لقاء: أسوان شاهـر
تحرير: محمد عبد الملك
قال الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي بأنه يتمنى ان تستقر الأوضاع في اليمن ولديه حلم كبيرة بجزيرة ستقرى وايضاً معرفة اليمنين عن قرب.
جاء ذلك في لقاء خاص أجرته معه قناة بلقيس الفضائية وقال إن مليشيا الحوثي ونظام المخلوع صالح فشلوا فيما يريدون ومواصلتهم بنفس النهج لن يؤدي الا لمزيد من الخراب ومزيد من الخراب.
تحدث الرئيس المرزوقي عن أوجه الشبه الكبير بين ثورة تونس والثورة اليمنية ولم يخفي قوله بانه قلبه اليوم يتمزق عند مشاهدة الأحداث الدموية في سوريا واليمن والعراق وأنه يضطر احياناً الى الإضراب عن سماع الاخبار لمدة 24 ساعة ولم يعد باستطاعته تحمل كل هذا الألم الكبير.
المرزوقي تحدث عن ثورات الربيع العربي وقال ان الحديث عن فشلها يعتبر كلاماً سخيفاً، كما تطرق الى تفاصيل تجربته في السلطة وانتقاله من وزارة الداخلية الى قصر قرطاج واعترف بجانب القصور خلال تلك الفترة.
إلى نص الحوار:
بداية كيف تقيم تجربتك في السلطة وأنت أول رئيس يخرج من رحم الثورة ويصل الى أعلى مركز في السلطة ويغادرها بشكل ديمقراطي؟
على الصعيد الشخصي كانت تجربة مثيرة بطبيعة الحال، فطيلة حياتي كنت معارضاً وعرفت السجون والمنافي والطرد من العمل والملاحقة والمتابعة ودفعت ثمناً باهضاً مثل كل التونسيين المناهضين للدكتاتورية.
لم أكن أتصور أن أرى الثورة وأرى المعجزة، وهي انتهاء الاستبداد في تونس ودخولها حقبة جديدة وكان لي الشرف في متابعة كل هذا التيار، لقد كانت تجربة مثيرة على الصعيد الشخصي، وليس الكثير من صادف مرورهم بهذه التجربة، في أن تنتقل من المعارضة الى سدة الحكم بعد أن تكون عرفت دهاليز وزارة الداخلية أن تصبح في قصر قرطاج.
الأهم أني تابعت كل نضالات الشعب التونسي وكل مراحل إنضاجه ليصبح شعباً من المواطنين لأن القصة الأساسية هي أن شعبنا عبارة عن رعايا هكذا اعتبرتنا الديكتاتورية وعاملتنا ثم ولهذا فقد عايشت كل مراحل الانتقال شيئاً فشيئاً.
الثورة كانت أهم مرحلة ليصبح التونسيون شعبا من المواطنين.
ولا زلت الى حد الآن مناضلا لقد دخلت القصر مناضلا وخرجت منه حيث كانت السلطة فترة من حياتي ولم تكن الهدف الأسمى وإنما كانت وسيلة والآن تركت هذه الوسيلة لأواصل نضالي بوسيلة أخرى.
رموز النظام القديم عادت الى الحكم من جديد بطريقة ديمقراطية فكيف تنظر الى ذلك؟
كان لدينا عندما أخذنا السلطة أن نتعامل مع النظام بوسائله كما كان يتعامل هو معنا الاستئصال والقمع والاجتثاث بقوة وكان بإمكاننا أن نجتث التجمع الدستوري وكان يمكن للثورة ان تذهب في هذا الاتجاه وربما كنا نتواجد الآن في السلطة.
ولكن كان الخيار الأصوب بما أنها ثورة سلمية فيجب أن تكون مرحلة انتقال سلمي ويجب ان تكون مرحلة انتقالية رغم كل المخاطر لأن هناك قانونا يوجد في كل الثورات العالمية.
