الذين قدموا هذا كأحد الحلول سواءاً كانوا ضمن مصفوفة حكومة بن دغر أو ضمن جماعة الحوثي، ومثلهم المنظويين تحت مظلات متعددة ناشطين خبراء اقتصاد وغيرهم، لم أجد في طرح أي منهم ما يشير إلى كيفية معاودة التصدير.. هل في إطار الاتفاقيات السابقة التي يذهب الجزء الأكبر منها نفط وغاز كلفة، أم بعد تصحيح مسار نفط وغاز الكلفة..!؟!..
ومن خلال التدقيق في الحديث عن معاودة تصدير النفط والغاز اليمني كواحدة من إجراءات الحد من توالي تراجع قيمة الريال اليمني، يتكشف بجلاء أن الجميع لم يرد في أي تناول أو مقترح أو خطة لا من قريب ولا من بعيد ما يمت بصلة إلى نفط وغاز الكلفة، بل اكتفى الجميع بالمطالبة وبسرعة معاودة التصدير وقليل طالب برفع سقف الانتاج..
وللايضاح فإن معاودة تصدير النفط والغاز بالكيفية السابقة، لن يغير في المعادلة شيء، ولذلك من الأولى قبل الحديث والمطالبة بمعاودة التصدير، يتوجب وبصورة جدية وعاجلة الحديث والمطالبة بضرورة تصحيح مسار الاتفاقيات السابقة وهنا أقصد ما يخص نفط وغاز الكلفة لتكون على أقل تقدير عوائد الحكومة توازي نسبة 50 بالمائة من إجمالي العوائد الكلية للكميات المصدرة وتتحقق الفائدة من التصدير وبالذات في ظل هكذا ظرف تمر به اليمن، أما معاودة الانتاج والتصدير بالكيفية السابقة فلا جدوى من العملية.
تقرير جهاز الرقابة والمحاسبة للعام 2012، يقول إن نسبة كبيرة جدا من النفط والغاز اليمني تذهب نفط وغاز كلفة والبقية يتوزع على الشريك الأجنبي والشركاء المحليين والحكومة وأطراف يطلق عليها حماية..
النجاح الذي ستثبته هذه الحكومة في ملف فساد نفط الكلفة هو المؤشر الفعلي على جديتها في تحمل مسؤولية البلد، والعكس يثبت عدم جديتها في تحمل المسؤولية وكل ما يدور هو تأصيل لجذور شبكات فساد إضافية
ويضيف تقرير الرقابة والمحاسبة بأن الحكومة اليمنية لا تتحصل من النفط إلا 85 سنت من الدولار عن كل برميل نفط خام، ومن الغاز 56 سنت من الدولار فقط والبقية تتوزع في الغالبية كالتالي: نفط كلفة 25 إلى 30 وتصل إلى 40 بالمائة في بعض حقول الإنتاج، ومن خلال اتباع المعيار الأكثر شمولية وهو 30 بالمائة كنفط كلفة يتبقى 70 بالمائة تتوزع كما يلي: الشريك الأجنبي 49 بالمائة والشركاء المحليين 10 بالمائة والحماية 5 بالمائة والباقي 6 بالمائة حصة الحكومة اليمنية، وهذا سارٍ ومعمول به كمعيار ثابت في مجال النفط والغاز..
إذاً فما الجدوى من معاودة انتاج وتصدير النفط والغاز بهذه الكيفية..؟ أليس الأولى تصحيح مسار الاتفاقيات الاستثمارية في هذا المجال والتي أفرزت ذلك..؟!؟..
تقارير جهاز الرقابة والمحاسبة اليمني، منذ العام 1990 وحتى 2014_ حيث كان أخر تقرير يصدر عن جهاز الرقابة، تكرر التأكيد والمطالبة على ضرورة تصحيح مسار اتفاقيات نفط الكلفة ومنذ عام 2007 أضافت غاز الكلفة، ولم يكن ليعير ذلك اهتمام لأن شبكات الفساد هي من تسيطر على هذا المنحى..
ومن منطلق وواقع مسؤولية مهنية وأخلاقية، أجزم أن تغاظي حكومة بن دغر عن فتح فساد ملف نفط وغاز الكلفة مثل الحكومات السابقة، لن يتحقق أي نماء أو استقرار_ تتحمل مسؤولية إدارته الحكومة باليمن..
ولذلك فإن الإقرار بنجاح أو فشل حكومة بن دغر مرهون بهذا الملف الشائك، فالنجاح الذي ستثبته هذه الحكومة في ملف فساد نفط الكلفة هو المؤشر الفعلي على جديتها في تحمل مسؤولية البلد، والعكس يثبت عدم جديتها في تحمل المسؤولية وكل ما يدور هو تأصيل لجذور شبكات فساد إضافية..
قد يتسائل كثير ما علاقة نفط وغاز الكلفة بالتراجع المتوالي لقيمة الريال اليمني..؟!؟.. والإجابة: العلاقة تكمن في أن النجاح في تفكيك بؤر شبكات الفساد في هذا المجال والذي يعتبر الأهم، والتي تتحكم وتسيطر على ثروات اليمن وتحولها لصالحها، كفيل في تفكيك بؤر الفساد المتوالية في تراتبيتها من الأعلى إلى الأسفل.. إذ بؤرة شبكة فساد نفط وغاز الكلفة تعد بؤرة الفساد المركزية المحمية بالنفوذ والقوة والمتحكمة بكل القرارات والأدوات التي تمنع بل تجرم مجرد التفكير في التعاطي معها وتحجيمها ومنها تتفرع بؤر شبكات الفساد الكلية.. وما تجار ومهربي العملات وسماسرة صفع الريال اليمني إلا موظفيين عند مركز شبكة فساد نفط وغاز الكلفة، ولذلك لا يمكن أن تتم أية معالجات أو حلول للحد من فقدان الريال قيمته إلا بالقضاء على هذا المركز..
ختاما: وفي تأكيد أتحمل مسؤوليته، أجزم أن الأصح هو عدم معاودة انتاج وتصدير النفط والغاز بالكيفية السابقة والحالية حتى يتم تصحيح مسار نفط وغاز الكلفة فهو طريق الحرير لتعافي الريال اليمني، وإلا فبقاءه في باطن الوطن خير من خروجه إلى جيوب وخزانات مركز الفساد.