واضح ان د/ ياسين يكتب مستشعرا واجب ما، تجاه الإمارات، أكثر منه إستشعارا بالإنتماء لوطنه " الأم"، إذ يذهب الى إفتراض مالايفترض، واضعا نفسه موضع شرطي مرور " مربوش " يؤشرعكس إشارات المرور الكهربائية مغلقا الخط الذي إشارته خضراء ومتيحا المرور للخط الذي إشارته حمراء، وعاصدا " الجولة " عصيد.
ذلك ان الفرضية التي يضعها الدكتور ياسين لتبرير ممارسات الإمارات، لاتصمد في اي نقاش، إذ حتى على فرض صحتها، جدلا، تبقى الأسئلة الآتية دون أجابات :
- إذا كانت الصومال تعد ملفا للمطالبة بملكيتها لسقطرى، فذاك ملف " قانوني " ينبني على قواعد القانون الدولي، بصرف النظر عن صحته من عدمه، فهل ان مواجهة ذلك يتم بإنزال عسكري من قبل الإمارات في الجزيرة، أي هل يمكن مواجهة المطالب القانونية، بصرف النظر عن صحة تلك المطالب من عدمه، بإنزال عسكري جوي لعديد وعتاد عسكري، ميداني،
من قبل الإمارات ؟!
- بل وحتى على فرض أن الصومال تحشد قواتها البحرية، قبالة الساحل السقطري : " الأسطول الصومالي السادس" و" حاملة الطائرات " الدنكلية" والفرقاطة " بربرة" و الضفادع البحرية " هرجيسة " فهل أن ذلك يبرر للإمارات " إنزال عسكري" في سقطرى، دون تنسيق مع الحكومة الشرعية، التي تدعي أنها تدخلت في اليمن لمساعدتها ؟!
ماذا يجري في سقطرى، هل هو إستشعارا للخطر من قبل الإمارات، العضو الفاعل في التحالف، لما يراد للجزيرة من قبل قوى دولية مهددة؛ تتمثل بالصومال ومن ورائها قطر وتركيا حسبما يقول البعض؟!
وإذا كا ن الأمر كذلك، كيفما اتفق، فلماذا لم تفعل الإمارات مافعلته إلا بعد تواجد الحكومة " الشرعية" ورئيسها في الجزيرة ؟!
***
لامعنى لمايجري في سقطرى، إلا في كون أن الحكومة " الشرعية ' تواجدت فيها، لغرض إستطلاع ما إذا كانت صالحة لإتخاذها عاصمة مؤقتة، بديلة لعدن، التي حالت الإمارات نفسها بين الحكومة وبينها، بإستتحداثها لأحزمة أمنية ولمجلس أنتقالي " حلمنتيشي " يعيقها عن مزاولة مهامها المرتجاة.
يبدو جليا ان الإمارات تنتوي إعادة هندسة اليمن وفق رؤيتها هي، ولايعيق رؤيتها هذه، إلا الحكومة الشرعية بما هي التجسيد الأخير والوحيد للهوية اليمنية الجامعة.
وحينما لجأت الحكومة المحاصرة؛ والمضيق عليها في عدن لإلتماس عاصمة بديلة مؤقتة أخرى في سقطرى، ثارت ثائرة الإمارات، فعمدت الى إنزال عسكري جوي، قائلة للحكومة، الباحثة عن ملاذ، أخير" كش ملك ".
تقول الإمارات، في بيان وزارة خارجيتها، ألا أطماع لها، في اي من محافظات اليمن المحررة، بمافي ذلك سقطرى. وهذا جيد، وهو مستند ودليل يمكن التمسك به لدحض اية مزاعم إماراتية ازاء جزيرة سقطرى مستقبلا.
ولا يمكن تصور ان تصدر الإمارات، بيانا رسميا كهذا، إذا ماكانت تنوي الإدعاء بملكية سقطرى.
فما الذي تريده الإمارات إذآ؟!
.يبدو جليا ان الإمارات تنتوي إعادة هندسة اليمن وفق رؤيتها هي، ولايعيق رؤيتها هذه، إلا " حامل الراية"
أي " الحكومة الشرعية " بما هي التجسيد الأخير ' والوحيد " للهوية اليمنية الجامعة.
لهذا تبدو سقطرى ليست مجرد محافظة أو جزيرة، يمنية، يعد المساس بها، مساسا بالأرض والسيادة معا.
فالإمارات موجودة في مأرب وحضرموت وشبوة وفي عدن وتعز وعلى إمتداد السواحل اليمنية.
ولذلك فليس الأمر متعلق ب " سيادة " و " إحتلال " بل يتعلق ب " الهوية اليمنية الجامعة" مايجعل من سقطرى، تجسيد، وملاذ أخير للهوية " الوطنية الجامعة " والمطاردة.
يبدو المساس بسقطرى، مساسا بأعمق جوانب الذات، وجرحا للكبرياء الوطني، النازف أصلا، وهو مساس يصيب اليمنيين ب " جرح نرجسي " ، لايبرأ الا بلملمة أشتات الهوية المتشظية، بسبب الإمارات، وضدها.
سقطرى إذآ ليست مجرد قطعة ارض ، بل هي صلصال تكويننا وشفرة هويتنا، الجامعة المانعة.