بما أننا قبلنا المخاطرة في إنضاج الشعب بكيفية ديمقراطية فإننا قبلنا فكرة أنه يمكن أن نزاح بصفة ديمقراطية لأن هذا هو الثمن الذي سيمكن التجربة من التواصل.
كل الأنظمة تمنع شعوبها من النضج الديمقراطي ونحن نعلم بأن من سيأتون الى الحكم بعدنا سيواجهون بنفس الصعوبات خلال الانتخابات المقبلة ويمكن ان يزاحوا ثم يقع التداول.
اعترفت في خطاب لك وقلت بأننا فشلنا في تحقيق أهداف الثورة نتيجة لشراسة الثورة المضادة وغياب الشجاعة السياسية ؟؟
عادة عندما تحكم على فترة حكم قصيرة مثل فترة حكمنا والتي كانت ثلاث سنوات والهدف الأساسي الذي انتخبنا من أجله إعداد الدستور والمحافظة على الوحدة الوطنية وإقامة انتخابات حرة ونزيهة وقد حققنا كل هذا وأعطينا درسا أننا ديمقراطيون بالفعل وليس بالكلام.
الناس كانت تنتظر منا محاربة الفساد وإعادة العدل وإرجاع الأموال المنهوبة بأسرع وقت ولقد فشلنا في تحقيقها خلال فترة حكمنا القصيرة.
لماذا سيادة الرئيس؟؟
لأنه كانت هناك خلافات سياسية داخل المنظومة الحاكمة ولقد كنا مثل من يمشي على البيض وقدمنا الكثير من التنازلات.
نحن لسنا منزهين عن الأخطاء وأتحمل مسؤوليتي عن كل الأخطاء التي وقعت في تلك الفترة وبالرغم من هذه الأخطاء فلقد استطعنا أن نحافظ على وحدة البلاد وإعادة السلطة الى الشعب.
من أبرز ما تميزتم به في فترة حكمكم هو قدرتكم على إزالة الإشكالية بين اليسار والقوى الإسلامية من خلال تحالفكم مع حزب النهضة فكيف استطعتم فعلاً ردم الهوة بين التيارين؟
قضية الاستقطاب الثنائي بين الإسلاميين والعلمانيين في تونس وفي العالم العربي دائما وأبدا كانت تثير أعصابي باعتبار أنها إشكالية مغلوطة ويفترض أن لا توجد والإشكالية الحقيقية تتعلق بالبطالة والفقر والجهل؟
الخلافات الأيدلوجية التي تتعلق بمظهر المرأة كالشجرة التي تحجب الغاب وبالنسبة لي المشكلة الأولى هي اقتصادية ويجب على الدولة أن تعطي الكهرباء والماء والتعليم وفي الأخير: إلبسي كما تشائين هذه ليست قضيتي كدولة.
مشكلتي كانت مع المتعصبين الإسلاميين والمتعصبين اليساريين وكانوا وجهين لنفس العملة في رفض الآخر
تحدثت في أحد خطاباتك بأن المشكلة الحقيقية التي تواجه البلدان العربية ليست مشكلة سياسية واقتصادية بقدر ما هي مشكلة أخلاقية؟ كيف ذلك
طبعاً في آخر المطاف الديمقراطية نفسها إذا كانت غير مبنية على قيم النزاهة والحرية فتصبح الانتخابات بأصوات تباع وتشترى وأحزاب همها الوصول الى السلطة، كل منظومة سياسية يجب أن تبنى على القيم.
كيف ترى بأنه يمكن لنا أن نبني هذه المنظومة القيمية؟
كانت أملنا حيث وأننا لو بحثنا سنجد أن نشأة الحركات الإسلامية كانت بالأساس مطلباً أخلاقياً والأحزاب السياسية مثلها مثل بقية الأحزاب.
هناك حديث عن فشل الثورات الربيع كيف ترد على ذلك؟
في الحقيقة هذا الكلام سخيف وهناك أناس تتمنى ذلك والثورات العربية لن تنتهي الا بانتهاء أسبابها ووقودها فهي تتغذى من الفساد ومن الفقر ومن الاستبداد.
