واهم من يراهن على دور فعال لمنظمة الأمم المتحدة في حل الأزمة اليمنية، فالمنظمة -منذ تأسيسها عام 1945- لم تنجح في حل أي أزمة في العالم، ما عدا نشرها لمراقبين دوليين لمراقبة وقف إطلاق النار في مناطق نزاع محدودة، وذلك بعد أن يتفق أطراف الصراع على ذلك، ودور المنظمة كان هامشياً.
وكذلك الأمر بالنسبة لليمن، فمنظمة الأمم المتحدة لم تنجح في حل أي أزمة يمنية منذ تأسيسها، رغم تدخلها في ثلاث محطات رئيسية في تاريخ البلاد، الأولى أثناء الحرب بين الجمهوريين والملكيين بعد ثورة 26 سبتمبر 1962، والثانية أثناء حرب صيف 1994 الأهلية، والثالثة بدأت قبل انقلاب ميليشيات الحوثيين والمخلوع علي صالح ضد السلطة الشرعية، ومازال التدخل مستمراً رغم الفشل.
بعد اندلاع ثورة 26 سبتمبر 1962 ضد الامامة، طلب الأمين العام للأمم المتحدة حينها، الراحل يوثانت، من الدبلوماسي الأمريكي رالف بانش أن يكون مبعوثه الخاص إلى اليمن، لكن بانش فشل في مهمته، واتهمه اليمنيون حينها بالعمل على استمرار وإطالة الحرب، وتسهيل إيصال السلاح لطرفي النزاع، وقضى بانش معظم وقته في رحلات مكوكية بين مصر والسعودية لإقناعهما بالإنسحاب من الصراع دون أن يضع حلولا بديلة.
انسحبت بعثة الأمم المتحدة من اليمن في سبتمبر 1964 بعد أن قضت 14 شهرا فقط في البلد، واقتصر دورها على مراقبة انسحاب محدود لبعض وحدات الجيش المصري من المعركة، ووقف الدعم السعودي، حيث تم نشر قوات أممية من كندا ويوغسلافيا في الحدود اليمنية السعودية وبعض الجبهات لمراقبة حركة القوافل ومنع إيصال الأسلحة، لكن عدد أفراد هذه القوات كان محدوداً، وكانت هناك طرق بديلة لإيصال السلاح لطرفي الصراع، كما أن المبعوث الأممي حينها لم يستطع الإلتقاء بزعماء القبائل في الداخل، واقتصرت تحركاته الدبلوماسية على القاهرة والرياض فقط، ثم انسحب وانتهت مهمته بالفشل، واستمرت الحرب حتى عام 1970 بإجراء مصالحة بين الملكيين والجمهوريين برعاية سعودية.
وكذلك فشل المبعوث الأممي إلى اليمن الأخضر الابراهيمي في مهمته، أثناء حرب صيف 1994 الأهلية، ولم يتمكن من طرح مبادرة مقبولة تسهم في وقف إطلاق النار وتقرب وجهات النظر بين طرفي الصراع، وانتهت الحرب بدون مساعي جادة للأمم المتحدة في إيقافها.
أما مساعي الأمم المتحدة بخصوص الأزمة الحالية في اليمن، فقد عرت هذه المساعي المنظمة الأممية تماماً، وكشفت عن زيفها، وأنها ليست سوى أداة بيد الدول الكبرى لتمرير أجندتها، واتهمها اليمنيون بمختلف أطيافهم -ما عدا الفئات العنصرية الموالية للانقلابيين- بأنها تعمل على إنقاذ الميليشيات الانقلابية كلما أوشكت على الهزيمة في جبهة ما، وأنها تشرعن للانقلاب وأن مساعيها بمثابة تخدير للسلطة الشرعية والمقاومة الشعبية بغرض إنهاكهما حتى يقوى عود الانقلاب.