفسات العامة في زمن جماعة الحوثي لأنواع من الإهمال وليس انفجار الأسلحة المخزنة بحديقة الثورة منتصف ديسمبر 2017 إلا شاهداً حياً على الاستهتار بحياة الناس وتحويل المتنزهات إلى آماكن للموت.
وفي عيد الفطر من العام الماضي أدى الإهمال إلى وفاة طفل بمس كهربائي في حوض مائي.