وكما التوقعات، يثير الفيلم جدلا متواصلا بين المتابعين والمهتمين في مواقع التواصل الاجتماعي خاصة توقيته وشخصياته وحالة الاستقصاء المتوقعة لأشهر عملية اغتيال في تاريخ اليمن الحديث.
كثيرون، اعتبره توثيقا مهما للذاكرة اليمنية ومحاولة أولى لمتابعة خيوط الجريمة. لكن الأمر لا يخلو من نواقص وشهادات غابت عن الحدث رغم معاصرتها له، حسب آخرين.
المحلل السياسي، ياسين التميمي، اعتبره واحدا من أكثر الروايات المتماسكة عن حادثة اغتيال الحمدي.
وقال ان "البعض كان يعتقد أن الفيلم سيطلق النار على كل الذين شاركوا أو باركوا اغتيال الحمدي أو شعروا بالارتياح أنه ذهب من طريقهم".
وأضاف في منشور بصفحته في الفيس بوك"لقد أنجز الفيلم هذه المهمة بنجاح وبطريقة احترافية، وكان معظم الضيوف رائعين جداً في مقاربة الظرف التايخي والمشهد السياسي الذي وقع فيه الاغتيال".
مؤكدا ان الفيلم أوصله إلى نتيجة مفادها أن الرئيس الحمدي كان يحمل مشروعا عظيما وله تقطاعات دولية وإقليمية، لكن الحمدي لم يحصن هذا المشروع بالقدر الكافي على الأقل من أعدائه الداخليين.
ويوضح التميمي ان الحمدي اغتيل بطريقة تقليدية للغاية رغم أنه كان محصلة قرار سعودي وبمباركة من المعسكر الغربي الذي كان يتحسس من اندفاع الحمدي تجاه المعسكر الشرقي.
الاغتيالات السياسية
بدوره، قال الصحفي، عبد الحكيم هلال، ان الفيلم بذل فيه جهد كبير، الا انه عده فيلم (وثائقي)، أشبه بسلسلة أفلام أشهر الاغتيالات السياسية لقناة الجزيرة.
وأضاف هلال "اعتمد الفيلم اكثر على وثائق تاريخية ومقاطع قديمة ورسومات تقريبية أيضا ، وهذا كله يستخدم في سلسلة الافلام الوثائقية المذكورة".
وتابع "مع ذلك يمكن اعتبار الفيلم عملا جيدا لتقديمه خدمة توثيقية لروايات ثابتة، أو الاكثر ثباتا، بتجميعها وترتيبها بشكل فيلم، كعمل لم يقدم من قبل".
الزمن يتقلب وليس ملك أحد. ليس بمقدورك إنهاء التاريخ وإيقافه عند سلطتك. هذا هو الدرس من جريمة إغتيال الحمدي، هكذا يرى المحلل السياسي، مصطفى راجح.
ويقول في منشور بصفحته على الفيس بوك "يوما ما أعتقد القتلة أنهم دفنوا قصة الحمدي مع جثته. وظلوا يحرسون فعلتهم أربعة عقود".
ويؤكد مصطفى راجح أنه جاء الوقت ليذاع الخبر على خلق الله أجمعين في الفضاء المفتوح.
ويضيف "الغريب أن شغمة المتآمرين الذين قتلوا الحمدي بالتنسيق مع السعودية ، كانوا ينكزون من نشر تفاصيل الواقعة خوفاً على سمعة السعودية أكثر من خوفهم على سمعتهم".
وتناول الباحث ورئيس مركز أبعاد للدراسات، عبد السلام محمد، موضوع الفرنسيتين اللتين جلبهما محمد الشامي حسب فيلم الغداء الأخير.
وبما اسم واحدة مرقم في جهاز الاستخبارات الفرنسي، قال عبد السلام ان ذلك يعطينا عدة حقائق أهمها أن الاستخبارات الدولية في اليمن تعمل مع الإمامة وأن الإمامة مخترقة للتنظيمات السياسية لتحقيق مصالحها ومصالح جهات دولية.
موضحا ان هذا يفسر الدعم الخارجي للحوثيين حاليا لأن أغلب من يعمل في العلاقات الدولية للجماعة هو ضمن تنظيم الإمامة، حسب تعبيره.
وتابع "يبدو واضحا أن الحوثيين وعدوا بإعطاء وثائق لإنجاز فيلم الغداء الأخير من بينها المذكرات وصور تفجير مكتب الغشمي".
رسائل سياسية
كما يؤكد أن الفيلم استغل لارسال رسائل سياسية للرياض أكثر من كونه استقصاء لكشف من يقف وراء الاغتيال.
ورغم تأكيد، الصحفي، وليد جحزر على ان الفيلم امتاز بجهد مهني جيد وحاول الاقتراب من بؤر الحقيقة.
لكنه يرى ان الفيلم لم يأت بجديد على صعيد الرواية النهائية المعلومة لدى اليمنيين سلفا. عدا عن كونه عزز الصورة المتداولة عن دور رفاق الحمدي العسكريين وتحديدا الغشمي وصالح في تنفيذ عملية الاغتيال.
وتحدث السفير اليمني السابق، مصطفى النعمان، عن الفيلم الذي عرضته الفضائية اليمنية قبل يومين للتشويش على فيلم الغداء الأخير.
مؤكدا ان الإسقاطات السياسية طغت على المهنية وانجر الشهود وراء روايات لا يستطيع احد إثباتها بالأدلة ولم يكونوا هم حاضرين أحداثها.
وقال أيضا ان القناة اليمنية قدمت برنامجا فقيرا في كل مواده وان الجزيرة تعمدت توجيه الحدث صوب جهة واحدة.
من جانبه، قال الصحفي، عامر الدميني أنه ليس على الجزيرة أن تراعي التوقيت في فيلمها عن اغتيال الحمدي.
واعتبر ان السعودية ليست بريئة من دم الحمدي سواء بثت الجزيرة الفيلم أم لم تبثه. وأضاف ان دور الملحق العسكري السعودي (الهديان) عندما قتل الحمدي شبيه بدور السفير السعودي محمد آل جابر اليوم.
ويرى، الباحث نبيل البكيري، ان الفيلم جهد توثيقي رائع أثبت الرواية المتداولة شعبيا. معتبرا أنه مالم يدر في خلد مخرج الفيلم وطاقمه هو إبراز دور الهاشمية السياسية والدور المحوري للعماد والشامي والحكيمي أقرب المقربين للحمدي.
ويؤكد ان الفيلم أثبت بطريقة غير مباشرة وغير مقصودة أن الهاشمية السياسية هي التي صفت الحمدي بيد الجناح العسكري لسلطته الغشمي وصالح.