خرجت من الغرفة الاسمنية
رايت اخواتي الصغار يلعبون بالتراب جوار منزلنا على الجبل البعيد
شاهدت ابي وبيده سجارته وفى قلبه همومه
وامي التى تنتظر عودتي بعين معلقة بالطريق
طفت بمخيلتي نصف عالمي الصغير
بدى لى الجميع غاضبا ومترقبا لما سيحل بالطفل الذى ارسلوه صباحا الى المدرسة دون ان يتناول افطاره
و ببطء قطع المعلم المسافة من امام السبورة الى امامي معتمدا على حدسه فى اتهامي اني كنت وراء الكلمة التى قيلت وهو يكتب على السبورة
وقبل ان يقول افتح يدك كان وجهي قد تبلل
ولم اعد اشعر بشيء
وكنت ارى الدموع فى عيون اصدقائي وصعود العصا ثم هبوطها من مكان مرتفع
وكأنها تقع فى ظلمة بعيده
وكأن من يعاقب فتى لا اعرفه
بعد ان اكمل زملائي عد الضربات كنت قد كبرت عشر سنوات الى جوار الخمسة عشرة سنة التى عشتها بمخاوف لاتحصى
بعد سنوات من ذلك اليوم قراءت خبرا على راس الجريدة التى اعمل فيها بالغاء الضرب فى المدارس
وبنسبة كبيرة توقف المعلمون عن قطع المسافة داخل الفصول وضرب طلابهم
لكن العصا خرج من المدرسة وصار بندقية ورشاش ومدفع وطائرة
وجميعها تضرب دون ان يحمر وجه حاملها
دون ان يسمح للضحية ان يبلل وجهه بالدمع فثمة من يبلل البدن كله باللون الاحمر
او يخرج بمخيلته من الغرفة الضيقة
تعددت العصي وظل اليمني يعاقب بما لم يقترف
كثر معلموا الضرب ولم يعد هناك من يحصى او يعد
غير اناس يسكنون فى البعيد قالوا اليوم لتقرير نشرته صحيفة لوكورييه انتيرناسيونال الفرنسية وترجمة بشير زندال انه وبينما هامش الخطأ مترا واحدا فأنهم راقبوا ضربات جوية تبعد مايفوق عن ثلاثمائة متر من الهدف
لكن العصا خرج من المدرسة وصار بندقية ورشاش ومدفع وطائرة
وجميعها تضرب دون ان يحمر وجه حاملها
قالت منظمة ايطالية ان اسرة فى دار الحجر توفيت فى العام 2016 اثر ضربة كانت تستهدف نقطة تمركز بعيده
اليوم ايضا قال رجل لم يعد اب منذ تنفيذ الارهابيين لهجوم فى جولد مور بعدن لموقع ارفع صوتك ان اطفاله وزوجته الذين قتلوا قبل شهرين كانوا بعيدين عن هدف الارهابيين " كنا عائدين من نزهتنا على الشاطئ وكان المهاجمون يقصدون تدمير مبنى للامن"
لم يمت غير اطفال عبدالله الخليدي واطفال اخرين والمنفذين وظل المبنى يشعل فى الرجل حريقا لاتراه المدينة
كان الاب قد عاد من غربتة فى احد شوارع لندن وهاهو بعد شهرين من موت كل شيء بالنسبه اليه يبلل جدران الطريق من عدن الى تعز بالدموع ولا احد يحصيها
والتعاطف يخفت يوما بعد يوم كضوء تلك الشموع التى انطفئت يوما على الشاطئ وكان يحملها الضحايا قبل ان يقتلوا
تدور هذه الاحداث بمخيلة الصغير الذي كان يرى العصا اكبر عقابا فى الدنيا وعندما يسمع عن الحروب فانه يظن ان لكل محاربا عصاه
ولم يكن يدري ان الاهوال والعصي فى الطريق اليه ستكبر لتشمل ليس الاربعين طالبا يجلسون جواره متعبين بل الثمانية والعشرين مليون ينتظرون دورهم فى البعيد ويرون الموت يصعد ويهبط وكأن من يموت فتيان لايعرفونهم