والحكم على فشل ثورات الربيع العربي خلال ثلاث سنوات هو جهل في التاريخ وجهل بديناميكية الثورات.
كان من المفروض ان الطبقات الأساسية التي قادت الشعوب الى هذه الهاوية ان تتعلم الدرس
الربيع العربي يمكنني ان أطلق عليه براكين وانا على يقين بأنها ستعيد انفجاراتها من جديد.
كيف تنظر للأوضاع في مصر؟
موقفي معروف من اليوم الأول لا يمكن لي ان أقف مع انقلاب عسكري والنظام المصري يعيد كل أسباب الانفجار التي أدت الى الثورة على مبارك.
الانفجار الاقوى في مصر قد يكون اقوى وأعنف
وبالنسبة لليمن عاد النظام القديم متحالفا مع مليشيا مسلحة كيف تنظر الى ذلك؟
نعتبر اليمن وضعاً خاصاً.
اليمنيون يشبهوننا نحن التوانسة في حالة واحدة وهي انها كانت ثورة سلمية لكن فضل اليمنيين على التوانسة
أكبر لأن الشعب اليمني شعب مسلح ونحن ليس لدينا سلاح وسلميتنا مفروضة علينا فرضاً.
هناك قاسم ثان مشترك بين تونس واليمن وهي طريقة كتابة الدستور وهذه ظاهرة جديدة في الوطن العربي أن يتفق الجميع على كتابة عقد تاريخي جديد.
قلبي يتمزق عند مشاهدة الأحداث الدموية اليوم في سوريا واليمن والعراق وأحيانا أُضرب عن سماع الاخبار لمدة 24 ساعة ولا أستطيع أن أتحمل هذا الألم الكبير.
لا بد اليوم من وقف إطلاق النار في اليمن وسوريا.
هل هناك طريقة معينة لذلك؟
مليشيا الحوثي ونظام المخلوع صالح فشلوا فيما يريدون ومواصلتهم بنفس النهج لن يؤدي الا لمزيد من الخراب ومزيد من الخراب.
أتوجه الى الجميع ولمن لا يزال فيه قليل من الحكمة: اتركوا السلاح جانبا وأنشئوا أحزاباً سياسية وارجعوا الى العميلة السياسية.
ما يحدث في اليمن حرب مدمرة وعبثية وفي النهاية ستهزم مليشيا الحوثي والمخلوع.
هناك من يعتقد بأن رموز الثورة في اليمن تتحمل المسؤولية فيما آلت إليه الأمور هل كان بمقدورهم أن يفعلوا شيئاً للحيلولة دون الوصول الى ما هم عليه؟
تجربتي في الحكم انه عندما تأخذ الحكم في ظروف صعبة فإنه يجب ان تكون قادرا على مواجهة كل التحديات
سيادة الرئيس أنتم تقودون حالياً نضالا عربيا يستهدف إبقاء جذوة الثورات العربية مشتعلة من خلال رئاستكم للمجلس العربي للدفاع عن الثورات. حدثنا عن هذا الكيان وعما يمكن ان يحدثه في الواقع؟
جذوة العربية ليست مقصورة على شخص او مجلس هي بطبيعتها موجودة ومن يغذيها هو الظلم والفساد والجهل. وهي ستبقى متواصلة. مهمتنا بالنسبة لي والأخت كرمان والاخ ايمن نور هو مواكبة هذه الثورات. عندنا الآن تجربة معقولة ونريد أن نمررها الى الشباب حتى لا يكرر جملة من الأخطاء على امل ان تبقى هذه الثورات سلمية. خوفي في الشوط الثاني من معركتنا ضد الاستبداد ان يصير فيها نوع من ردة الفعل، ان هؤلاء لا ينفع معهم الا العنف.
