مؤخراً اتجهت الأمم المتحدة إلى ضرورة تحديد هوية المستفيدين من الفئات المستضعفة، ما يجعل من اتساع الإيقاف ممكنا، خاصة في المناطق الرئيسية التي يسيطر عليها الحوثيين، وأرياف المدن حيث تخضع آلية توزيع المساعدات للمشائخ والمتنفذين.
في يونيو المنصرم أعلنت الأمم المتحدة عن تعليق جزئي للمساعدات في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، حيث أكد ستيفان دوغريك المتحدث بإسم الأمين العام للأمم المتحدة أن هذه الخطوة ستبدأ من صنعاء وستؤثر على 850 ألف شخص. وجاءت هذه الخطوة بعد أيام من اتهام مدير عام برنامج الأغذية ديفيد بيسلي للحوثيين بالاستيلاء على المساعدات وتحويلها إلى المناطق الخاضعة لسيطرتهم.
حق الشيخ
وذكر ستيفان أسباب أخرى، تشير إلى ممارسات المليشيا "توقف المفاوضات حول ضوابط منع تحويل الغذاء عن الأكثر ضعفًا" و "بعض الأفراد يسعون إلى الربح من خلال الاستغناء عن الفئات المستضعفة"، لكنه أكد أن البرنامج سيتم استئنافه عند تحديد هوية المستفيدين المستقلين واطلاق نظام تسجيل بارومتري.
وهذا التهديد الأممي لا يقتصر توجهيه للحوثيين فقط، بل يشمل المناطق التي تنشط فيها منظمات الإغاثة في محاولة لضبط تسجيل من تطلق عليهم "الفئات الأكثر ضعفًا".
في محافظة تعز، أرسل مدير فرع مشروع التغذية المدرسية والإغاثة الممول من برنامج الأغذية العالمي، رسالة وصفها بالهامة "إلى مشائخ ووجهاء وأبناء مديرية شرعب السلام" أكد فيها أن البرنامج يهدد بإيقاف المساعدات على المديرية بكاملها" وطالب من الجميع استيعاب الرسالة خاصة وأن البرنامج "سبق وأن هدد بوقف أمانة العاصمة، وفعلًا أوقفها، وسبق وأن هدد بوقف مراكز أخرى، وله مواقف كثيرة مشابهة" حسب تعبيره.
وجاء هذه التهديد، حسب ما قاله "متعهد نقل" لموقع بلقيس، بسبب عدم ترحيل مساعدات هذا الشهر وحجزها في منطقة الذكرة التي يسيطر عليها الحوثيون غربي مدينة تعز، نزولًا عند توجيه أحد المشائخ.
وقال متعهد النقل، أن مشروع التغذية المدرسية أوقف الشهر الماضي في "مركز صهيب الرومي" بالدائرة 36 بمخلاف شرعب، ما حدا باحد المشائخ إلى حجز مساعدات جميع المراكز في المخلاف، حتى يجدون حلًا للمركز الذي يقع في نطاق مسؤوليته الاجتماعية.
مواقف
في ريف الدائرة 57 التابعة لمديرية التعزية، تنشط منظمة "مرسي كور" والتي كانت توزع من قبل مساعدات داخل المدينة، تتشابه آلية توزيع المساعدات مع برنامج التغذية المدرسية بالرغم من اختلاف الأسماء، ويجد عمال المنظمات أنفسهم مجبرين من الاعتماد على المشائخ والمناديب، وهم بدورهم يقومون بتسجيل الحالات.
يتعرض المناديب لتهديدات بشكل دائم من قبل أشخاص غير مسجلين، يريدون مساعدات ويضربون أمثلة بأشخاص أعلى منهم دخلًا ويستلمون مواد غذائية. قبل أشهر هددهم أحد المنخرطين في صفوف مليشيا الحوثي بحرق سيارتهم، وقبلها حدث إطلاق نار، ومرة حالة تقطع، ولتلافي أي تداعيات وتهديدات، ترحل المنظمة بسرعة معلنة أنها لن تعود، وتوقف مساعدة المحتاجين بسبب تصرف أحد الطائشين.
حدث ذلك أكثر من ثلاث مرات، في المركز ح، وفي كل مرة يجتمع أبناء المنطقة ويذهبون للتعهد للمنظمة بعدم تكرار مثل تلك الحوادث!.
تقليص وحلول
وتختلف فترات استمرار صرف المساعدات عند مرسي كور حسب المانحين، قد تستمر لستة أشهر في منطقة ثم تعلن الرحيل إلى أخرى وتستمر تسعة أشهر، وتعتمد الاستمرارية أحيانًا على عامل تعامل الناس لا حاجتهم.
ومع الحلول الاجتماعية التي يبذلها الناس، تنتهج المنظمات سياسة اقتصادية جديدة من خلال تقليص حجم المساعدات، حيث ذكر مواطنون تسلمهم من منظمة مرسي كور "كيس دقيق بدلًا من كيس ونصف" وكذلك تقليص المواد الأخرى.
وهو التقليص الذي قامت به منظمة الغذاء العالمي مؤخرًا، في الوقت الذي ترتفع فيه الأصوات لتطالب المنظمات برفع تقارير مالية توضح طريقة صرف ما تتلقاه من دعم مالي كبير من المانحين لمساعدة اليمنيين.
وكان هذا التقليص سبباً في المشكلة المشار إليها بالنسبة لتغذية شرعب، حيث قلصت منظمة الإغاثة عدد أكياس الدقيق ما جعلها تستغني عن أحد المراكز.
ويبدو أن الجدية التي بدأت المنظمات بانتهاجها، ستجعل أصحاب النفوذ يراجعون مواقفهم، كي لا يؤخذ المحتاج الجائع بذنب النافذ المتخم، فعقب تهديد الإيقاف، اجتمع مشائخ شرعب وخرجوا ببيان أكدوا فيه تغليب مصلحة المديرية عامة، بمن فيهم الشيخ الذي أوقف ترحيل المواد من قبل، حيث أعلن التزامه بأي آلية توزيع تعلنها المنظمة، ورغم ذلك، لم تصل شاحنات المساعدات حتى الآن.