لقد أهدر الصراع القائم في تعز كثيرا من الوقت والفرص والامكانات وكلف الكثير من الضحايا وقوض إمكانية استكمال التحرير وأجهض عهدا قائما على التعايش والتواصل والتضامن بين أبناء المجتمع الواحد، وباتت المدينة دون مشروع وطني مشترك وبالتالي دون أي إمكانية للتواصل في ما بينها على الرغم من واحدية مصيرها وتماثل شروط وجودها.
ما تعيشه المدينة اليوم هو الضياع بعينه والغياب الكامل للقضية الوطنية المشتركة التي تجعل الشعور بوجود قيم ومصالح مشتركة ينجم عنه شعور مواز بوحدة المصير وإيمان مشترك لدى كل القطاعات العامة بوحدة القيم والأهداف والتطلعات وبالهوية الواحدة.
ليس للعهد التعزي القائم اليوم مضمون آخر سوى تقديس المصالح الخاصة وتعظيم المنافع الشخصية الضيقة دون مراعاة لأي قواعد ومعايير سوى معايير المنفعة والأنانية، وهذا التفكيك لكل ما هو مشترك بين أبنائها من قيم وطنية ومبادئ وأهداف هو قتل لنضال وتضحيات أبنائها لعقود خلت.
لم تكن الحاجة للتضامن بين جميع أبناء تعز ملحة كما هي عليه اليوم، تماما كما لم يكن مصير تعز مترابط مثلما هو اليوم
هذا لا يعني أنه لم يبق لنا ما نفعله اليوم بالعكس لم تكن الحاجة للتضامن بين جميع أبناء تعز ملحة كما هي عليه اليوم، تماما كما لم يكن مصير تعز مترابط مثلما هو اليوم، ولا القضايا المطروحة على جميع أبناء تعز بامتياز كما أصبحت اليوم، سواء ما تعلق منها باستكمال التحرير أو قضية الأمن والتدخلات الخارجية السلبية، أو قضية الإغاثة أو قضية الإنسان التعزي كإنسان وما تعنيه من ضمان الكرامة والعدل والمساواة كما هو الحال في أي حرب ونحن نعيش على مستوى اليمن مرحلة مخاض تقود الأزمة الفكرية والسلوكية أي ما يتعلق بالفعل والممارسة وما يرافقها من حيرة وتردد وتخبط نعيشه اليوم بشكل واضح في كل ما يتعلق بالعلاقات داخل الجيش وبين النخب والأحزاب والمجتمع إلى إعادة صياغة للقضية المشتركة واكتشاف آليات ووسائل جديدة للفعل.
لن يكون هناك أمل في استكمال تحرير تعز دون إحياء ديناميكيات الكفاح المشترك ضد آلة القتل والغدر الهمجية الإمامية وإذا لم يكن في مقدرتنا عبور المسافة التي تفصلنا عن ولادة رابطة مشتركة لمجتمع ونخب ومكونات سياسية وأحزاب وجيش معيارية واحدة تقرب بين أعضائها وحدة القيم والأهداف والتطلعات وتدفعها الى تحديد مماثل للعدو والصديق.