كان هذا مفتتح بحث عبدالغني الذى افنى عمره للاجابة على هذا السؤال
وبعد سنوات البحث ، تبين لطالب الاثار اليمني في جامعة القاهرة ان المصريات كن زوجات لتجار يمنيين في العهود القديمة
وقبور اليمنيين تعود لتجار عاشوا في مصر وماتوا فيها وتم دفنهم هناك
اكتشف عبدالغني ان العلاقة اليمنية المصرية قديمة جدا ، وان اليمن كانت الممر الى مصر قبل مئات السنين .
وحين يتحدث عن تلك المرحلة القديمة كان كأنه يراها ويرى القوافل تسير وخلفها الحماه.
اثبت عبدالغني على سعيد العلاقات التجارية القديمة ليخبرنا ان اليمن كان يوما طريق الوصل بين المشرق والمغرب بين الهند وبين العرب ولولاه لما كانت هناك طريق .
في مرات كثيرة كان عبدالغني يهبط من سيارته الفلوكس واجن القديمة ليجلس جوارها في شوارع صنعاء وبداخلها اطفاله وهو ينتظر ان يمر احد طلابه ليطلب منه ان يعينه على دفعها الى الامام كي تمضي .
اتعبه الماضي كثيرا ، كان حين يلتفت الينا في محاضرته بكلية الاداب قسم الاثار يقول (لا اعتقد ان احدكم فهم قصة الحضارة جيدا ).
وكنت معنيا قبل ان اجري معه اى لقاء للصحيفة ان احضر واحدة من محاضراته .
وتحت مقولته ( اسمع لك كلمتين عن ماضيك ثم نتحدث ) حضرت له الكثير من المحاضرات وتمنيت ان لاتنتهي .
وذات يوم سافرنا معا ضمن عشرات الطلاب بحضور استاذة الاثار الاسلامية عميدة شعلان الى خارج صنعاء.
وهناك كان يقف شامخا كأنه يعرفنا بداره القديم .
هذه طرق القوافل ، من هنا كانت تسير ، هذه طريق لايسير فيها غير الجمال ، وهنا مرابط الخيول ، قلنا جميعا اننا نرى كل شىء مما حدثنا عنه .
وكان يوقف عميدة شعلان .
هذه المنطقة ليست لك ليست لاثار مابعد الاسلام ، انها ملك لنا ، ملك الاثار اليمنية القديمة .
وفي اعلى قمة من جدار متهالك وقف عبدالغني وهتف : هذا اخر السور لهذه المدينة .
كان يتحدث عن ما تعرف بمدن قديمة اقامها اليمنيون وخططوا لممراتها وبيوتها وقصورها .
في عام قريب كان عبدالغني متضايقا وقال من تحت ظل شجرة بلا اوراق في اداب صنعاء .
ليتنا لم ننقب عن شىء .
ليتنا تركنا كل اثارنا تحت الارض حتى يأتي من يقدرها ويبحث عنها ويدرسها
تفقد القطعة الاثرية قيمتها حيث تنتزع من مكانها
تصبح بلا هوية او تاريخ او ملامح
تصبح قطعة في متحف وليست جزء من حضارة عريقة قطعة يمكن لاي ثري اقتناءها .
مات عبدالغني مثل قطعة اثرية في غير مكانها في غير موقعها الصحيح .
مات في صنعاء في زمن غير زمانه، وسيحمله الى مقبرته ، اناس لا يعرفون من هو عالم الاثار عبدالغني على سعيد الذي ماتت معه مئات السنوات من تاريخنا .
وداعا ايها العالم الجليل ونحن غير قادرون على توديعك كما يليق .
وداعا ونحن نموت في منافينا البعيدة .