وأفادت مصادر محلية في مأرب، بأن المدينة شهدت خلال الأيام الماضية تصاعداً في حدة أزمة التجاذبات الداخلية بالمحافظة بين الأطراف والقيادات الفاعلة، بعد سقوط قتيل على الأقل وجرح آخرين، يوم الأحد الماضي، جراء إطلاق نار، في حادث تضاربت الروايات حوله وإن كانت الرواية الأبرز تحدثت عن وقوعه في أثناء تظاهرة منددة بقرارات السلطة المحلية، وعلى وجه خاص، تعيين العميد عبدالملك المداني مديراً لأمن محافظة مأرب، وهو القرار التي تحول إلى مثار جدل منذ أكثر من أسبوع.
وتزامن التصعيد الأخير، مع ارتفاع أصوات تنادي بمطالب ذات طابع جغرافي محدود، من خلال جعل الأولوية بالتعيينات لأبناء المحافظة، ما من شأنه تفعيل مخرجات الحوار الوطني الخاصة بالأقاليم، والتي تجعل من مأرب ومحيطها (الجوف والبيضاء) إقليماً مستقلاً بإدارته المحلية، كأحد الأقاليم الستة المقترحة بمشروع الدولة الاتحادية.
وعلى الرغم مما يراه العديد من اليمنيين من وجاهة للمطالب بجعل أولوية التعيينات في إدارة المحافظة من أبنائها، إلا أن ارتفاع مثل هذه المطالب في هذه المرحلة بالذات، يجعل من مأرب، التي تحولت إلى مركز حقيقي للشرعية ومناصريها من مختلف المحافظات الشمالية، أزمة، وسط شكوك في الدوافع التي تقف وراء هذا النوع من التصعيد.
ولا يستبعد وجود مساع من قبل تحالف =الحوثيين وحلفائها الموالين للمخلوع صالح، لاستخدام مثل هذه المطالب، للتأثير على مأرب ووحدة قوى الشرعية والشخصيات الفاعلة فيها.
وأوقعت المعارضة التي واجهها قرار تعيين المداني الشرعية في أزمة حقيقية، إذ إن العديد من الرافضين صرحوا بسبب اعتراضهم على القرار بأنه انتماء المداني إلى أسرة تنتسب إلى "الهاشميين" الذين ينظر إليهم أصحاب هذا الرأي بأنهم قادة الحوثيين ويمثلون مشروعهم السياسي عموماً.
في المقابل، تجد الشرعية أو قيادة السلطة المحلية في المحافظة، محاذير بالتراجع عن القرار لمثل هذا السبب، لكن الانتقادات لم تتوقف وتحولت إلى نقاشات ساخنة بين مؤيد ورافض في مواقع التواصل الاجتماعي منذ أيام.
في موازاة ذلك، تذكر مصادر مطلعة في المدينة أن التجاذب السياسي الحاصل، في المحافظة الأكثر استقراراً بين مناطق سيطرة الشرعية، يتخذ أكثر من بعد، بما في ذلك التنافس السياسي بين الأحزاب.
وتنظر العديد من القيادات إلى أن حزب التجمع اليمني للإصلاح يعد النافذ الأول في المحافظة، ويُحسب العديد من المسؤولين عليه كانعكاس لنفوذه إذ يعد ثاني أكبر الأحزاب وتقلص نفوذه في مناطق سيطرة الحوثيين شمالاً ليتركز في مأرب. وتوجه بعض القيادات المستقلة والمحسوبة على أحزاب أخرى، الانتقادات للحزب.
وعملياً باتت مأرب، أحد أربعة مراكز يمنية لتموضع القوى المختلفة، إذ يسيطر الحوثيون وحلفاؤهم من حزب صالح على صنعاء، فيما تقع عدن تحت نفوذ الشرعية والقوى الجنوبية المطالبة بالانفصال إلى جانب التحالف، والمركز الرابع محافظة حضرموت، التي لا يختلف وضعها كثيراً عن عدن، وتأتي مأرب مركز الشرعية شمالاً في مقابل صنعاء.
ونزحت مئات آلاف العائلات من مناطق سيطرة الحوثيين إلى مأرب، التي توسعت عمرانياً وخدمياً إلى حد كبير خلال العامين الماضيين. وهو الأمر الذي انعكس بدوره على التزاحم الحزبي والسياسي حول النفوذ في المحافظة، التي يتخوف البعض من أن تكون هدفاً للإمارات، بعد أن عملت الأخيرة على تضييق الخناق على حزب الإصلاح جنوباً.
لكن الوضع في مأرب، يختلف بدرجة أو بأخرى، مع حضور واضح للسعودية في المحافظة، في مقابل تصدر الإمارات عمل ونفوذ التحالف في الجنوب.
وبين مجموعة التعقيدات السياسية والمناطقية والإقليمية، تبقى مأرب، نموذجاً استطاع أن يتحول إلى مركز لقوات الشرعية وحضورها شمالاً، لكنها تبقى مهددة بالتباينات الداخلية على النحو الذي ظهر الأيام الماضية. ويعتمد تطور أو احتواء التباينات على توجه التحالف وقدرة الأطراف المحلية نفسها على إدارة خلافاتها.
العربي الجديد