المؤتمرُ المنقسمُ على نفسِه بينَ صنعاءَ والرياض وأبو ظبي والقاهرة، يعاني من تنازعِ إراداتٍ بين قياداتِه، وهو ما يجعلُ من إعادةِ لملمةِ ما تبقى منه مسألةً صعبةً في ظلِ الأوضاعِ القائمة.
ليس هذا فحسب، فمنذُ لحظةِ هزيمتِه ومقتلِ رئيسِه وأمينِه العام على يدِ حلفائِهم مليشيا الحوثي، دخلَ المؤتمر في لعبةٍ لا تقلُّ خطورة عن سابقتِها، محاولاً العملَ على هامشِ لعبةِ السياساتِ الإقليمية، ومعولاً عليها في محاولةِ استعادةِ الروح، والسلطةِ معاً، إلا أن البعضَ يرى أن محاولةً كهذه سترتدُ هزيمةً ثانيةً عليه أسوأ من سابقتِها، في حالِ ذهابِها بعيداً.
يمتلكُ المؤتمرُ قاعدةً شعبيةً واسعةً في الداخل، لكنها تبدو الآن وقد اندمجت كلياً في كتلةِ جماعةِ الحوثي، عطفاً على تأكيدِ انحيازِ مؤتمرِ صنعاء للحوثيين، وتأكيدِ تحالفِه معهم.
فيما تستمرُ قياداتُ الخارجِ بالبحثِ عن فرصةٍ تؤكدُ فيها أنها الوريثُ الشرعي للمؤتمر، إلا أن ذلكَ سرعانَ ما يصطدمُ بحساباتِ القوى الإقليميةِ الداعمة، والراغبةِ بأخذِ الحقِ الحصري في رعايةِ هذا الحزبِ واستخدامِه.
إلى أين وصلت جهودُ إعادة ترتيب المؤتمر وما دلالاتُ تعثرِها بشكلٍ دائمٍ منذ أكثر من عامين؟
وما هي الخطةُ المتاحة لإعادة المؤتمر إلى المشهد السياسي؟
الصحفي رماح الجبري قال إن حزب المؤتمر منذ مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح من قبل مليشيا الحوثي عاش فترة عصيبة، ومر بأزمات ولا يزال يمر بأزمات.
تفعيل دور المؤتمر
الجبري أوضح، خلال حديثه للبرنامج الأسبوعي "فضاء حر" على شاشة بلقيس مساء أمس، أن هناك اجتماعات متتالية حدثت لقيادات المؤتمر الشعبي العام، كان آخرها اجتماع جدة قبل حوالي ثلاثة أيام، وحضرت عدد من القيادات المؤتمرية الكبيرة في هذا الاجتماع على رأسهم الأمين العام المساعد سلطان البركاني، ونائب أول رئيس المؤتمر أحمد عبيد بن دغر.
هذه القيادات تعمل اليوم-بحسب الجبري- على إعادة المؤتمر الشعبي العام لوضعه الطبيعي وتفعيل دوره.
ولفت الجبري إلى أن اجتماع جدة شكل لجنتين لتعمل على اللقاءات مع عدد من الأطراف لتوحيد صف المؤتمر ولتعد رؤية لمستقبل المؤتمر خلال هذه الفترة وعلاقته مع الأحزاب ومع الشرعية وموقف المؤتمر بشكل عام.
وبخصوص تشقق حزب المؤتمر وتجزئته إلى فروع، قال الجبري إن المؤتمر طرفين وليس أربعة أطراف كما يقال، مؤتمر مسلوب الارادة في صنعاء ويخضع قياداته هناك للإقامة الجبرية من قبل الحوثيين، ومؤتمر خارج مناطق سيطرة الحوثي(في الرياض والقاهرة وأبوظبي وعدن)، وهؤلاء متوافقين بشكل شبه تام على أغلب التفاصيل.
وبخصوص تشقق حزب المؤتمر وتجزئته إلى فروع، قال الجبري إن المؤتمر طرفين وليس أربعة أطراف كما يقال، مؤتمر مسلوب الارادة في صنعاء ويخضع قياداته هناك للإقامة الجبرية من قبل الحوثيين، ومؤتمر خارج مناطق سيطرة الحوثي(في الرياض والقاهرة وأبوظبي وعدن)، وهؤلاء متوافقين بشكل شبه تام على أغلب التفاصيل.
ضربات موجعة
وأردف الجبري أن حزب المؤتمر تعرض لضربات موجعة، بدءاً من 2011 واستقالة صالح، وتولي الرئيس هادي رئاسة الجمهورية، وتحالف صالح مع مليشيا الحوثي، وآخرها مقتله على يد هذه المليشيا.
ورغم هذه الضربات التي تلقاها حزب المؤتمر إلا أن الحزب-بنظر الجبري- يحاول اليوم أن يقاوم ويلملم الجراح عبر تياراته لمواجهة المليشيات الحوثية، وأصبح الجميع على قناعة بذلك بأنه لن يستقر وضع الحزب إلا بتحرير العاصمة صنعاء من مليشيا الحوثي.
سحب السلطة من هادي
الناشط السياسي خالد اللبود ذهب إلى أبعد من ذلك، حيث اعتبر الجهود التي تسعى لإعادة تجميع المؤتمر ليس هدفها اعادة ترتيب وضع المؤتمر وإنما محاولة لتسليم جزء كبير من السلطة للمؤتمر الشعبي العام.
ومن أهم الخطوات لإعادة تفعيل المؤتمر كقوة فاعلة ورئيسية ومسيطرة على الحكم-بنظر اللبود- كانت بإعادة انتخاب سلطان البركاني رئيسا لمجلس النواب، وباستئناف مجلس النواب لجلساته وقيامه بدوره التشريعي وتسليم رئاسته إلى البركاني، حيث كانت فيها إضفاء لشيء من الشرعية على المجلس وتسليم جزء من شرعية هادي إلى البركاني، ومن ثم تشكيل التحالف السياسي للأحزاب، والذي تم تسليمه لرشاد العليمي، وبهذا أصبح هناك منافس لشرعية الرئيس هادي من حيث الشرعية الشعبية ومن حيث الشرعية التوافقية السياسية.
وخلافا للطرح السابق، نفى الجبري أن تكون الخطوات المؤتمرية محاولة لسحب سلطة الرئيس هادي، لافتا إلى أن هادي هو الجزء الفاعل من المؤتمر ولا يمكن للمؤتمر أن يخطو أو أن يتخذ قرارات جديدة بدون رضاء هادي.
اللبود عاد ليؤكد أن حزب المؤتمر حزب واحد وليس مجزأ أو منقسم كما قال الجبري، والدليل على ذلك هو أنه: "عند اجتماع اللجنة الدائمة في صنعاء أوائل مايو الماضي تم تعيين نجل صالح ونجل عارف الزوكا انهالت التهاني من القيادات المفترض أنهم منشقين ومتواجدين خارج صنعاء مباركة هذا الانتخاب".
ولا تزال كتلة كبيرة من قيادات الصف الأول والقيادات الوسطية لحزب المؤتمر في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي يتزعمها صادق أمين أبو راس تتمسك بالشراكة مع المليشيا وتجري اجتماعاتها الحزبية، كان آخرها اجتماع أقر ترفيع أحمد علي عبدالله صالح نجل الرئيس السابق إلى عضوية اللجنة العامة أوائل مايو الماضي.