حالة من الانفصام تتلبس الأمم المتحدة وهيئاتها العاملة في اليمن، فحين تعلن الأمم المتحدة عبر امينها العام ومبعوثها لليمن انها لا تعترف بغير الحكومة الشرعية، تتصرف على الأرض عكس ذلك.
سلسلة من اللقاءات والمشاورات وتقديم أوراق اعتماد عدد كبير من مسئولي الأمم المتحدة ومنظماتها المتعددة تم تقديمها خلال الأسابيع القليلة الماضية الى قيادات ومسئولي المليشيا في العاصمة صنعاء.
وفي واحدة من اكثر الأمور اثارة للغرابة والاستغراب قدم عدد من مسئولي الهيئة الأممية أوراق اعتمادهم لحكومة الانقلابيين التي لم تحض باي اعتراف دولي، كان اخر أولئك المسئولين القائم بأعمال مكتب منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة اليونيسيف في صنعاء ميرتشل ريلانيو، التي قدمت أوراق اعتمادها لوزير خارجية الانقلاب هشام شرف.
لم تكن تلك الحادثة الوحيدة فقد سبقها قيام الممثل المقيم لبرنامج الغذاء العالمي أدهم مسلم بتقديم أوراق اعتماده لحكومة الانقلاب، وتزامن ذلك مع استقباله كبيرة مستشاري المبعوث الاممي لليمن والمكتب السياسي التابع للأمم المتحدة في صنعاء السيدة نيكول ديفيس، وعقب اللقاء تم الإعلان عن ثلاث وظائف استشارية في مكتب المبعوث الامي بصنعاء، وهو ما يعني اقفال مكتب المبعوث الاممي على الانقلابيين.
الى جانب مسئولي الأمم المتحدة مازالت السفارة الروسية تعمل بشكل واضح ومعلن الى جانب تحالف الحوثي والمخلوع ومازال القائم باعمال السفير يلتقي بشكل دوري بقيادة الانقلاب.
الحكومة الشرعية لا يبدو ان مثل هذه القضايا تشكل لها أي نوع من الحساسية ولم تتقدم حتى اللحظة باي احتجاج رسمي للأمم المتحدة، مكتفية بتوجيه دعوة للمنظمات الدولية بالانتقال الى العاصمة المؤقتة عدن.
ويرى الكثير من الخبراء ان استمرار تعاطي المنظمات الأممية والدولية مع الانقلابيين من شأنه إطالة الازمة، واعاقة أي مسار للحل السياسي، واعتماد المليشيا على الدعم الفني واللوجستي الذي تقدمه تلك المنظمات لها في صنعاء.
لم يقتصر الدعم الدولي على مجرد فتح مكاتب المنظمات وتقديم أوراق الاعتماد للانقلابيين بل تجاوز ذلك الى درجة تقديم منح مالية لمنظمات ومؤسسات حكومية واقعة تحت سلطة الحوثيين، وهو ما كشف عنه تصريح البنك الدولي قبل يومين عن تخصيص ما يقارب نصف مليار دولار لدعم صندوقي الضمان الاجتماعي والاشغال العامة، وذلك ما قد يعني تزويد المليشيا بسيولة مالية تجعلها قادرة على إطالة امد الازمة والحرب.
استمرار تجاهل وجود الحكومة الشرعية والتعامل مع الحكومة الانقلابية دليل على ازدواجية المعايير الدولية والفساد الذي يعصف بكيان المؤسسات التابعة لها.