أكثر من أربع سنوات حرب متواصلة لم تترك حجرا أو شجرا لم تطاله تأثيراتها المباشرة وغير المباشرة، مابالك بالإنسان، حيث تشير التقديرات إلى سقوط عشرات الآلاف من القتلى والجرحى.
بالتأكيد لن يكون مناسبا تجاهل الدور الأساسي لمليشيا الحوثي الفاشية في التدخل العسكري للتحالف، وحتى قبل مارس 2015م، إذ كان قرار إسقاط الدولة إيذانا بدخول اليمن مرحلة جديدة من الفوضى المدمرة.
لكن ثمة سببا بسيطا لحالة الدهشة وعدم اليقين للدور الغادر للتحالف الذي تقوده حاليا السعودية والإمارات. جاء التدخل في وقت بدا ان عاصمة عربية رابعة سقطت بالفعل في براثن إيران.
كما بدا أيضا ان السعودية والإمارات لا تريدان خسارة اليمن، كما خسرتا العراق ولبنان وسوريا من قبل.
للسعودية علاقة عدائية قديمة مع اليمن. ذلك واضح ومفهوم.
غير ان السياقات التاريخية مختلفة عن الحاضر. على سبيل المثال، تزيد حالة الدهشة والذهول حالما تتابع وسائل إعلام المملكة وهي تحصي الصواريخ البالستية والطائرات الهجومية ضد أهداف حيوية داخل السعودية.
لم يستفز هذا التطور أي تغيير جذري حيال سياسة المملكة. ربما التطور الأبرز والدائم الذي تقابله الرياض هو في استهداف المدنيين بالغارات الجوية.
تتشارك السعودية والإمرات مهمة تنفيذ أهداف إيران في اليمن على أكمل وجه. ففيما تعزز جماعة الحوثي سيطرتها على الأرض وتطور أسلحتها وتقنياتها العسكرية.
قبل سنوات، كان البعض يحذر من هلال شيعي في المنطقة، غير ان الهلال اكتمل وأضحى بدرا. وتبدو السعودية في الوسط كنقطة الشر أو قرن الشيطان كما يحلو لهم تسميتها.
تتمزق الجغرافيا اليمنية في الجانب الآخر بتيارات مناطقية ومليشيات عسكرية مدربة من قبل الإمارات.
يبدو الحديث الاعلامي عن انسحابها الآن عديم القيمة مع وجود هذه الأذرع العسكرية والسياسية الملغومة في الجنوب.
لقد أثبتت قوات الحزام الأمني والنخب بأنها على استعداد لتأدية مهام أكثر من المطلوب منها من قبل الممول.
في الأخير قد ترحل الإمارات، لتخلف لنا هذه الألغام والأدوات وتحركها كيفما تشاء.
وربما تحاول السعودية ملء الفراغ. غير ان الأسوأ للدولتين انهما لن تنعما بالهدوء المطلوب، وإن بدت الاتفاقات السياسية قابلة للنفاذ في مرحلة معينة، فلن تستمر بالتأكيد طويلا.
على السعودية دفع الفاتورة وعليها مراقبة حدودها الجنوبية جيدا، فققد أظهرت أنظمة الدفاع "باتريوت" عدم فاعلية في التصدي للهجمات الصاروخية الحوثية.
أمام مليشيات شيعية عقائدية عليك ان تتوقع الأسوأ. يعتقد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ان سياسته الجديدة في الانفتاح والتبرؤ من ماضي السياسات القديمة للمملكة ستحمي بلاده من نزعة الانتقام ونظام حكمه من السقوط.
مثله تماما، اعتقد الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح ان تسليم مفاتيح الدولة اليمنية المالية والعسكرية للحوثيين ستبقيه في سدة الحكم ولو بالمشاركة واستمرار النفوذ.
يالها من نهاية بائسة. على المرء ان يخمن الآن، كيف ستكون نهاية بن سلمان؟.
قبل سنوات، كان البعض يحذر من هلال شيعي في المنطقة، غير ان الهلال اكتمل وأضحى بدرا. وتبدو السعودية في الوسط كنقطة الشر أو قرن الشيطان كما يحلو لهم تسميتها.
في الحقيقة، الفرص التي أضاعتها كثيرة. على سبيل المثال. التحالف الذي أقامته قبل نحو خمس سنوات في اليمن كان يمكن ان يشكل لحظة فارقة لتثبيت مكانتها في المنطقة.
بالطبع هذا بعد تضييع فرص سابقة كالتفريط بالعراق وسوريا ولبنان. لكنها أرادته تحالفا للشر باليمن وأهله.
ثمة مقولة شائعة مفادها أن "الشر يأكل بعضه"، والتحالف الذي بدأ كبيرا وتقلص إلى دولتين، في طريقه أيضا إلى التفتت، ولعل البداية من إعلان انسحاب الإمارات.
وكان لا فتا صدور تصريحات من أبو ظبي مؤخرا تحمل السعودية ضمنيا مسؤولية الفشل في اليمن.
لقد اعتدنا على الآلة الاعلامية التابعة للدولتين وهي تحمل حزب الإصلاح مسؤولية إطالة أمد المعارك والارتزاق من جبهاتها مع الحوثيين.
ولا نستبعد ان تنتقل الاتهامات مستقبلا الى الأوساط السياسية والإعلامية للدولتين خاصة وثمة جبهات نفوذ متباينة وممتدة بطول الساحل اليمني.