قال الرئيس عبد ربه منصور هادي ان سياسة الامر الواقع في التعامل مع المتطرفين يعتبر سابقة خطيرة للمجتمع الدولي.
واعتبر الرئيس هذه السياسة شرعنة لجماعات الانقلاب والعنف والارهاب وتفرض وجودها على الشعوب بقوة السلاح.
جاء ذلك في كلمة اليمن التي القاها في اعمال الدورة 71 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك والتي الدول المانحة للإيفاء بتعهداتها السابقة وبذل المزيد للتخفيف عن معاناة اليمنيين الذين يعيشون وضع بالغ الصعوبة.
وتطرق في كلمته الى الأوضاع القائمة في اليمن وأكد رئيس فخامته " ان السلام الذي ننشده لا يمكن ان يقبل بسيطرة المليشيات والعصابات الطائفية على مقدرات الدولة والسلاح الثقيل والمتوسط والصواريخ التي تستهدف أمن واستقرار اليمن والجزيرة والخليج".
وأضاف " ان مساعينا للسلام لا يمكن ان تتجاوز ابدا تضحيات شعبنا الغالية واهدافه النبيلة ، ولا يمكن لأي حلول سلمية ان تتجاوز إنهاء الانقلاب وكل ما ترتب عليه اولا من خلال انسحاب المليشيات المسلحة وتسليم السلاح والمؤسسات ثم استكمال مسار الانتقال السياسي بإقرار مسودة الدستور الجديد والذهاب لانتخابات شاملة ".
نص الخطاب:
السيدات والسادة
اسمحوا لي في البداية ان أتقدم بالشكر والتقدير لكم السيد الأمين العام على كافة الجهود المخلصة التي بذلتموها وتواصلون بذلها من اجل إنجاح مسار السلام في اليمن والخروج من الأزمة الخانقة التي تعصف بها، والشكر موصول لمبعوثكم الخاص السيد اسماعيل ولد شيخ احمد على جهوده الطيبة التي نباركها ونقف معها.
كما نبارك للسيد بيتر تومسون بمناسبة توليه مهام رئيس الدورة الحادية و السبعين للجمعية العامة متمنين له النجاح في مهمته النبيلة.
السيد الرئيس،
الحضور الكرام ..
في العام الماضي ومن هذه المنصة نقلت لكم بشائر عودة الشرعية الى اليمن بعد وصولي من عدن عاصمة اليمن المؤقتة الى نيويورك، بعد أشهر من الانقلاب على مؤسسات الدولة من قبل مليشيات الحوثي وصالح الذين ادخلوا اليمن في حرب عبثية ودمروا نسيجها الاجتماعي ومقدراتها الاقتصادية والمالية والبنية التحتية ، واليوم أخاطبكم وقيادات الدولة في الداخل ، تدير البلاد من داخلها رغم كل الصعوبات ، فنائب الرئيس والحكومة بكامل قوامها في المحافظات المحررة ، وبات هذا المشروع التدميري الذي تقوده ايران عبر مرتزقتها في اليمن في مهب الريح وتدفع اليوم القوى الانقلابية احقاد الانتقام من شعبنا والدفع بالاطفال والنساء الى جبهات الموت دون وازع من ضمير ولا إنسانية.
ان الحرب التي تعصف باليمن لم نكن نحن من أطلقنا الرصاصة الاولى فيها ، فقد كنّا في صنعاء قبل الانقلاب ولم نزل ننادي بوضع نهاية لحروب ومآسي وصراعات دمرت اليمن خلال الخمسين السنة الماضية نتيجة فساد الحكم والاستئثار بالثروة والسلطة وهيمنة المركزية الشديدة وإهمال معظم مناطق البلاد مما أدى إلى تراكم الاحتقانات وانفجار الثورة الشعبية ضد نظام الرئيس السابق من اجل التغيير في فبراير ٢٠١١م.
لقد دعوت الجميع لبناء دولة عزيزة ديمقراطية مدنية اتحادية تحترم فيها حقوق الانسان وتحترم فيها خصوصيات كافة مناطق اليمن وتصان فيها كرامة المرأة وحقوق الطفل وكافة الشرائح المهمشة في المجتمع.
السيد الرئيس،
السيدات والسادة،
لعلكم تتذكرون جيدا حين وقفت أمامكم هنا قبل أربعة أعوام متحدثاً عن الخطوات التي قمنا بها وسنقوم بها في طريق الإنتقال السياسي للسلطة في اطار المبادرة الخليجية والقرارات الدولية ، وقلت لكم حينها ان ايران تعرقل كل الإجراءات التي نقوم بها من خلال كثير من الاعمال والتدخلات . واليوم نجني ثمن ذلك العبث الذي مارسته في اليمن من خلال المليشيات الانقلابية للحوثي وصالح التي انقلبت على كل شي ..
