وكانت صحيفة "عرب نيوز" الناطقة بالإنجليزية أعلنت يوم الاثنين أنّ الهجوم الصاروخي كان "عملا من أعمال الحرب" من جانب إيران".
وأضاف أنه "من الناحية التكتيكية، يتعثّر السعوديون وحلفاؤهم في الإمارات العربية المتحدة في مهمّتهم الرامية إلى إعادة هادي إلى السلطة. ومن الناحية الاستراتيجية، يشير الهجوم الصاروخي إلى أنّ التحالف قد يخسر، وهو منحى يتوق محمد بن سلمان إلى عكسه. ويقول أولئك الذين التقوا به إنه يريد أن يصبح أكثر حزما حول إيران ووكلائها".
ورأى أن "الهجمات الصاروخية الأخرى مثل الهجوم الأخير، قد تدفع شركات الطيران الأجنبية إلى وقف رحلاتها إلى الرياض. إلّا أنّ خطرا كهذا لا يتوافق مع "صورة" محمد بن سلمان الجديدة لمملكة حديثة متألّقة تبنّت الإسلام المعتدل، وهي رؤية كشف عنها خلال مؤتمر مهمّ للمستثمرين الأجانب قبل أسابيع قليلة فقط".
وتابع: "يعود الصراع السعودي-الإيراني إلى ما قبل عهد محمد بن سلمان، إذ تعود الجولة الأخيرة إلى الثورة الإسلامية عام 1979. وتعتبر السعودية إيران خصما تاريخيا وعرقيا وعدوا شيعيا يتحدّى القيادة السعودية للعالم الإسلامي السنّي، ومتحدّيا ثوريا للوضع الإقليمي الراهن. أمّا هدف إيران على المدى الطويل فهو إضعاف الوضع الراهن الذي تضمنه الولايات المتحدة بشكل فعال. ويقضي هدفها على المدى القصير الاستفادة من عواقب الحرب العراقية و"الربيع العربي"؛ لنشر تأثيرها، وبلوغ المجتمعات الشيعية في جميع أنحاء المنطقة".
وقال إنه "بالنسبة لإيران، شكّلت اليمن، تحت حكم علي عبد الله صالح، هدفا بمحض الصدفة. وكان دعم القبائل الحوثية من خلال تزويدها بالمساعدة التنظيمية والأموال مجرّد خدعة. وقد انهار حكم صالح، لكنّه شكّل تحالفا مع الحوثيين ضدّ الرئيس هادي، الذي هو قيد الإقامة الجبرية في السعودية. وعلى الرغم من الجهود التي بذلها سلاح الجو السعودي، إلا أنها فشلت في طرد الحوثيين. وكانت القوّات الإماراتية أكثر نجاحا في جنوب البلاد، حول مدينة عدن الساحلية. إلّا أنّها تواجه مصاعب هناك من قِبل جماعات على غرار تنظيم «القاعدة» التي حوّلت المناطق الداخلية اليمنية إلى ملاذ لها".
وأشار إلى أنّ نجاح إيران في دعم حلفائها الحوثيين في اليمن عاقبة لتدخّل ملائم، وهو رهان صغير كان له النتيجة المرجوّة. وقبل عدة أشهر، سألتُ جنرالا سعوديا يزور واشنطن: كم هو عدد الإيرانيين في اليمن؟ توقّعت تخمين الآلاف أو ربّما المئات. فاجأني جوابه على ما قدّرت أنّه سؤال بديهي، إذ قال: "لا أعرف". ويسود اعتقاد، استنادا إلى الأجوبة التي حصلتُ عليها بمضايقتي مسؤولين في واشنطن، أنّ الرقم هو في العشرات. ووفقا لهؤلاء المسؤولين، تأتي فرق صغيرة من إيران للتدريب على أنظمة أسلحة معيّنة أو تشغيلها، ثمّ ترحل. ومن هنا تُفسّر الصواريخ التي أطلقت من الساحل على سفن حربية أمريكية في البحر الأحمر في العام الماضي وهجوم القارب من دون ربّان على فرقاطة سعودية في كانون الثاني/ يناير.
وبحسب هندرسون، يُرجع خبراء في الصواريخ الفضل إلى إيران على المدى الطويل لترسانة اليمن المتبقية المؤلفة من صواريخ "سكود". وقد قال لي مسؤولون إن إيران ربما أرسلت خزّانات وقود أكبر وأجزاء هياكل إلى اليمن. وكان سيتمّ ملاحظة محاولات تهريب صواريخ كاملة، وهو ما كان يأمل المرء أن يكون محظورا من قبل الولايات المتحدة".
وقال إن ردّ السعودية كان سريعا على الصاروخ الذي أُطلق يوم السبت. "لا بل جذري، إذ أعلنت في اليوم التالي أنها ستغلق جميع الحدود البرّية والبحرية والجوّية مع اليمن. كما نشرت الرياض لائحة بصور وأسماء 40 حوثيا مطلوبين بتهم "جرائم إرهابية". وتمّ تقديم مكافآت أيضا على النحو التالي: 30 مليون دولار مقابل قائد الحوثيين، عبد الملك بدر الحوثي، و 20 مليون دولار مقابل ملازميه العشرة المهمّين، و10 ملايين دولار للدرجة التالية من المنفّذين، وهكذا دواليك. وهنا يتساءل المرء: لماذا استغرقت الرياض كل هذا الوقت لتقديم مثل هذه الحوافز، إذ تُعرف اليمن بكونها مكانا يوجد فيه ثمن حتّى للولاء؟".
وقال في ختام ورقته إنه "بدلا من النظر إلى اليمن كدولة ثانوية فقيرة لا أهمّية تُذكر لها، يبدو أنّ أمراء آل سعود يعتبرونها خنجرا يستهدف قلبهم، إذ إن ابن سعود، جدّ محمد بن سلمان، حذّر كما يُقال من تهديد اليمن من على فراش موته. وطالما استمرت الحرب الإقليمية بالوكالة مع إيران، ستبقى اليمن مسرحا رئيسيا لهذه الحرب وجزءا حيويا من الطموحات الإقليمية لمحمد بن سلمان".