وفي ذات الوقت مهّدت للنزعة القومية المتعصبة، فتفارق سكان أوروبا التاريخية إلى جماعات قومية شوفينية، بلغت ذروتها الكبرى في النازية الألمانية، والفاشية الإيطالية، والمركزيات الأنجلوسكسونية والسلافية واللاتينية، فوقع الجميع في مصيدة التنافي العدمي أثناء الحربين العاتيتين.
بالتوازي مع ذلك شهدت القارة الآسيوية ما يشبه ذلك، وخاصة في الصراع الصيني - الياباني الذي تمدد بخطى النوع العرقي القومي، ونالت سلسلة من البلدان الآسيوية نصيبها من ذلك الدمار الكبير، ولم تخل أمريكا اللاتينية من مظاهر التعصبات القومية والعرقية وإن بدت أقل بؤساً وفضاضة مما حدث في آسيا وأوروبا.
هذه الحقائق التاريخية مهّدت للدولة العالمية الجديدة العابرة للدين والعرق، وأظهرت الحقيقة التواشجية بين الأجناس البشرية، ورحلت بعالم ما بعد الحرب العالمية إلى فضاءات جديدة، وكانت المواطنة العصرية، والمشاركة، والحقوق الخاصة بالتنوع اللغوي والثقافي، رافعة للغنى الشامل، لا الفقر المادي والروحي المقرون بإلغاء الآخر وسحقه.
بالتوازي مع ذلك شهدت القارة الآسيوية ما يشبه ذلك، وخاصة في الصراع الصيني - الياباني الذي تمدد بخطى النوع العرقي القومي، ونالت سلسلة من البلدان الآسيوية نصيبها من ذلك الدمار الكبير، ولم تخل أمريكا اللاتينية من مظاهر التعصبات القومية والعرقية وإن بدت أقل بؤساً وفضاضة مما حدث في آسيا وأوروبا.
هذه الحقائق التاريخية مهّدت للدولة العالمية الجديدة العابرة للدين والعرق، وأظهرت الحقيقة التواشجية بين الأجناس البشرية، ورحلت بعالم ما بعد الحرب العالمية إلى فضاءات جديدة، وكانت المواطنة العصرية، والمشاركة، والحقوق الخاصة بالتنوع اللغوي والثقافي، رافعة للغنى الشامل، لا الفقر المادي والروحي المقرون بإلغاء الآخر وسحقه.
كانت القناعة الشاملة بأهمية النموذج الاتحادي قد ترسّخت في العالم الجديد، وأصبحت هذه القناعة مشفوعة بتعدد الأنواع الاتحادية للدول
كانت القناعة الشاملة بأهمية النموذج الاتحادي قد ترسّخت في العالم الجديد، وأصبحت هذه القناعة مشفوعة بتعدد الأنواع الاتحادية للدول، واقترانها الحكيم بالخصائص الخاصة لكل بلد، فالاتحاد السوفييتي ليس كالاتحاد الأمريكي، والاتحاد البريطاني ليس كالسويسري، فلكل اتحاد سماته المحلية الخاصة، ومكوناته التاريخية المخصوصة. لقد وصل البشر إلى قناعة بنموذج دولتي يغادر الماضي الكئيب ويتخطاه، وأثبتت التجربة أن البديل البائس لهذا النموذج هو العودة إلى الدولة المركزية الشمولية البسيطة.. تلك الكفيلة بتدمير الوئام الاجتماعي، ونشر ثقافة الكراهية، واسترجاع التعصب الديني المقرون بالسياسات القاصرة.
