غادر المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الرياض، وثمة مؤشرات على أنه لم يحقق اختراقاً مهماً على صعيد مهمته الجديدة التي يبدو أنها تراهن بدرجة أساسية على النسخة المعدلة من خطة الأمم المتحدة للحل.
لا أدري لماذا بدأ بالرياض، فيما يتواجد طرفا الأزمة في كل من عدن وصنعاء؟ فالرياض يفترض أنها قد قالت رأيها بخصوص الخطة أثناء اللقاء الرباعي لوزراء الخارجية الأمريكي والسعودي والإماراتي ووزير الدولة البريطاني منتصف ديسمبر الماضي في الرياض.
لقاءان معلنان فقط أجراهما المبعوث الأممي في الرياض، أحدهما مع أمين عام مجلس التعاون الخليجي الدكتور عبد اللطيف الزياني والآخر مع سفراء الدول الثمانية عشر، رغم أنه تحدث عن لقاءات أجراها مع مسئولين يمنيين وسعوديين.
في بيان مقتضب أوضح المبعوث الأممي إنه التقى في الرياض مسئولين يمنيين وسعوديين، وأن جولته في المنطقة ستشمل قطر والأردن، قبل أن يتوجه إلى كل من عدن وصنعاء، في مهمة استشراف تذكرنا بالخطوات الأولى التي ينجزها أي مبعوث في مهمة بدأها للتو.
نحن اليوم شاء المبعوث الأممي أن يعترف بذلك أم لا، أمام تطورات تتجاوز مهمة هذا المبعوث أو تضع جبالاً من التعقيدات أمامه لتجعل من جهوده الحالية جزء من مهمة مستحيلة.
لم يعد الأمر كما كان في السابق، فالتحركات العسكرية تأخذ زخماً كبيراً وتلامس مفاصل مهمة في ساحة العمليات، وفي الجغرافيا اليمنية أبرزها معركة الرمح الذهبي التي انطلقت قبل ستة أيام في منطقة باب المندب وهدفها الأساسي وضع اليد بشك كامل على هذه المنطقة الحيوية، وطرد الانقلابيين منها ومن الساحل الغربي لليمن.
وفي حال استمرت العمليات العسكرية بهذه الوتيرة فيمكن للحرب أن تضع أوزارها قبل أن ينجح المبعوث الأممي في إقناع الحكومة والمتمردين بالدخول في مفاوضات جديدة حقيقية لحل الأزمة سياسياً.
والأرجح أن ولد الشيخ سيتعين عليه أن يشق طريقاً طويلاً قبل أن يصل إلى نتيجة، خصوصا في ظل ما يبدو أنه فتور في حماس الرئيس لجهود الحل السلمي التي خذلته وخذلت حكومته وكادت أن تقدمهما لقمة سائغة للانقلابيين.
المؤشر الأهم في طبيعة اللقاءات التي أجراها ولد الشيخ في الرياض هو أنه بات مقتنعاً بجدوى العودة إلى قواعد العملية السياسية التي تجاهلها بفعل الضغط القوي الذي مارسه وزير الخارجية الأمريكي المنصرف جون كيري.
عدا ذلك فإن زيارة ولد الشيخ إلى الرياض، انتهت على ما يبدو دون أن يحصل على ضمانة قوية يمكن أن يعتمد عليها في إسناد تحركاته المقبلة، وهي نتيجة متوقعة لسلوك المبعوث الأممي الذي انساق كثيراً وراء إملاءات وزير الخارجية الأمريكي المنتهية ولايته جون كيري، وبلغ به الامر أن تجاوز المرجعيات الأساسية للعملية السياسية في اليمن، ومضى يسوق للخطة الجديدة التي أرادها كما أرادها الوزير كيري مرجعية أساسية لتسوية سياسية لا هم لها سوى تمكين الانقلابيين ومنحهم مكافأة لا يستحقونها بعد أن جروا اليمن إلى حرب أهلية لم تبق على شيء حتى على قيم العيش المشترك.
لم يعد بيد المبعوث الأممي سوى نسخةٍ من خطة قال الوزير كيري إنها قابلة للتعديل، ولا أعتقد أن ثمة حماس حتى لهذه النسخة المعدلة، الأمر الذي يرجح أن مهمة ولد الشيخ ستواجه تعقيدات وصعوبات كثيرة.