استخدمت الحديدة كورقة من قبل جميع الأطراف المحلية والإقليمية والدولية بما في ذلك الأمم المتحدة ولكل طرف غايته التي يبحث عنها هناك ولا تنسجم خيارات كل طرف مع ما يريده أهالي المحافظة المطحونة بالأمراض والاوبئة.
بكثير من الألم والدماء تدفع الحديدة فاتورة باهظة الثمن منذ ما قبل اندلاع المواجهات حولها حين تم تصنيفها كأحدى اكثر المناطق التي يعاني سكانها من انتشار المجاعة وسيطرة الامراض والاوبئة على أجسام أبنائها.
الدعوات الأممية بضرورة وقف العمليات العسكرية في الحديدة لم تجد لها آذان صاغية حيث ارتفعت وتيرة المواجهات فيها ووصلت الى مداخل المدينة.
أصوات المدافع والاشتباكات باتت تحجب أنين الضحايا الذين ترتفع اعدادهم ويفقدون حياتهم ووظائفهم ومنازلهم ويفرون باتجاه المجهول دون ان يذكرهم احد حتى ولو بشكل عابر.
المواجهات العنيفة القت بظلالها على المدينة وسكانها الذين تستخدمهم مليشيا الحوثي كدروع بشرية ولم يعد أحد يقوى على النزوح خارج المدينة التي نزح منها في وقت سابق عشرات الالاف من المدنيين.
استخدمت مليشيا الحوثي المدفعية في قصف القرى والاحياء وقامت بتلغيم الشوارع وقطع الطرقات فيما تقدمت القوات البرية المدعومة من التحالف بغطاء كثيف من الطيران.
شهود عيان في المدينة قالوا ان طوابير كبيرة بدأت بالاصطفاف أمام محطات البنزين بحثاً عن المحروقات فيما أدت المواجهات لاغلاق المنطقة الصناعية بالكامل والممتدة من منطقة كيلو 4 الى كيلو 18 ، وهي المنطقة التي تحوي عشرات المصانع والشركات التي تؤمن فرص عمل لعشرات الآلاف من العاملين.
كلفة الحرب في معركة الحديدة اكبر من ان يتمكن احد دفعها وتحمل مسئولياتها خصوصا مع استمرار إدارة المعركة بعيدا عن الحكومة الشرعية وقيادة الجيش وهو ما يضع الكثير من المخاوف من تكرار تجارب سابقة لغياب الدولة ونشوء تشكيلات خارج جسد الدولة.
أهمية الحديدة العسكرية والسياسية لا تقل أهميتها الإنسانية بسبب مينائها الذي يستقبل المعونات والمساعدات والبضائع التي يتم وصولها للمناطق ذات الكثافة البشرية العالية والتي مازالت تحت سيطرة مليشيا الحوثي، وتوقف الميناء عن العمل من شأنه مفاقمة الازمة الإنسانية الناجمة عن الحرب وانتشار المجاعة والاوبئة، خصوصا وان التحالف الذي تقوده السعودية والامارات يمنع تفعيل الموانئ في المناطق التي تم تخليصها من سيطرة الحوثيين ويرفض تسليمها للحكومة الشرعية وهو ما يعني تضييق الخناق اكثر على حركة تدفق المساعدات والمعونات الى اليمن.
تبحث الأمم المتحدة عبر موفدها عن وسيلة للضغط على مليشيا الحوثي والتحالف على حد سواء من اجل إعادة الحياة للتسوية السياسية التي ولدت ميتة في جنيف وذلك من بوابة الحديدة.
الفيل في الغرفة عبارة اطلقها المبعوث الاممي في جنيف بعد تعثر عقد مشاورات السلام بين الأطراف اليمنية جراء امتناع وفد مليشيا الحوثي عن الحضور الى جنيف عبارة اختزلت كيف لا يرى العالم في الازمة اليمنية غير فيل يجب ابقاءه داخل غرفة العناية المركزة .