فالخطوط الجوية اليمنية أعلنت إلغاء جميع رحلاتها من وإلى المطارين الوحيدين المفتوحين في اليمن: عدن وسيئون، أمر يفاقم من معاناة اليمنيين ويزيد من وطأة الحرب وتداعياتها عليهم، ويولد ألف علامة استفهام حول أجندة هذه الحرب وأهدافها وأفقها الزمني.
صاروخ الرياض كان مستفزاً وتجاوز الخطوط الحمراء السعودية، وجلب المزيد من الكوارث لليمنيين، لكنه منطق الحرب، الذي يدفع بأطراف الصراع إلى استخدام أسلحتهم المتاحة حينما تُستنفد الخيارات.
الارتدادات السياسية لهذا الصاروخ تتجلى في التغير الذي طرأ على قواعد المواجهة بين الرياض والحوثيين، بعد الإعلان عن قائمة الأربعين الذين صنفتهم الرياض كإرهابيين، وأنهت مرحلة من الضبابية التي اكتنفت العلاقة بين الطرفين طيلة السنوات الأربع الماضية.
لكن هذه المواجهة ما تزال تحتفظ بمساحة من المرونة استدتها الرغبة في إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة، وهو الأمر الذي يفسر غياب الناطق باسم الحوثيين، محمد عبد السلام، عن قائمة الأربعين إرهابياً المفترضين.
يجمع المراقبون على حدوث تحولٍ في مسار الحرب لكن نحو أي وجهة؟ سؤال تستدعيه المخاوف من أن يتحول اليمن إلى إحدى الساحات المشتعلة لغايات إقليمية ودولية، متعددة اللاعبين والأقطاب والمؤثرين.
لم تمض الحرب وفقاً لخططها المعلنة، طالت وتشعبت كما يرى المراقبون حتى تحولت إلى مناسبة لمراكمة القوة النوعية لدى الانقلابيين الذين جاء التحالف لدحرهم قبل أن يغير وجهته السياسية ليستهدف أعداءهم في معسكر الشرعية في ازدواجية لا يحتملها المشهد اليمني المنهك بالحروب والأزمات.
وفي الآن ذاته جرى تكريس الفشل الأمني والاقتصادي في المساحة الفسيحة من الأرض التي يقول التحالف والشرعية إنها محررة، في وقت كان الأمل معقوداً على الفرصة التاريخية التي حملها تدخل التحالف في اليمن، قبل أن يتحول هذا التحالف إلى عبئ لا تحتمله الجغرافيا ولا أهلها.