صنعاء حيث توجد المليشيا وليست عدن حيث يوجد الرئيس والحكومة الشرعية، كانت وجهة توقف طائرة السفير كريستيان تيستو الذي أعلن خلال لقائه وزير خارجية مليشيا الحوثي عدم دعم بلاده لأي حل عسكري للأزمة اليمنية، في الوقت الذي كانت وزارة خارجية فرنسا تبرم عددا من صفقات بيع الأسلحة للتحالف لاستخدامها في حرب اليمن.
الوفد الفرنسي الذي بدا واضحا أن لديه أهدافا خاصة لا علاقة لها بحقيقة الصراع في اليمن، منها مزاعم بحث الملف الإنساني ودعم خطة المبعوث الأممي لإحلال السلام في اليمن، إلى جانب التفاوض بشأن مصير مواطن فرنسي سقط في أيدي الحوثيين في يونيو الماضي، عندما تعرض قاربه لمشكلات فنية قبالة السواحل اليمنية.
لقاء الوفد الفرنسي مع قيادات مليشيا الحوثيين، جاء في أعقاب تطورات عدة، كانت فرنسا طرفا فيها، بما في ذلك الحديث عن الملاح الفرنسي "آلان تيبو"، الذي كانت المليشيا الحوثية اعتبرته صيدا ثمينا، وتحدث عدد من قيادات المليشيا حينها لوسائل الإعلام عن مشاركة بوارج فرنسية في العمليات العسكرية على مدينة الحديدة الساحلية، في حين أكدت مصادر يمنية أن الملاح الفرنسي كان قد وصل إلى ميناء الحديدة، في طريقه إلى جيبوتي قادما من ميناء سواكن بالسودان، وأن قاربه تعرض لخلل فني ونفد منه الماء، الأمر الذي اضطره للوصول إلى ميناء الحديدة.
الأسبوع الماضي، نجحت صفقة في إطلاق سراح مختطف فرنسي رهينة لدى المليشيا الحوثية، يدعى ماروك عبدالقادر، يعمل في شركة نفطية، كانت اختطفته المليشيا من مطار صنعاء، وأخفته قسرا لعامين ونصف، تعرض خلالها لصنوف التعذيب، وأفادت وسائل إعلام يمنية أن تحريره جاء بعد تدخل الحكومة الفرنسية ودفع مبالغ مالية كبيرة للميليشيا الحوثية، وهو الأمر الذي نفته فرنسا، مؤكدة عدم دفع أي فدية مالية.
طيلة الأسابيع الماضية، ركزت وسائل الإعلام التابعة لمليشيا الحوثي على مزاعم وجود قوات فرنسية تشارك في معركة الساحل الغربي لليمن إلى جانب القوات الإماراتية، لكن الخارجية الفرنسية نفت ذلك.
دبلوماسية الرهائن التي عرفت بها إيران، واتبعتها المليشيا الحوثية مع الفرنسيين، آتت ثمارها على ما يبدو، عبر فتح نافذة إعلامية في صحيفة لوفيغارو أطل منها زعيم المليشيا الحوثية عبدالملك الحوثي، مهاجما التحالف العربي، كما حاول من خلالها دغدغة مشاعر الغرب بقضايا حقوق نسان، وشكا من تعامل الدول الغربية مع حروب المنطقة من زاوية المصالح الاقتصادية، حتى ولو كان على حساب حقوق الإنسان وانتهاك القانون الدولي، على غرار الحرب الجارية في اليمن، حد تعبيره.
المؤكد ان زيارة السفير الفرنسي تمت بتنسيق مع التحالف بعيدا عن الشرعية كالعادة التي لم تعلن أي موقف من تلك الزيارة واكتفت كالصمت كعادتها، فهل ستثمر الزيارة عن تحولات حقيقية في المواقف الدولية ام انها ليست سوى فصل جديد في مسرحية الوجع اليمني.