في ساعات الظهيرة التي في العادة يزدحم فيه الناس للتسوق في حي "السنينة" المكتظ بالسكان (وسط صنعاء)، بدا خالياً إلا من حركة خفيفة لعشرات المتسوقين، بسبب المجاري التي أغرقت السوق بالمياه العادمة ورائحتها النفاثة التي تخنق المارة، وتسببت بتوقف حركة السوق الشعبي التجارية.
ومنذ نحو أسبوع ومياه الصرف الصحي تملأ الشارع في "سوق السنينة" بسبب خراب شبكة المجاري، وهي مشكلة مزمنة يعاني منها غالبية السكان في صنعاء، حيث تنفجر المجاري ما بين الحين والآخر بسبب عدم صيانتها وإهمالها، وتتسبب بنشر الامراض والتلوث للمواطنين وخسائر مادية كبيرة لأصحاب المحلات والبائعين.
مشكلة مزمنة
يقول "المطري" في حديثه لـ "بلقيس" ان مياه في السوق مزمنة منذ أكثر من عام، وخلال الأيام الماضية ظلت المياه تتدفق لمدة ثلاثة أيام متواصلة، مما تسببت بتوقف العمل في السوق وتحاشي الناس الدخول إليه بسبب الرائحة التي أصبحت خانقة ولا تطاق.
وتظل مشكلة طفح المجاري في الشوارع مستمرة بسبب انهيار شبكة الصرف الصحي للمياه العادمة، والحلول الطارئة الهشة فاقمت المشكلة بشكل أكبر، حيث أدت إلى خراب في الطرق حيث تنتشر الحفر العميقة، وفي بعض الأحياء عملت المجاري على جرف الإسفلت بشكل نهائي.
لا تكترث سلطات الأمر الواقع الحوثية لتلك المشكلة المعقدة التي يعاني منها المواطنين، وقال المطري "في كل مرة تطفح المجاري يتم فرض على جميع البسطات والمحلات التجارية مبالغ مالية لإصلاحها، ولا يستمر الوضع سوى وقت قصير ثم تعود إلى الخراب من جديد".
وكثير من شبكات المجاري في العاصمة صنعاء إما انتهت صلاحيتها وتعرضت للخراب بسبب عدم صيانتها، بالإضافة إلى ان كثير من الأحياء توسعت في المساكن والعمران، في الوقت التي بقيت شبكات التصريف الصحي بدون أي توسعة مما تتسبب بضغط كبير وطفحت في الشوارع.
خسائر مادية
يتكبد كثير من أصحاب المحلات التجارية والبسطات في الأسواق الشعبية خسائر مادية كبيرة جراء الخراب الذي تعاني منه شبكة المجاري، فبالإضافة إلى أنهم يخسرون زبائنهم الذين يمتنعون عن القدوم للتسوق، يدفعون مبالغ مالية لإصلاحها، وينطبق الحال أيضا على السكان ومالكي المنازل في الأحياء.
وقال ناصر العوامي – أحد سكان صنعاء - عندما تتعرض المجاري للخراب يأتي المسؤولين في البلدية ويتهمون السكان في التسبب في ذلك، ويفرضون علينا إصلاحها وهم لا يتحملون أي مسؤولية، وأحياناً يتجاهلون أي خراب ونضطر لإصلاحها ضيقاً من الروائح وخوفاً من الأمراض.
وأضاف في حديث لـ "بلقيس" تلاحقنا سلطة الحوثيين طوال السنة لتسليم الضرائب ورسوم كافة الخدمات الشهرية، وندفعها تحت ضغط القوة والتهديد في المقابل هم لا يقومون بأي شيء مقابل ذلك حتى الإصلاح الهش للمجاري لا يفعلونه ويقوم الأهالي بالمهمة.
ومن جهته يقول البائع المطري "أنه عده أيام يضطر إلى انه يتوقف عن بيع الخضار لمعرفته المسبقة ان الزبائن لن يأتون إليه، بالإضافة إلى ان الرائحة لا تطاق أبداً، وهذا يسبب له خسارة وأحيانا تنتهي الخضار ويرميها للقمامة". وأضاف متهكما "كل هذا بسبب الحوثيين الذين لا نجدهم إلا يأخذون الإتاوات".
مخاوف المواطنين
ويخشى كثير من الموطنين من انتشار الأوبئة والأمراض جراء طفح المجاري المستمر، في ظل انتشار وباء الكوليرا بالإضافة إلى كثير من الامراض التي تصيب السكان، ويعزوا كثير من المواطنين أسباب ذلك الى عدم الاهتمام بالنظافة وكارثة مياه الصرف الصحي المنتشرة في الأحياء.
في الشارع يتحدث الناس إلى بعضهم بقرف بسبب امتلاء الشارع برائحة مياه الصرف الصحي الخانقة، ويتمتمون بشتائم على السلطة الحاكمة، وخلال موسم الأمطار تزداد الكارثة حيث يزداد خراب المجاري في كل عام أكبر بسبب السيول الجارفة، فبعد كل هطول للمطر تطفح المجاري.
ويقلق "حسام عبد القادر" - ممرض في مستشفى خاص - كثيرا على أطفاله من هذا التلوث الكارثي، ويقول "عندما يخرج ابني إلى البقالة الأقرب للمنزل أخشى علية كثيرا كونه تعرض للإصابة بالكوليرا مرتين، ولم أستطع تحصينه بالقدر الكافي بسبب خروجه إلى الشارع الذي يسبب له المرض بشكل مستمر.