وأكد سكان في صنعاء، أن الجماعة شرعت منذ أيام، بنشر الدعاية الخاصة باحتفالياتها عبر تعليق الشعار الرسمي للاحتفال "الذكرى الثالثة لثورة 21 من سبتمبر"، كما أُطلق عليها، واللوحات التي كُتبت عليها عبارات تتحدث عن أهمية المناسبة. وانتشرت في عدد من شوارع العاصمة سيارات تابعة للجماعة، تحمل مكبرات الصوت، وتدعو المواطنين إلى المشاركة في المهرجان المقرر أن يُقام في ميدان السبعين.
"حضر رئيس اللجنة الثورية إلى ميدان السبعين أمس على متن مدرعة إماراتية"
وقبل يوم واحد من المهرجان، وفي إطار الاستعدادات، ظهر رئيس ما يُسمى بـ"اللجنة الثورية العليا"، محمد علي الحوثي، في زيارة إلى ميدان السبعين، لتفقد التحضيرات الخاصة بالمهرجان، لكن الرسالة الرمزية تمثلت بكونه حضر إلى الميدان على متن مدرعة إماراتية، سيطر عليها مسلحو جماعته خلال المواجهات مع قوات التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، وهي خطوة ذات رسالة رمزية تأتي في إطار تفاخر الجماعة خلال الحرب الدائرة منذ ما يقرب من عامين ونصف العام.
ذكرى النكبة
يعتبر اليمنيون ان هذه المناسبة اسمها الصحيح "ذكرى النكبة"، التي اجتاحت فيها "المليشيات" العاصمة اليمنية، وتحولت إلى المسيطر الأول فيها على مؤسسات الدولة والمتحكم بمصير بلد بما تعنيه عاصمة البلاد، من منشآت ومصالح تخص اليمنيين على امتداد البلاد وعرضها، مع ما صاحب ذلك من مآس وحروب تحولت لاحقاً إلى حرب شاملة طاولت آثارها أغلب المحافظات، بعد التدخل العسكري للتحالف بقيادة السعودية.
وحتى مطلع عام 2014 كان الحوثيون يسيطرون على محافظة صعدة، معقل الجماعة شمالي البلاد، وهي المحافظة الحدودية مع السعودية، غير أن الجماعة شرعت خلال 2014 بحروب توسعية من صعدة ثم محافظة عمران، التي كانت بمثابة الحاجز في طريقها إلى العاصمة، وبسقوطها بأيدي الحوثيين وحلفائهم الموالين لصالح، في الثامن من يوليو من العام نفسه، لم تكن تفصل الجماعة عن صنعاء سوى مسألة وقت.
"اجتياح صنعاء"
كان العديد من اليمنيين ينظرون إلى توسع الحوثيين من صعدة إلى عمران، بأنه ليس سوى محطة في الطريق إلى صنعاء، وبعد سقوط عمران، كان لا بد من مبرر لتصعيد الجماعة نحو العاصمة، وهو ما حصل عبر قرار الحكومة إقرار "جرعة سعرية" برفع أسعار الوقود، الأمر الذي عارضته الجماعة، واتخذت منه مبرراً للحشد الجماهيري والمسلح لأنصارها في مداخل صنعاء، تمهيداً للتصعيد.
وصل التوتر إلى أوجه في 21 سبتمبر2014، عندما تمكن الحوثيون وحلفاؤهم من السيطرة على معسكر "الفرقة الأولى مدرع"، الذي كان المقر الرئيسي للقوات الموالية للخصم العسكري للحوثيين، نائب الرئيس اليمني حالياً، الفريق علي محسن الأحمر، في حين كانت أغلب قوات الجيش والأمن في صنعاء على الحياد، وبعضها من الموالين لصالح، متهم بتقديم تسهيلات للجماعة. كما يُتهم مسؤولون في حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، حينها، بلعب دور سهّل من توسع الجماعة وسيطرتها على العاصمة في نهاية المطاف.
اتفاق "السلم والشراكة"
في اليوم الذي سيطر فيه الحوثيون على صنعاء، جرى توقيع ما سُمي بـ"اتفاق السلم والشراكة" بين القوى السياسية وبرعاية المبعوث الأممي السابق جمال بن عمر، وهو اتفاق وُصف بأنه "مسرحي"، جرى توقيعه تحت ضغط طرف سيطر عسكرياً على صنعاء، فيما كان الاتفاق أشبه بغطاء سياسي للتحول الكبير، المتمثل بسيطرة الحوثيين على العاصمة.
وبموجب الاتفاق، تمت الإطاحة بـ"حكومة الوفاق الوطني"، التي تألفت عام 2011، برئاسة محمد سالم باسندوة، وفقاً لـ"المبادرة الخليجية"، وآليتها التنفيذية الأممية، التي جرى بموجبها نقل السلطة من علي عبدالله صالح إلى نائبه (سابقاً)، والرئيس (حالياً) عبدربه منصور هادي، وكان تصعيد الحوثيين موجهاً ضد الحكومة على نحو خاص، باعتبارها متهمة بقرار رفع أسعار المشتقات.
إسقاط الرئاسة
عقب 21 سبتمبر استمرت الرئاسة اليمنية بمهامها بصورة شكلية، في ظل وجود الحوثيين كمسيطر على مؤسسات الدولة، واستمر الوضع في حالة من التطبيع والأزمة المحدودة، حتى منتصف يناير 2015، صعّد الحوثيون باتجاه الرئاسة وأجبروا الرئيس هادي على تقديم الاستقالة إلى جانب رئيس الحكومة التي كانت قد تشكلت بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء، خالد بحاح، في 22 من الشهر نفسه.
اكمال الانقلاب
بعد الفراغ الذي عاشته البلاد عقب استقالة الرئيس اليمني ورئيس الحكومة، شرع الحوثيون بالخطوة الأخيرة لتولي السلطة، في السادس من فبراير 2015، عبر إعلان ما سُمي بـ"الإعلان الدستوري"، الذي بموجبه قامت الجماعة بحل مؤسسات الدولة، وتنصيب ما يُسمى بـ"اللجنة الثورية العليا"، كسلطة عليا مؤقتة، وغير ذلك من القرارات، التي أعقبها بأيام قليلة، إغلاق أغلب البعثات الدبلوماسية ومغادرتها صنعاء.
مغادرة هادي
تمكن الرئيس اليمني في 21 فبراير 2015 من كسر الإقامة الجبرية ومغادرة صنعاء سراً إلى عدن، ومنها أعلن العدول عن الاستقالة، واعتبار "عدن" عاصمة مؤقتة، لتتجه الأمور نحو تصعيد الحوثيين وحلفائهم باتجاه عدن، ثم مطالبة هادي بتدخل عسكري خارجي، تكلل بعمليات التحالف بقيادة السعودية في 26 مارس من العام نفسه، وبذلك دخلت اليمن في الحرب الأكبر في تاريخها، منذ ما يقرب من عامين ونصف.