فبعد ان قدمنا للعالم تجربة فريدة ومتميزة وسابقة مشرفة في تاريخ اليمن والمنطقة من خلال الحوار الوطني الشامل الذي شاركت فيه كافة المكونات والقوى والذي بحث بعمق مشكلات اليمن ورسم ملامح مستقبلها وترجمت مخرجاته في مسودة جديدة لدستور اتحادي مدني جديد ، وكنا على اعتاب الولوج في بناء اليمن الجديد وانتهاء الفترة الانتقالية ، انقلبت تلك المليشيات على الدولة والشرعية والإجماع الوطني .
الحاضرون جميعاً
ان المعارك التي تدور رحاها اليوم ليست خيارنا فلقد فرضها التحالف الانقلابي لمليشيات الحوثي وصالح عندما انقلبوا على المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني ورفضوا الاجماع الوطني واسقطوا العاصمة والمحافظات ، وفي الوقت الذي كان الجميع يمد لهم يد السلام والشراكة الوطنية كانوا يطلقون الرصاص على الجميع ويحاصرون المدن ويقتلون الأبرياء للإبقاء على مصالحهم في السلطة والثروة والاستحواذ على مقدرات البلد ونهب خيراته.
السيد الرئيس،
الحضور الكرام ..
إننا نؤكد للجميع من هذا المكان أننا لسنا دعاة انتقام ولا نبحث عن إستئصال أحد من الساحة اليمنية ونمد يدنا للجميع لبناء يمن جديد ، وبالرغم مما أحدثه المشروع الانقلابي من أضرار بالغة على الصعيد السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي فإننا لازلنا ننظر اليهم كفئة يمنية باغية لابد من عودتها للصواب ولا نصادر حقها في المستقبل ، لازلنا نبحث عن عيش كريم وحياة آمنة لكل اليمنيين ، فمشروعنا هو مشروع حياة وبناء وآمان واستقرار . واليمن الاتحادي الجديد الذي ندعو اليه هو مشروع كل اليمنيين الذين صاغوه باقتدار وحكمة في وثيقة مخرجات الحوار الوطني ، هذا المشروع الذي يدعو الى دولة اتحادية قائمة على العدالة والتوزيع العادل للسلطة والثروة ، وقد دعوناهم لاثبات ولائهم لوطنهم أكثر من مرة بنزع أيديهم من يد الدول التي لم تقدم لليمن سوى الخراب والبارود ووقود الحروب .
ان السلام الذي ننشده لايمكن ان يقبل بسيطرة المليشيات والعصابات الطائفية على مقدرات الدولة والسلاح الثقيل والمتوسط والصواريخ التي تستهدف أمن واستقرار اليمن والجزيرة والخليج، وان مساعينا للسلام لا يمكن ان تتجاوز ابدا تضحيات شعبنا الغالية واهدافه النبيلة ، ولا يمكن لأي حلول سلمية ان تتجاوز إنهاء الانقلاب وكل ما ترتب عليه اولا من خلال انسحاب المليشيات المسلحة وتسليم السلاح والمؤسسات ثم استكمال مسار الانتقال السياسي بإقرار مسودة الدستور الجديد والذهاب لانتخابات شاملة ، ومن هنا رحبنا وتعاطينا مع كل الجهود المخلصة للأمم المتحدة وجميع الافكار التي تساهم في إحلال السلام والتي يرفض الطرف الانقلابي التعاطي الإيجابي معها.
السيد الرئيس،
السيدات والسادة،
سنقول للعالم وبكل وضوح إن التطرف والارهاب الطائفي الذي ترعاه ايران في المنطقة صنع وسيصنع تطرفا مقابلا له ، فالارهاب يتغذى على الارهاب النقيض له ، والارهاب والتوحش الذي ابداه الانقلابيون تجاه الشعب اليمني يغذي بذور الارهاب وينعشه .
إننا نعاني جميعا من الارهاب ، وأنا هنا باسم اليمنيين جميعا أعلن التزامنا الكامل في مكافحة الارهاب دون تراخي ، ولكني أؤكد لكم أن الارهاب في اليمن لايمكن القضاء عليه دون القضاء على أسبابه ، وأهم هذه الأسباب هو التطرف والارهاب النقيض الذي يرعاه الحوثي وصالح .