في السنوات التي تلت الانهيار الحر للاتحاد السوفييتي بدأت الشوفينية القومية تطل بملامحها الكئيبة من خلال مشروع (صربيا الكبرى) المشفوعة بنزعة سلافية واضحة، وقد كان لهذا المشروع الخطير ظلال في الساحات السلافية الأوروبية، لكن ضعف روسيا الهيكلي في تلك الأيام من حكم الراحل (يلتسين) أفشل إمكانية توسع حرب الجنون الصربي ضد المكونات القومية في يوغسلافيا السابقة. وخلال السنوات القليلة التي تلت حرب يوغسلافيا، ازدادت النزعات الانفصالية ذات المنابع القومية والدينية، وتناسى رواد هذه النزعات أن هذا الملف الشائك لا يهدد الكيانات القائمة في أقاليم بذاتها، بل العالم برمته، فنموذج الدولة الجديدة الاتحادية في عموم العالم ملغوم بتعدديات عرقية ولغوية وثقافية تسمح بتعميم فكرة استعادة الدولة القومية، وما يلحق بها من استيهامات دينية سياسية.
في السنوات التي تلت الانهيار الحر للاتحاد السوفييتي بدأت الشوفينية القومية تطل بملامحها الكئيبة من خلال مشروع (صربيا الكبرى) المشفوعة بنزعة سلافية واضحة، وقد كان لهذا المشروع الخطير ظلال في الساحات السلافية الأوروبية، لكن ضعف روسيا الهيكلي في تلك الأيام من حكم الراحل (يلتسين) أفشل إمكانية توسع حرب الجنون الصربي ضد المكونات القومية في يوغسلافيا السابقة. وخلال السنوات القليلة التي تلت حرب يوغسلافيا، ازدادت النزعات الانفصالية ذات المنابع القومية والدينية، وتناسى رواد هذه النزعات أن هذا الملف الشائك لا يهدد الكيانات القائمة في أقاليم بذاتها، بل العالم برمته، فنموذج الدولة الجديدة الاتحادية في عموم العالم ملغوم بتعدديات عرقية ولغوية وثقافية تسمح بتعميم فكرة استعادة الدولة القومية، وما يلحق بها من استيهامات دينية سياسية.
يمكن القول إن المكون الاتحادي التعددي في العالم هو الأساس في خريطة ما بعد الحرب العالمية الثانية
يمكن القول إن المكون الاتحادي التعددي في العالم هو الأساس في خريطة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ونضيف إلى ذلك أن المكونات التعددية الاتحادية ليست متماثلة في استيعاب جوهر الدولة العصرية الاتحادية التي يتشارك فيها البشر على قاعدة الهوية المقرونة بالمواطنة القانونية، والمشاركة المتوازنة، وحق ممارسة الخصوصية الثقافية بالمعاني اللغوية والدينية، ولهذا فشلت بعض النماذج الاتحادية، فيما نجحت الغالبية العظمى منها.
من المؤكد أن في العالم شعوباً مظلومة، وتهميشاً مباشراً وضمنياً لعديد القوميات والانتماءات الدينية، وتظهر هذه الأمور بصورة أكثر وضوحاً فيما بقي من نماذج فولكلورية للدولة الدينية والقومية التي يتغوّل فيها من ينتمون للغالبية السكانية، فيما يتم تهميش البقية.. لكن الخروج من هذا المأزق الوجودي يتطلب إصلاحاً هيكلياً للبنى السلطانية القابعة في نواميس الأعراق والأديان الدنيوية، من خلال الملكيات الدستورية والنظم الاتحادية، الكفيلين بإخراج هذه الدول من دائرة الأزمة إلى فضاء التنمية والتعايش.
هذا يعني ببساطة التخلي المزدوج عن الإقامة في الدولة المركزية من قبل الحاكمين.. مقابل التخلي عن الدعوات الانفصالية من قبل الباحثين عن مخرج من المركزية الظالمة، وإن لم يستجب الطرفان للتراضي الحكيم بتقرير المصير، فإن طبول الحروب الأهلية المدمرة ستكون البديل الذي سيجر معه فرقاء إقليميين ودوليين، بما يذكرنا بحروب أوروبا الأهلية قبل حربي الدمار الشامل في النصف الأول من القرن العشرين
الخليج