يوم تعقد فيه العديد من الولايات الأميركية تجمعاتها وتجري انتخاباتها التمهيدية بشكل متزامن، في تقليد يوصف بأنه إحدى الجولات الحاسمة في حملة المرشحين لكسب ترشيح حزبهم للانتخابات الرئاسية
التاريخ
بدأ تقليد الثلاثاء الكبير "super Tuesday" في ثمانينيات القرن العشرين، حيث تبلور المصطلح إعلاميا عندما قررت ثلاث ولايات جنوبية إجراء الانتخابات التمهيدية فيها بشكل متزامن في ثاني ثلاثاء من شهر مارس/آذار، وصادف أول "ثلاثاء كبير" يوم 8 مارس/آذار عام 1988 عندما حصل جورج بوش الأب فعليا على ترشيح الحزب الجمهوري.
وتتأرجح منذئذ تواريخ هذا اليوم بين شهريْ فبراير/شباط ومارس/آذار من سنة إجراء الانتخابات الرئاسية، حيث تصادف تاريخ هذا اليوم في انتخابات عام 2008 مع يوم 5 فبراير/شباط، وفي انتخابات عام 2016 الأول من مارس/آذار.
وتفيد وثائق أميركية بأن الكونغرس اختار منذ عام 1845 الثلاثاء يوما لتمكين المواطنين الأميركيين من التصويت في الانتخابات خصوصا المزارعين منهم، حتى لا تتأثر أعمالهم خلال بقية أيام الأسبوع لأن المجتمع كان حينئذ مجتمعا زراعيا يتم التنقل فيه بين المناطق بواسطة الخيول.
ثم أقر الكونغرس عام 1875 الثلاثاء أيضا يوما لإجراء انتخابات مجلس النواب، كما أقره في عام 1914 لإجراء انتخابات مجلس الشيوخ.
ولايات مشاركة
يختلف عدد الولايات المشاركة في يوم "الثلاثاء الكبير" من انتخابات لأخرى، حيث شاركت 14 ولاية ومنطقة في انتخابات عام 2016، مقابل 24 ولاية في انتخابات عام 2008.
وتجري تلك الولايات خلال ذلك اليوم انتخاباتها التمهيدية ومؤتمراتها الحزبية لاختيار أكثر من ألف مندوب من الحزب الديمقراطي، و600 مندوب من الحزب الجمهوري يتعهدون بتأييد أحد المرشحين لانتخابات الرئاسة.
ورغم أن عملية التصويت في الولايات المشاركة تتم في نفس اليوم إلا أن توقيت انتهائها يختلف من ولاية إلى أخرى، فمثلا يحدد ذلك التوقيت في ولايات آلاباما وجورجيا وفيرمونت وفيرجينيا بالساعة السابعة مساء، أما في ماساشوستس وأوكلاهوما وتينيسي وتكساس يحدد بالثامنة مساء، بينما يحدد في آلاسكا بمنتصف الليل.
ويحتاج المرشح الديمقراطي إلى أصوات 2382 مندوبا للفوز بترشيح الحزب له، أما المرشح الجمهوري فيحتاج إلى 237,1 مندوبا فقط، مما يجعل هذا اليوم مهما في اختيار مرشح كل حزب.
ويختار الحزبان الديمقراطي والجمهوري هذا اليوم مرشحيهما للرئاسة ولنيابة الرئيس خلال مؤتمر حزبي توفد إليه كل ولاية وعدة مناطق أميركية مندوبين لتمثيلها، في حين تختار أربع ولايات مندوبيها خلال شهر فبراير/شباط، وهي آيوا ونيوهامشاير ونيفادا وكارولينا الجنوبية.
وفي المقابل تختار ولايات أخرى مهمة كتكساس وأوهايو وبنسلفانيا إجراء انتخاباتها التمهيدية في أبريل/نيسان، وكارولينا الشمالية وإنديانا في مايو/أيار، كما يسمح للولايات التي ينتمي إليها المرشحون بالمشاركة في هذا اليوم.
وفي بعض الولايات يجب أن يكون الناخبون مسجلين على قوائم الحزب الديمقراطي أو الجمهوري للمشاركة، ولكن أكثر من نصف الولايات المشاركة في ذلك اليوم تسمح للمستقلين بالتصويت، وأحيانا يسجل هؤلاء مع الحزب يوم التصويت وفي أحيان أخرى لا يحتاجون إلى ذلك.
وفي كاليفورنيا ونيوجيرسي وبعض الولايات الأخرى يقدر عدد الناخبين المستقلين بالملايين، وقد يكون لهم تأثير بارز على النتيجة.
تفسيرات متباينة
وتوجد عدة تفسيرات أميركية لأسباب اختيار بعض الولايات إجراء انتخاباتها التمهيدية ومؤتمراتها الحزبية في نفس اليوم، منها أن العديد من الولايات والمناطق التي تجري فيها انتخابات خلال ذلك اليوم لديها عدد قليل من السكان ومن المندوبين، وتريد بعقد استحقاقاتها الانتخابية في نفس اليوم أن تصبح قادرة جماعيا على إحداث تأثير أكبر في اختيار الرئيس المقبل.
كما أن العديد من الولايات المشاركة في هذا اليوم تنتمي إلى الجنوب ولديها اهتمامات متشابهة بشأن القضايا القومية، إلى درجة أن وسائل الإعلام تلقب هذا اليوم بـ"الانتخابات التمهيدية".
وتساهم انتخابات الثلاثاء الكبير في تضييق مجال التنافس، وغالبا ما ينسحب من السباق عدد من المترشحين الذين لم يحققوا سوى مكاسب قليلة في منافسات تلك الولايات، إما لأنهم استنتجوا أنهم قد لا يتمكنون من الفوز، أو لأنهم سيجدون لاحقا صعوبة أكبر في استقطاب المتطوعين وجمع الأموال للحملة الانتخابية، وحتى في جذب متابعة إعلامية.
ويتنافس المرشحون في التجمعات والانتخابات التمهيدية، وترسل الولاية مندوبيها الناجحين إلى مؤتمر الحزب مفوضين في تأييد مرشح معين، وفي هذا المؤتمر يُعلن رسميا اسم هذا المرشح. وكلما كان أداء المرشح أفضل في التجمعات والانتخابات التمهيدية حصل على المزيد من دعم الولايات.
وقد تسفر الانتخابات التمهيدية عن "وضع معلق" بسبب أن كلا الحزبين لديه إلى جانب المندوبين الملتزمين بتأييد مرشح ما عدد آخر من المندوبين غير الملتزمين، والذين يكونون أحرارا في اختيار أحد المرشحين، وقد لا يعلنون اختيارهم حتى ينعقد مؤتمر الحزب.
وهو ما قد يحول ذلك المؤتمر إلى محطة للتنافس بدلا من أن يكون مناسبة للتتويج كما جرت العادة، وهو أمر حدث في مؤتمر الحزب الديمقراطي عام 1952.