إن الفراغ الامني الذي سببته الحرب والانهيار الاقتصادي الذي سببته سياسات السوق السوداء وافقار الدولة ونهب الموارد التي دأب عليها الانقلابيون من يومهم الأول قد ولد حالة فقر شديد تستغلها الجماعات الارهابية في تجييش الأفراد وتجنيد الأطفال وتخزين الأسلحة والسيطرة على المدن ، ومالم يتم اتخاذ التدابير لإزالة هذه الأسباب فإن اليمن والمنطقة ستعاني كثيرا .
بالنسبة لليمنيين فالأعمال الاجرامية التي تقوم بها الميليشيات من قتل ممنهج للمدنيين والأطفال وكبار السن وخاصة في محافظة تعز ، وأعمال الاختطافات والإخفاء القسري وحصار المدن وإلغاء الحريات العامة والحرب العبثية على الشعب هي أعمال إرهابية لا فرق بينها وبين أعمال داعش والقاعدة وغيرها من الجماعات الارهابية ، فالإرهاب الذي يصل إلى اليمنيين من الميليشيات الانقلابية هو نفس ما وصلهم من ارهاب داعش والقاعدة لأن الشعب اليمني هو الوحيد الذي يتضرر من إرهاب النسخ اليمنية من داعش والقاعدة وحزب الله ، وعلى العالم أن يفهم أولويات الشعب اليمني في حربه ضد كل الأطراف الإرهابية بمختلف أشكالها وأصنافها .
إن سياسة الأمر الواقع والتعامل مع المتطرفين يعتبر سابقة خطيرة في المجتمع الدولي تشرعن لجماعات الانقلاب والعنف والأرهاب وتفرض وجودها على الشعوب بقوة السلاح .
السيد الرئيس،
الحضور الكرام ..
إننا ومن خلال المعطيات السابقة وبعد أن اوشك الاقتصاد اليمني على الانهيار وبعد أن قامت الميليشيات الانقلابية بصرف البنك المركزي اليمني عن مهمته وتحويله الى واحدة من وسائل الحرب على الشعب اليمني عبر تمويل الحرب والنهب المنظم لمقدرات البنك وإنهاء استقلاليته وانهيار العملة المحلية وتصفير الاحتياطي النقدي عبر سياسات اقتصادية غير مسئولة قررنا نقل البنك المركزي الى العاصمة المؤقتة عدن لانقاذ مايمكن انقاذه وحتى لايصل البنك الى نقطة الصفر التي لن يستفيد منها في البلاد سوى الارهاب وجماعات العنف وتجار السوق السوداء .
إننا نؤكد للعالم أننا اتخذنا هذا الاجراء بعد ان صبرنا كل هذا الوقت ووجهنا نداءاتنا لكل الأطراف وبعد أن ثبت لدينا الاخطار التي يشكلها بقاء البنك بيد ميليشيات غير مسئولة تعمل عبر سياسة الاثراء الشخصي لقادة الميليشيات والافقار العام للشعب ولكل مؤسسات الدولة ، منطلقين في خطوتنا هذه من اجل إيقاف الحرب من خلال تقييد تدفق الأموال الى تلك المليشيات.
ونحن بهذا الصدد نطلب دعم العالم الحر ومؤسساته النقدية للوقوف معنا والتفاعل مع هذه الاجراءات لانقاذ الاقتصاد اليمني وتفويت الفرصة على المتلاعبين بمصير اليمنيين .
ان الوضع الذي خلفته الحرب المدمرة المفروضة على شعبنا نتيجة نهب مقدرات الدولة والعبث بموارد البنك المركزي اليمني وتآكل احتياطات النقد الأجنبي وتغييب العملة المحلية وفتح الانقلابيين الباب امام تجارة الحروب والسوق السوداء والتهريب كلها تهدد بدخول اليمن في مرحلة خطيرة تندر بوقف دفع مرتبات موظفي الخدمة العامة في الدولة وتفاقم الكارثة الانسانية، الامر الذي يستدعي تحرك المجتمع الدولي لدعم خطط الحكومة اليمنية للتعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار . مؤكدين التزام البنك المركزي بكافة التزاماته الوطنية والدولية.
السيد الرئيس ،
السيدات والسادة،
بالرغم من إعلان الامم المتحدة في كل عام عن خطة الاستجابة الانسانية في اليمن الا ان ما يتم تقديمة لا يغطي الا الجزء اليسير من الاحتياج الفعلي المتزايد بسبب الاوضاع المأساوية الصعبة التي يعيشها أبناء الشعب اليمني، وهنا اجدها فرصة سانحة لأجدد دعوتي الى جميع الدول المانحة للإيفاء بتعهداتها السابقة و بذل المزيد للتخفيف من تلك المعاناة. كما احب التنويه هنا الى ان حكومة الجمهورية اليمنية حريصة على ان تصل المساعدات الانسانية العاجلة الى مستحقيها في كل محافظات الجمهورية دون استثناء. وأتوجه بالشكر الجزيل للجهود الكبيرة التي يبذلها مركز الملك سلمان للإغاثة وبقية المؤسسات الإغاثية الخليجية..
