لقد أعطى شعبنا درسا بليغا لامس صداه أروقة مجلس الأمن، وخلط أوراق الغزاة الطامعين، وأوراق المتحذلقين الماكرين الذين قبلوا أن يكون اليمن مجرد ملحق للأطراف الإقليمية، ووضعهم الشعب والعالم في مأزق وطني وأخلاقي لايستطيعون الفكاك منه.
تلك هي إرادة اليمنيين الصلبة فمهما راهنت أطراف الصراع على إضعاف شعبنا إلا أنه سيبقى هو الورقة الرئيسية في الصراع.
وبإيجاز شديد لا يمكن لأي قوة مهما بلغت أن تتجاوز إرادة اليمنيين، كما لا يمكن دحر الأطماع السعودية الإماراتية ووضع حد لغطرستهما دون استمرار الحركة الشعبية الثورية وعودتها إلى الواجهة واستعادة الفعل الشعبي والزخم الثوري بكل أشكاله لمواجهة الإنقلابات التي تشكل السعودية والإمارات اليوم أبرز أعلامها المشرعة.
مهما تعاظمت تبعات الحرب على اليمن وتضخمت رهاناتها الجيوسياسية ومهما سعى النظام السعودي وحلفائه إلى استبعاد الإرادة الشعبية من المشهد لا يمكنه ذلك، ولا يمكنه أن يطمس واقع الصراع وجوهره من كونها ثورة شعب مسلوب السيادة مضطهد ومستعبد ضد حكم نخبة سياسية فاسدة وإقطاعيين بائسين أفقدتهم السلطة المطلقة والطويلة صوابهم وأصبحوا عبيدا لشهوة التسلط وهوس القتل وإراقة الدماء.
حقيقة راسخة لا يمكن للسعودية وحلفائها الإستمرار في تجاهلها أو إلغائها لأنها وحدها من تفسر حجم التضحيات التي قدمها شعبنا كما تفسر مشيئة المقاومة الثورية المستمرة وتهيؤ اليمنيين الكامل لتقديم المزيد من التضحيات حتى تتحقق الغاية السامية في دحر الإنقلاب المليشاوي في صنعاء المدعوم إيرانيا وإماراتيا والتخلص من بقايا السلطة الإقطاعية والكهنوتية، والغاية الأسمى في قطع دابر الوصاية السعودية التاريخية على اليمن، والتطلع العميق إلى الديمقراطية والحرية والكرامة والمواطنة المتساوية.
سقطرى ليست مجرد جزيرة يعد العبث بها مساسا بالسيادة بل هوية وطنية جامعة التف حولها جميع اليمنيين معتبرين المساس بها مساسا بأعمق جذور الذات اليمنية وكبريائها.
لن يكون هناك حل لما يسمى بالحرب اليمنية التي لا تصيب اليمنيين وحدهم ولكنها تتجاوز في عواقبها المجال اليمني وتهدد استقرار الإقليم والعالم دون إرضاء تطلعات وطموحات اليمنيين الثورية والحضارية الكبرى، ومن هنا تنبع قوة الثورة ومصدر حاجة جميع الأطراف إلى القوى المؤمنة بها ولو لم تكن قوى الثورة موجودة لكان من الضروري ايجادها كقوة شعبية لا يمكن لأي من أطراف الصراع أن يجد حلا في اليمن دونها.
كشفت أحداث سقطرى بجلاء أكثر من أي وقت مضى أن الدورين الإماراتي والسعودي في اليمن لايتنافران بل يتكاملان، لذا سيدفع النظام السعودي غاليا ثمن انتهاك سيادة بلادنا وإنسانيتنا وثمن الهرولة الغبية والنظرة العمياء وسياسة تجاهل الشعب ومطالبه الإنسانية المحقة والعادلة، وثمن الاصرار على التعامل مع نخبة سياسية مسلوبة الإرادة فاقدة للنزاهة الوطنية والضمير وطابور من الإقطاعيين أوجدهم منذ عقود ورباهم على تلك النظرة المختلة في علاقتهم مع الوطن الذي تعاملوا معه كحقل للنهب والسلب والاستعباد وليس وطنا فيه شعب وله حقوق وعلى من يحكمه واجبات، ولن يدفع النظام السعودي غاليا ثمن هذه النظرة البائسة فحسب ولكنه سوف يدفع أكثر في المستقبل إذا لم ينجح في تجاوز عقدة الثورة وتجاوز شبح الصورة المأساوية لليمنيين.