لقد توقف حديث طارق عند ها الحد فلم يشر ولو بحرف واحد إلى الشرعية بل برهن بما لا يدعم مجالاً للشك بأن قواته ليس إلا تشكيل عسكري منفصل في إطار مخطط التحالف لإعادة تقرير مصير اليمن وفقاً لأولويات هذا التحالف، الذي أثبت حتى الآن أنه يتصرف بحماقة ويُراكم التحديات التي ستغرقه حتماً إن استمر بالمضي في هذا النهج الذي يتسم بالضبابية وعدم الوضوح.
لقد كان أملُ الكثير من أنصار النظام السابق منعقداً على الرئيس السابق الذي قضى في معركة عبثية لم يسعفه فيها نفوذه ولا حنكته حتى في تحديد توقيتها فانتهى وانتهت معه أحلام العودة إلى السلطة التي يريد التحالف أن يجعلها حقيقة مع ورثة صالح الذين يكررون الخطأ نفسه ويتحولون إلى مرتزقة حقيقيين.
لا أدري لماذا يدفع التحالف بالعميد طارق وقواته بعيداً عن الشرعية التي جاء هذا التحالف لمساندتها، على الرغم من أن لهذا التحالف تجربة حديثة وفاشلة في الرهان على عمه علي صالح، الذي كان يمسك بأوراق عديدة وبقدرة على توظيف هذه الأوراق والإمكانيات، لكن تفريطه بهذه الإمكانيات ألقت به خارج مسرح السياسة والحرب وإلى الأبد.
ليس من المجدي توجيه اللوم إلى العميد طارق الذي جاء إلى عدن طريداً ونجا بأعجوبة من ملاحقات الحوثيين له في صنعاء، بل اللوم على التحالف، والسعودية على وجه الخصوص، التي يبدو أنها تمنح الإمارات صلاحيات إضافية للعبث بمقدرات الشعب اليمني عبر إنشاء تشكيلات مسلحة أساسها عائلة صالح وفلوله وجنوده الذين خرجوا من المشهد العسكري بشكل مهين بعد أن فرطوا بشرفهم العسكري وخانوا الوطن حينما سلموا الدولة لميلشيا طائفية تعبث بها كيف تشاء، وانحشروا في ولاءات مناطقية ومذهبية حتى اختنقوا بدخان معركة فقدوا السيطرة عليها وفقدوا معها دورهم وعادوا مجدداً ليقدموا أنفسهم على أنهم حراس الجمهورية التي لا يعترفون برئيسها.
ومما لفت نظري أيضاً فيما جاء بكلمة العميد طارق، تأكيده أن اليمن هي أصل العرب، وتنتمي إلى أمتها العربية، وأنها لم تنتم إلى فارس ولا للباب العالي في إسطنبول.
من أعطى هذا القائد -الهارب من معركة تجرع فيها هزيمة مخزية ومذلة- الحقَّ في تجاوز المواقف الثابتة للدولة اليمنية والتأثير على علاقاتها مع الدول، وكيف نسي أن الرئيس هادي زار تركيا ثلاث مرات خلال فترة رئاسته إحداها كانت زيارة رسمية.
لا يمكن فهم ذلك إلا أنه نوع من الرسائل الإماراتية الوقحة التي يتم تمريرها عبر طارق الذي يريد أن يضع اليمن في مواجهة دولة إقليمية محترمة مثل تركيا، لطالما عبرت عن دعمها المطلق للسلطة الشرعية، وما انفكت تقدم الدعم متعدد الأبعاد للشعب اليمني، مجرداً من أية أجندتن أو أطماع أو مصالح، بل أن سفيرها كان أحد مصادر الدعم الدبلوماسي الهام لفريق التفاوض الحكومي في جولة الكويت.
لم يكتف هذا التحالف الغبي بتفجير نزاع مع دولة مثل قطر، بعد أن كانت شريكة أساسية في هذا التحالف، ودفع بالحكومة الشرعية إلى قطع العلاقات معها على الرغم من الدعم السخي الذي قدمته قطر لليمن.
فها هو تحالف الرياض-ابوظبي يدفع باتجاه افتعال الخلاف مع تركيا وتنصيب هذا البلد الشقيق، عدواً إجبارياً للشعب اليمن وللعرب إجمالاً في مؤشر على حماقة لا يمكن مداواتها ما بقي طيش الساسة الجدد المتحكمين بالقرار في ابوظبي والرياض طاغياً ومهيمنا ومؤثراً في القرار السياسي والعسكري لهاتين العاصمتين.
المصدر: اليمن نت