زرته إلى السجن وتحدثت معه عن سبب سجنه.. وباختصار قال المشكلة خلاف تطور إلى اشتباك بالأيدي.. فقلت له الحمدالله إن المشكلة توقف عند حدها البسيط.. وما من مشكلة إلا ولها حل ياصديقي.. نحن سنقوم بواجبنا أنا والزملاء وسنبذل كل الجهود لاخراجك من هنا وننهي المشكلة باذن الله تعالى..
قااال ليتك ما زرتنا.. فإنه إذا خرجت اليوم.
أكيد غدا أو بعد غدا سأعود إلى السجن، فصاحب البيت الذي أنا مستاجر منه الشقة لايقدر الضروف وعندي له ايجارات متاخرة، وأسكن على ضمانات الأخرين أو أحرر له إلتزامات بالسداد، وكل ما أحصل عليه أوفره لصاحب البيت حتى ولو كان ألف ريال.. ومن الصعب جدا أن أصف لك حالي كرب أسرة مكونه من خمسة أولاد أكبرهم 11 عام وأصغرهم عامين.. انقطاع الراتب وغياب فرص العمل والأوضاع الغير مستقرة فاقمت من معاناتي بشكل أكبر قد يكون من المستحيل على أحد غيري تحمله يا صديقي.. لا أتذكر يا أخي متى أخر مرة خرجت إلى السوق مع أولادي أو مع زوجتي لشراء أبسط ما نحتاجه.. لم أتذكر متى أخر مرة أعطيت أولادي مصروف.. يا صديقي معظم الأوقات أخرج الصباح بدري وأعود في وقت متأخر من الليل بسبب الإيجار وصاحب البيت.
أنا لا أريد الخروج من السجن، سأبقى هنا لأن خروجي يترتب عليه إلتزامات كثيرة هي على عاتقي وأنا عاجز أمام أبسطها فما بالك بأكملها وكلها ضرورية.. على الأقل هنا سأكون معذور من إلتزاماتي التي أصبحت عاجزاً أمامها.. والسجن أفضل مكان أهرب إليه من صاحب البيت الذي إلتزمت له بدفع الإيجار بعد يومين..
في سجنه بالعاصمة صنعاء قال: في السجن بدون حرية.. أحب لي من خارجه بحرية مدفوعة الثمن ومليئة بالواجبات والإلتزامات وبدون أي حقوق.. وشكرا على زيارتك ومواقفك..
ثم تركني واتجه نحو جدار الزنزانة واسند ظهره للجدار وغطى وجهه..
حجم الوجع أبلغ من كل لغات الكون ولذلك، سأترك الوجع يخط دربه في مقل الغيم عل المدى يتدثر بشهقة طفل جائع ينتظر عند الباب عودة الأب الذي رمته أقدار الفاقة خلف قضبان سجن عده حرية مقارنة بالواقع الذي حوله.
فكيف صار السجن حرية وهو لص حرية..؟؟!! وكيف غدا السجان رفيق وهو لص أحلام..؟! تموت على ضفاف الدمع نوافذ الضوء في زمن لم يعد فيه متسع للانسان الشريف، وفي المقابل تناثر وحش اللص على كل جغرافيا المكان؟؟!!..