يقول الكاتب إنه وعكس كل ذلك، فإنه عندما اعترضت السعودية صاروخا أطلقه الحوثيون عليها من اليمن أوائل نوفمبر الجاري، فإن كل الأعين كانت تترقب كيف سترد، إلا أنه وبدلا من أن يأتي الرد في صورة هجمات، فإن الرياض اختارت أن تستخدم أسلوبا آخر، وهو فرض حصار جوي وبحري على اليمنيين.
ويرى هاروود أن حقيقة أن طلقة سعودية واحدة لم تطلق ردا على إطلاق الصاروخ الحوثي تشرح الكثير عن كيف أن الأزمة الإنسانية التي تعصف باليمنيين حاليا هي من صنع الإنسان، ويشير إلى أن استخدام السعودية سلاح الأزمة الإنسانية ضد اليمنيين يأتي رغم عدم تقصير التحالف الذي تقوده الرياض في إمطار هذا البلد المنكوب والممزق بالقنابل، ويضيف أن النظام السعودي يدرك تماما أنه ليس هناك من وسيلة لشل بلد يستورد ما يصل إلى 90% من غذائه أفضل من قطع خطوط إمداده بتلك الحاجات.
الهولودومر
ويمضي الكاتب قائلا: إن العالم عرف عبر التاريخ الحديث كيف استخدم التجويع كسلاح في الحروب، ويقول الكاتب، أما الآن فإن السعودية وهي حليف لكل من بريطانيا والولايات المتحدة فإنها تستخدم نفس التكتيك في اليمن، وحيث يهدد سوء التغذية حياة 400 ألف طفل يمني وفقا لمنظمة (أنقذوا الأطفال) الخيرية الدولية، وفي اليمن التي تعصف بها الحرب منذ ثلاث سنوات، يقول الكاتب: فإنه وفقا للصندوق العالمي لرعاية الطفوله (اليونيسيف)، فإن هناك 11 مليون طفل يمني عرضة للخطر، ويحتاجون لإنقاذ إنساني وهم يمثلون نسبة 40% من عدد سكان البلاد.
ويرى الكاتب في مقاله أن أسلوب مفاقمة الأزمة الإنسانية لليمنيين يبدو أسلوبا متكررا، ففي العام 2015 قامت طائرات التحالف الذي تقوده السعودية ضد اليمن بقصف الرافعات التي تعمل في تحميل الوقود والأغذية والإمدادات الطبية القادمة لليمنيين المتضررين في ميناء الحديدة اليمني، مضيفا أنه وعندما أرسلت رافعات جديدة لتحل مكان تلك التي تم قصفها، بعد أن دفعت الولايات المتحدة أثمانها، فإن السفن التي تحملها منعت من دخول الميناء اليمني أيضا.
يقول الكاتب: إنك لو تحدثت إلى أي من عمال الإغاثة العاملين في اليمن، فإنه سيبلغك بأن السلعة التي لا تقدر بثمن في الحالة اليمنية حاليا ليست الغذاء، وإنما الوقود؛ ذلك لأنك لو لم تمتلك الوقود، فإنك لن يكون بإمكانك أن توصل الطعام للناس، ولن يكون بإمكانك توفير المياه النظيفة والأدوية التي يبقى بها كثير من اليمنيين على قيد الحياة،
وقد كان نقص الوقود أيضا وفقا للكاتب سببا في انتشار الكوليرا عبر انتشار مياه المجاري، بعد أن توقفت محطات معالجة المجاري لشح الوقود، ويعطي الكاتب مثلا بما حصل في صنعاء لمدة أربعة أشهر، وحيث وقع ما يقرب من ثلاثة ملايين شخص ضحايا للكوليرا في وقت تحذر فيه وكالات الإغاثة من إمكانية تكرار نفس الحالة.
ويتحدث الكاتب عن كيف تشكل الواردات من الغذاء أهمية قصوى للمدنيين وكيف يحتاج اليمن إلى ما بين عشرة آلاف وخمسة عشر ألف طن متري من الغذاء كواردات كل شهر، في حين تغطي المساعدات الإنسانية نسبة 20% فقط من حاجة البلاد، ومن ثم يقول الكاتب: فإن قرار السعودية بنهاية الاسبوع الماضي السماح بدخول 1.9 مليون لقاح للأطفال وحمولة سفينة واحدة من الأغذية لليمنيين لا يبدو كافيا أبدا ولا يوفي بحاجة اليمنيين.
ويستطرد الكاتب قائلا: إن الحقيقة هو أنه ومن أجل إنقاذ حياة الأطفال اليمنيين، فإنه يتعين على السعوديين عوضا عن ذلك أن يسمحوا بفتح خطوط الملاحة التجارية لليمن في الشمال، وهو ما ترفضه الرياض كما يقول الكاتب؛ لأن المنطقة التي تقع فيها تلك الموانئ تخضع للحوثيين.
وإلى جانب عدم توافر المواد الغذائية، يتحدث الكاتب عن جانب آخر من المأساة، وهو أنه وفي ظل ندرة المواد الغذائية في الأسواق، فإن أسعار تلك المواد تبدو مضاعفة تماما، وهو ما يعني أن العائلات الفقيرة غير قادرة على شرائها أيضا.
وإلى جانب ضرورة فتح الموانئ البحرية، فإن اليمن يحتاج أيضا ،كما يقول الكاتب، إلى فتح المجال الجوي وإلى شبكة طرق فاعلة لتوصيل الإمدادات للناس، إلا أنه يعود فيقول إن الحصار البحري والجوي قضى على إمكانية وجود إمدادات جوية أو بحرية، في حين أدت حملة القصف الجوي الممنهج لطائرات التحالف المستمرة منذ عامين إلى تدمير معظم الطرق والجسور البرية.
وفي ظل مواجهة سبعة ملايين يمني شبح المجاعة، بينما يعيش 17 مليون آخرون في حالة عدم أمن غذائي يبرز الكاتب ما قاله برنامج الغذاء العالمي الأسبوع الماضي، من أن "اليمن يبدو على شفا مجاعة، كما أن الكوليرا أدت إلى مضاعفة الأزمة الغذائية، في حين يستخدم الغذاء كسلاح في الحرب".
ويورد الكاتب ما قاله الزعيم الأسبق للديمقراطيين الأحرار في بريطانيا بادي أشداون أوائل الشهر الجاري، حيث وصف صمت المملكة المتحدة على استخدام السعودية لـ "المساعدات والتجويع كسلاح في الحرب" بأنه "صارخ ومخز".
ويقول الكاتب إنه من الصعب ألا نشترك مع أشداون في هذه الرؤية بأنه من المخزي أن يكون واحدا من حلفائنا الآن على القائمة السوداء للأمم المتحدة، على اعتبار أنه لا يكترث بسلامة الأطفال في وقت الحروب، وإنه لمن المخزي أن تواصل كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة بيع الأسلحة للسعودية التي تستخدمها بدورها في قصف الأطفال اليمنيين، ويختم الكاتب بقوله: ثم إنه لمن المخزي ألا يكون مجلس الأمن الدولي مهتما بالقدر الكافي لإجبار السعوديين على إيقاف ما يقومون به.