كان خطاب غريفيث أمام أعضاء مجلس الأمن متفائلاً بعض الشيء، وهو يشير إلى بعض التطورات التي حدثت بين الجانبين على أنها تمثل تقدم حقيقي على طريق تنفيذ الاتفاق.
تلك التطورات التي جاءت قبل أقل من أسبوع من تقديم غريفيث لإحاطته، تشير إلى أن قطار الحل السياسي لم يعد يتحرك أساساً إلا عندما يصبح المبعوث الأممي بحاجة إلى جديد ينقله إلى مجلس الأمن، بعيداً عن حقيقة كون ذلك الجديد يمثل تقدماً أم لا.
أكد غريفيث أن العراقيل التي عرقلت تنفيذ الاتفاق لا تزال قائمة، وأهمها ماهية السلطة المحلية التي يجب أن تستلم مدينة الحديدة، وملف البنك المركزي، وهو ما يعني أن لا شيء تغير، ولكن اللافت في الأمر هو تجاوز غريفيث نقطة الخلاف الأساسية التي أدت في وقت سابق إلى تأزيم الموقف بينه وبين السلطة الشرعية، والمتمثلة باعترافه بخطوة الانسحاب الأحادي من جانب مليشيا الحوثي من ميناء الحديدة، فهل يعني ذلك أنها باتت شرعية ولم يعد النقاش حولها ممكناً الآن؟
ومنذ تعيينه في فبراير 2018 كان واضحاً أن غريفيث سيبدأ مساراً تفاوضياً لا يختلف عن دور سابقيه جمال بن عمر وأحمد ولد الشيخ، الذي يراه كثير من اليمنيين دوراً سلبياً ساهم في تقويض الدولة وإدخال البلد نفق حرب مدمرة.
وقاد غريفيث جولة مشاورات في السويد انتهت بتفاهمات لم ينفذ شيء منها حتى الآن، بسبب تعنت مليشيا الحوثي وإصرارها على تفسير تلك التفاهمات وفقاً لرؤيتها، يسايرها في ذلك تساهل غريفيث ذاته.
صراع ذات بعد إقليمي
يرى الناشط السياسي سيف الوشلي أن الصراع في اليمن هو صراع ذات بعد اقليمي ودولي، ويتعلق بقضية السيطرة والهيمنة التي تريدها بعض الدول الاقليمية، موضحاً أن الصراع والحرب في اليمن مرتبط بأجندة دولية، وهي التي تؤثر بدرجة فاعلة في حسم هذا الصراع أو استمراره، وربط الوشلي استمرار الحرب في اليمن برفض الولايات المتحدة وبريطانيا تحقيق السلام وتنفيذ اتفاق سياسي.
وأضاف الوشلي حديثه للبرنامج الأسبوعي "فضاء حر" على شاشة بلقيس مساء أمس إلى أن: "تحركات المبعوث الدولي لا يمكن أن تتقدم وتحقق نجاح ما لم تحظى بدعم وتحرك أمريكي وبريطاني وسط أروقة مجلس الأمن والأمم المتحدة، بالإضافة إلى الضغط على الدول التي تتدخل بشكل سلبي في اليمن".
ومن جهته؛ قال الناشط السياسي محمد السمان إن أساس الحل هو الرغبة بالسلام، متسائلا: هل لدى الطرف الآخر (مليشيا الحوثي) رغبة في السلام؟
وأحصى السمان فرص السلام التي فوتتها مليشيا الحوثي، بداية من جولات ومحادثات جنيف، ومن ثم مشاورات الكويت، وآخرها محادثات السويد، موضحا أن جماعة الحوثي ربطت نفسها بمحور إيران، وأن قرارها ليس في يدها، وبالتالي هذه الجماعة لا ترغب بالسلام مطلقا.
مراقبون يرون أن دور مارتن غريفيث أصبح بمثابة دور داعم أو مبرر لسلوك مليشيا الحوثي في ظل استمرار تغاضيه عن رفض تنفيذ الإتفاقات، وتماهيه مع تحركاتهم لتخفيض سقف الاتفاق لصالحهم.
السمان اتهم المبعوث الأممي مارتن غريفيث بالانحياز لمليشيا الحوثي وتدليلها وتغاضيه عن عرقلتها لاتفاق السويد.
فرص السلام
في المقابل، رفض الوشلي الاتهامات الموجهة لمليشيا الحوثي بعرقلة فرص السلام، معتبرا تلك التهم بأنها صادرة من وسائل إعلام تابعة للتحالف، ولا تمت للواقع بأي صلة.
وأردف الوشلي إلى أن صاحب القرار في الحرب والسلم هي الدول التي أعتدت على اليمن(السعودية والإمارات)، وهما الدولتان القادرتان على ايقاف الحرب في أي لحظة وفرض عملية سلام.
وأردف الوشلي إلى أن صاحب القرار في الحرب والسلم هي الدول التي أعتدت على اليمن(السعودية والإمارات)، وهما الدولتان القادرتان على ايقاف الحرب في أي لحظة وفرض عملية سلام.
بدوره؛ لفت السمان إلى أن مليشيا الحوثي ذهبت إلى محادثات السويد لتجنب هزيمة ساحقة كانت على الوشك في مدينة الحديدة، فلجأت إلى السويد لتجنب هذه الهزيمة كتكتيك منها من أجل إعادة تموضعها.
وتحدث السمان عن إحاطة غريفيث الأخيرة في مجلس الأمن، مبينا إلى أنها لا تختلف عن سابقتها، مضيفا أن اتفاق السويد لم ينفذ منه حتى 1%.
وعلى عكس ذلك؛ يرى الوشلي ان اتفاق ستوكهولم جاء انقاذاً للسعودية والإمارات من معركة كانت ستمثل للدولتين أكبر خسارة مالية وبشرية، لأن معركة الحديدة كانت ستكون أكبر عملية استنزاف للتحالف وسيدخل في مستنقع وفخ سينتهي المطاف بانتهاء هذا التحالف، بحسب الوشلي .
وخلال سبعة أشهر، قدم غريفيث عدة إفادات أمام مجلس الأمن لم يتوقف فيها عند أسباب فشل اتفاق ستوكهولم، فيما تتهمه الحكومة الشرعية بالتستر على مليشيا الحوثي التي ترفض تنفيذ الاتفاق حتى الآن.
وكانت الحكومة اليمنية أبدت امتعاضها من أداء المبعوث الأممي لأكثر من مرة، وبعثت مذكرة احتجاج للأمين العام للمنظمة الأممية، قبل أن تعود للتعاطي معه بعد ما قيل عنها ضمانات أممية لم يتم الكشف عن مضامينها.