المنطق يبدو معكوساً ففي القلاع تعد خطط الحرب، لكن قلعة جوهانسبيرج يبدو أنها تستعد لمهمة مغايرة، هي صناعة سلام يبدو مستحيلا في اليمن، في ظل هذا الإقرار الدولي بحق أولئك الذين قوضوا السلام عبر الحرب، في أن يحظوا بفرصة لاستثمار مغامرتهم الكارثية سياسياً، ليلقوا بظلهم مجدداً على مستقبل يمني لا يزال محفوفاً بالمخاطر.
لأجل انعقاد هذه الجولة من المشاورات، استنفد المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث كل طاقاته ومهاراته الدبلوماسية ووظف شبكة علاقاته والوزن الدبلوماسي لبريطانيا، مع بقاء الآمال متواضعة حيال إمكانية أن تسهم في تحقيق نجاح يخدم السلام في اليمن.
فالنوايا السياسية والعسكرية لطرفي الحرب تبدو على حالها من السوء، وبهذه النوايا ذهبا إلى جولة مشاورات ستوكهولهم غير المباشرة، وهو تراجع عن صيغة الجولات السابقة التي جلس فيها الطرفان وجه لوجه من جنيف إلى الكويت، ما يعزز الاعتقاد بصعوبة المهمة التي ينهض بها غريفيث في شتاء ستوكهولم البارد.
تستقطع الحكومة ومن ورائها التحالف جزء من وقت المعركة لصالح هذه المشاورات، فيما يشتري الحوثيون الوقت أملاً في هدوء المعارك الأكثر مصيرية لوجودهم كمعركة الحديدة، فيما بقيت الجبهات مشتعلة حتى الساعات الأخيرة التي سبقت انطلاق المشاورات.
سقف هذه المشاورات لا يتعدى التوافق على إطار للمفاوضات التي يفترض أن تبحث في القضايا الأساسية، المتصلة بتقرير مصير الشرعية والحكومة وقبل هذا وذاك تغيير الوقائع الميدانية إلى مستويات ما قبل الانقلاب على الشرعية في سبتمبر ألفين وأربعة عشر.
اليد على الزناد، هكذا يبدو الأمر في الميدان، والجميع ينتظر النتيجة المتوقعة تقريباً، وهي فشل المشاورات على الرغم من المقدمات المشجعة التي تعد بإمكانية إطلاق الآلاف من المعتقلين من الطرفين بموجب اتفاق تم التوقيع عليه وينتظر تنفيذه فور التوافق على آلية هذا التنفيذ.