لو عدنا إلى تاريخ الثورة الفرنسية لرأينا كيف كان طريقها صعبا وممتدا إذ لم يصل الفرنسيون إلى غايتهم إلا بعد عقود طويلة من الصدام والمعارك الطاحنة سياسيا واجتماعيا وفكريا وعسكريا.
لكن من دون تلك الثورة العظيمة التي غيرت وجه التاريخ ما كانت هناك دولة حديثة عملاقة ورائدة بين الدول الأوروبية ولا كانت هناك سيادة ولا جمهورية وديمقراطية ولا شعب يتمتع بالحرية والكرامة وينعم بمواطنة وحقوق متساوية، ولا كان هناك وطن ولا نهضة حضارية مذهلة فما نراه اليوم هو ثمرة استقلال الفرد وتكريم كينونة الإنسان. الأنظمة والمجتمعات لا تتحول بطرفة عين لأن تركة التاريخ وتباين المشاريع وصراع المصالح يجعل من المستحيل صنع التحول بصورة مستقيمة سلسة ويستوجب العبور بمعارك مختلفة ومتوازية كذلك لبلوغ التاريخ إلى غايته.
ليس أمام قوى الثورة والتغيير سوى الاستمرار في التضحية والنضال وتصميمها على النصر وقدرة نشطائها على تعبئة قطاعات الرأي العام المحلي والعالمي للضغط على قوى الثورة المضادة بقيادة السعودية من أجل وضع حد للعبث الذي يمارس في اليمن والعمل على تحقيق طموحات شعبنا بكل الوسائل والطرق المتاحة. منذ ثورة سبتمبر 62 وثورة أكتوبر 63 مرورا بثورة فبراير وآل سعود تحترق أيديهم بالجمر الثوري اليمني، وقد جاء اليوم الذي يشعرون فيه بوطأة وثقل التحكم بملف الصراع في اليمن. نحن أمام حقبة تاريخية فارقة يجب أن يعود فيها شعبنا إلى جادة العمل الوطني الطويل، الذي دشنه سنة 1962م وإما النصر أو الفناء أو العار الذي سيلطخ وجوه الجميع.