زيارة الرئيس هادي إلى أبوظبي اليوم تأتي تتويجا لجهود حثيثة قادتها السعودية لعكس التوافق بين البلدين وبعد لقاءات عقدها هادي مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد محمد بن سلمان.
سبق للسعودية ان خفضت منسوب التوتر بين الحكومة الشرعية اليمنية والإمارات إلى أدنى مستوياته.
في يناير الماضي، عندما نشبت مواجهات عسكرية بين قوات الحماية الرئاسية التابعة للشرعية وفصائل انفصالية مدعومة من الإمارات في عدن، تدخلت السعودية، وأعادت الأوضاع إلى ما كانت عليه من قبل.
وموخرا، بلغ التوتر أعلى مستوياته في جزيرة أرخبيل سقطرى بعد ان انزلت الإمارات قواتها العسكرية في الجزيرة أثناء تواجد رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر، واعتبرته الحكومة تدخلا سافرا واحتلالا للجزيرة.
أيضا تدخلت السعودية. وشكلت لجنة عليا، حيث تكللت جهودها بخفض التوتر وسحب القوات الإماراتية من الجزيرة.
ليس ذلك فحسب، كثير من وزراء الحكومة الشرعية، عندما أطلقوا تصريحات جريئة ضد عبث الإمارات في اليمن، إلا ان السعودية، شكلت البوابة الرئيسية لإعادة ضبط الانفعلات والتوازنات للعلاقة.
تم استدعاهم إلى الرياض، ومن ثم سافروا إلى أبوظبي لإجراء المباحثات مع القادة الإماراتيين لإزالة رواسب العلاقة غير الطبيعية.
آخرهم، وزير الداخلية، أحمد الميسري، الذي زار الإمارات بعد أيام من إدلائه بتصريحات عن احتلال إماراتي غير معلن لمدينة عدن، أدلى بها لقناة "بي بي إس" الأمريكية، والتي قال فيها إن "هناك احتلال إماراتيا غير معلن لمدينة عدن".
وأضاف أن الإمارات تتحكم بإدارة الميناء والمطار في عدن ولا يستطيع أحد الذهاب إليهما دون أخذ الإذن منها، مشيرا إلى أنه لا يشعر بأن له سلطة كوزير داخلية.
واعتاد الميسري الهجوم على الإمارات في عدد من سائل الإعلام الأجنبية. وهدفت زيارته لتوحيد عمل الأجهزة ألأمنية في عدن والمناطق المحررة تحت مظلة وزارة الداخلية.
وتأتي الزيارة الحالية للرئيس هادي ضمن أهداف مماثلة للنتائج التي خرجت بها زيارة وزير الداخلية، احمد الميسري، والتي وصفت بأنها كانت "إيجابية ومثمرة".
الأهم، أنها تأتي بعد توتر غير مسبوق في العلاقات نتيجة أزمة سقطرى، وثمة من يرى بأن الدبلوماسية اليمنية حققت نجاحا كبيرا في تطويق الأزمة، إذ رفعت القضية إلى مجلس الأمن، وأجبرت الإمارات على الاعتذار والتوضيح في رسالة لا حقة للمجلس.
كما تأتي في ظل استعدادات لقوات الجيش لإقتحام مدينة الحديدة بعد تحقيق انتصارات متسارعة في جبهة الساحل الغربي على مليشيا الحوثي.
وتحضر الإمارات بقوة في هذه الجبهة من خلال القوات الداعمة لها، وهناك محاولات أممية حثيثة لمنع حدوث المعركة.
وبدأ مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، مساء الأحد الماضي، زيارته إلى العاصمة الإماراتية أبو ظبي في مسعى منه لاحتواء معركة الحديدة المرتقبة.
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشكل واضح لا لبس فيه عن أمله في أن يتمكن مبعوثه الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث من منع حدوث مواجهة عسكرية بين التحالف ومليشيا الحوثي في الحديدة.
وقال في تصريحات للصحفيين قبل بدء جلسة مشاورات مغلقة لمجلس الأمن الدولي حول الحديدة، إن المبعوث الأممي يقوم حاليا بإجراء محادثات مكثفة من أجل تجنب المواجهة العسكرية.
وتحرك مجلس الأمن الدولي، ليلة أمس، وعقد جلسة طارئة، حيث دعا إلى خفض التصعيد العسكري في محافظة الحديدة، مشددا على أن المفاوضات بين أطراف الأزمة هي الطريق الوحيد للتوصل إلى حل.
في ظل هذه الأجواء، يرى مراقبون ان الإمارات أدركت بأنه من الصعوبة بمكان التحرك في جغرافيا اليمن بدون غطاء الشرعية، وأنه لا بد من الشراكة في العلاقة بدلا من التبعية القائمة.
لكن، سيتعين ، الانتظار بعض الوقت لما ستسفر عنه نتائج الزيارة. يأمل محللون قريبون من الحكومة، بأن تنجح السعودية في ضبط بوصلة العلاقات بين الجانبين في إطار من الشراكة وإدراك خطورة العبث بالأمن اليمني والإقليمي.
ولن يـأتى ذلك إلا بعودة الحكومة الشرعية إلى العاصمة المؤقتة عدن لممارسة مهامها بصورة طبيعية وسيطرتها على كافة المنافذ البحرية والاستراتيجية، وإنهاء دور المليشيات في المناطق المحررة.