وهذا خطأ انا على أتم الثقة أننا نستطيع ان نهزم هذه الثورات المضادة بالطرق السلمية. وبالتالي فان اهم شيء هو مواصلة إقناع الشباب بالنهج السلمي وعدم الانجرار الى مربع العنف لأن أكبر عملية خبيثة تقوم بالثورة المضادة هي جر الشباب الى العنف لأنها لا تجيد المناورة الا في هذا المربع. وبالتالي بقدر ما هذه الانظمة ستحاول جر الشباب الى مربع العنف سنحاول نحن مواصلة توعية الشباب بوسائلنا المتواضعة المعنوية أنه لا استمروا بالنضال السلمي لأنه أخطر شيء على الانظمة الاستبدادية
ما هي الآليات. ما يمكن ان تقوموا به في هذا الاتجاه؟
عندنا التواصل مع الشباب بالإعلام بالتثقيف. وفي نفس الوقت نحن لا زلنا فاعلين سياسيين. وسنحاول ان نوسع شبكة النضال والمقاومة من اجل التغيير السلمي الديمقراطي حتى لا تذهب الثورات في العنف او اللامبالاة او الديمقراطيات المزيفة الفوقية التي تكره الناس ف الديمقراطيات. لازالت هناك مخاطر. بلورة النظام الديمقراطي الجديد الذي نحلم به المبني على قاعده اخلاقية على قوانين ، على سيادة الشعب. مازلنا نبلوره مازالت مسالة اجيال واجيال. فبالتالي اهمية هذا المجلس يحيل هذه الخبرات الى جيل الشباب. وتكوين النخب المقبلة حتى تواصل تحقيقك هذا الحلم الجبار الذي هو حلم شعب المواطنين.
نعم سيادة الرئيس، وانت قادم من تونس.. التي استطاعت المرأة فيها الحصول على الحقوق والحريات بتقديركم ماذا تحتاج المراة اليمنية والعربية حتى تصل الى ما وصلت اليه المرأة التونسية؟
جاءتني فكرة الان انه لو أردنا ان نفتح قناة من هذا النوع سنسميها قناة عليسة (ضاحكاً) من اوجه الشبة بين تونس واليمن انه لديكم امرأة اسطورية بلقيس ونحن لدينا امرأة اسطورية في قرطاج اسمها عليسة ، قضية المرأة في تونس انا أكره شيء عندي هو خطاب المن التي مارسته السلطة في عهد بورقيبه و بن علي ايضا خطاب التوظيف. ان نوظف هذا المن من اجل لبقاء في السلطة لكن المرأة التونسية تجاوزت هذا الخطاب، لكن في نفسالوقت نرجع الى قصة الغابة. قصة حقوق المرأة بالنسبة لنا الامر انتهى لا
أحد يناقش في موضوع الزواج والطلاق.
هذا كله مجعول للتغطية على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. لان المراة تعاني اكثرمن الجهل والفقر والمرض. هم الان يخترعون مشاكل. الاسلاميين جايين.. الاسلاميين سيرجعون تعدد الزوجات. هذا كله كلام فارغ للاستعمال السياسي .. وللتغطية على القصة الاساسية بان المراة هي المستهدفة الاولى بالفقر والتهميش. وبالتالي فان كل سياستينا الاجتماعية والاقتصادية التي يجب ان تحارب الفقر هي في مصلحة المراة. وبالتالي انا اصبحت استمج هذه النقاشات الأيدلوجية العقيمة اسلامي علماني. واصبحت لا اتحمل خطاب المن على المرأة.. الان يجب ات تطرج قضية المرآه كقضية حقوق اقتصادية واجتماعية وهذه التغييرات طبعا ستمس الرجل بطبيعة الحال. المراة والرجل في مسالة الفقر شي واحد
ختاماً .. سيادة الرئيس المنصف المرزوقي شكرا جزيلا لك
وتحياتي ايضا لليمنيين واتمنى ان يستقر ال وضع لان عندي حلم بزيارة سقطرى وأزور الشعب اليمني عن قرب.