السيد الرئيس،
الحضور الكرام ..
ان اليمن التي ننشدها والتي ستخرج من ركام الحرب الظالمة التي فرضتها مليشيات الحوثي وصالح، ستكون اكثر التحاما بمحيطها الإقليمي مدركة لعمقها الاستراتيجي والجيوسياسي في منطقة الجزيرة العربية والخليج، وبهذه المناسبة اجدد الشكر والعرفان لأخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ولحكومة وشعب المملكة العربية السعودية، ولرئيس وحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة وكل اهلنا في مجلس التعاون الخليجي والتحالف العربي من اجل استعادة الشرعية في اليمن.
السيد الرئيس،
الحضور الكرام ..
بعد ثلاثة ايام يحتفل شعبنا اليمني العظيم بذكرى الثورة اليمنية الخالدة ثورة ٢٦ من سبتمبر التي أعلنت النظام الجمهوري الديمقراطي و نتذكر بفخر واعتزاز امجاد اليمن ونضالات ابطالها ونؤكد لأبناء شعبنا أن مشوار التضحيات الذي بدأه اليمنيون ضد التخلف والإمامة يكتمل اليوم بتضحيات الأبطال الجدد المدافعين عن الثورة والجمهورية وأننا مع السواد الأعظم من اليمنيين حتى النصر وهزيمة جحافل الإمامة وموروثات الحكم البائد بنسخته الجديدة التي يتصدرها تحالف الغدر بين الحوثي وصالح وسعيهم لإقامة نظام ثيوقراطي عنصري على غرار ولاية الفقيه ونؤكد لأبناء شعبنا أن النصر أصبح أقرب من كل وقت مضى ، ودعوني اخاطب شعبنا من على هذا المنبر في ذكرى ثورته المجيدة ، فيا شعبنا اليمني المظلوم و المكلؤم و النازح و الهارب و المعتقل و المخفي والمقتول والجائع و الحالم العزيز والكريم أقول لكم بكل ثقة أنه لن تذهب تضحياتكم سدى ولن تتبخر أحلامكم ، سننتصر لا محالة ، وسنحقق مشروعنا العادل بإذن الله ، وسننتزع اليمن من مخالب ايران ، وسنرفع العلم اليمني على كل شبر من تراب وطننا الغالي و سنؤسس للدولة الاتحادية العادلة ..
نحن كنّا ولم نزل دعاة سلم وسلام ، ورواد محبة ووئام ، ورعاة حوار وتشاور ، ويؤلمني ويؤلم كل يمني حر كل قطرة دم تسفك هنا او هُناك، فأنا مسئول عن كل اليمن ارضاً وشعباً من أقصاه الى أقصاه، ولا احمل في قلبي الا هموم شعبي ووطني ورغبتي في ان أرى بلدي تنعم بالرخاء والأمان، و سنواصل التعامل بإيجابية وصبر مع كل الجهود الأممية وسنقدم الغالي والنفيس من اجل استعادة السلم الاجتماعي وتعافي النسيج الوطني من واقع مسؤوليتنا الدستورية والأخلاقية تجاه معاناة شعبنا في كل اجزاء الوطن الغالي.
الا يكفي شعبنا قتلا وتدميرا، هل يسمع اصحاب المشروع الانقلابي من مليشيات الحوثي وصالح نداء الانسانية من هذا المنبر الدولي ويتفاعلون مع مساعي السيد الأمين العام ومبعوثه الخاص الى اليمن، لتنفيذ ما اتفقنا عليه من مرجعيات ثابتة تتمثل في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصِّلة بالشان اليمني وتحديدا القرار ٢٢١٦، واستكمال خطة السلام التي بدأناها في دولة الكويت الشقيقة والتي اتوجه من هذا المنبر لها ولأميرها سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وشعبها الشقيق بالشكر والعرفان.
احيي كل الشرفاء الأحرار المرابطين في مختلف الجبهات والميادين ...
وأتمنى ان تكلل اعمال الجمعية العامة في دورتها هذه بالنجاح والتوفيق ... أشكركم مجددا. والسلام عايكم ورحمة الله وبركاته.