عام جديد مليئ بالعذابات التي ملأت حياة اليمنيين يوشك على اسدال ستاره ويرحل حاملا عصاه التي طالما اوجعت سكان هذه البلاد المسكونة بالفقر واستوطنها الصراع.
سيرحل العام تاركا خلفه جثث آلاف اليمنيين وقبورا مفتوحة على مصراعيها، ومازال حفار القبور مستمر في مهمته الأزلية.
عشرات التقارير والتحذيرات التي اطلقتها الأمم المتحدة ومنظمات أخرى باتت هي العزاء اليومي الوحيد الذي يذكر باليمن والأوضاع التي تعيشها.
في حصاد العام تقرير أممي يقول ان الأمن الغذائي في اليمن سيشهد تدهوراً أكبر خلال الفترة القادمة بسبب ندرة السلع الأساسية جراء النزاع المتصاعد منذ أكثر من 20 شهرا.
تستمر التقارير في التحذير من مخاطر الجوع والمجاعة قد حدثت أصلا وأصيبت بها أكثر من ثمان محافظات من اجمالي المحافظات الاثنين والعشرين.
خمسة ملايين يمني حصلوا على مساعدات إنسانية مباشرة موزعين على كافة المحافظات بينما تشير الإحصاءات إلى ان المحتاجين لمساعدات يتجاوز عددهم الثمانية عشر مليون شخص، بينهم سبعة ملايين شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي لم يتم الاستجابة لها او تغطيتها بالكامل، حيث قالت الأمم المتحدة انها لم تتلق سوى 57 بالمائة من التمويل المطلوب لنداء الاستغاثة والبالغ 1.6 مليار دولار أمريكي.
النزوح الكارثة الثانية التي تواجه اليمنيين البالغ عددهم اكثر من ثلاثة ملايين نازح داخل البلاد بينهم ما يقارب مليون يعيشون في مخيمات للنازحين او تجمعات سكنية عشوائية بدون ادنى مقومات للحياة.
ضحايا الحرب جانب آخر للوجع اليمني، حيث تشير التقديرات إلى مقتل أكثر من عشرة آلاف شخص وإصابة أكثر من أربعين الف آخرين، وتلك الأرقام المعلنة بينما الأرقام الحقيقية تتجاوز ذلك بكثير.
في موازاة كل ذلك يواجه القطاع الصحي خطر الانهيار بحسب ممثل منظمة الصحة العالمية الدكتور احمد شادول الذي قال ان استمرار الحرب وتوقف الدعم الدولي، مما يعرض حياة الملايين من اليمنيين للخطر.
توقف دعم القطاع الصحي في البلاد بشكل شبه تام منذ سبتمبر الماضي حيث لم تتلق المرافق الصحية أي دعم مالي لتغطية النفقات التشغيلية ودفع رواتب الموظفين، إذ توقفت الميزانية التشغيلية لوزاة الصحة العامة والسكان، كأحد تداعيات الصراع بين الحكومة والحوثيين على البنك المركزي.
أبرز الصعوبات في المجال الصحي تتجلى في نقص الأدوية الجراحية، وأدوية علاج الإصابات، والأدوية الخاصة بالأمراض غير المعدية، وأكياس الدم ومشتقاته ومستلزماته، واحتياجات المعامل، وحتى الوقود اللازم لتشغيل سيارات الإسعاف والمولدات الكهربائية؛ لضمان استمرار توفير الخدمات أثناء انقطاع التيار الكهربائي.
عودة الامراض الوبائية خلال العام الجاري مثلت انتكاسة كبيرة للقطاع الصحي حيث عادت أوبئة، في مقدمتها الكوليرا وحمى الضنك، والتهابات الجهاز التنفسي، والاسهالات إلى الواجهة بعد سنوات من اختفائها؛ ما أسقط ضحايا في مناطق مختلفة.
خلافا للأوبئة السابقة، بدأت أمراض الطفولة القاتلة في العودة، لا سيما في محافظات شمالي اليمن، مع تسجيل حالات إصابة بمرض الحصبة وشلل الأطفال.
وضع مليئ بالتعقيدات وطريق محفوف بالأمراض ومزروع بالغام الصراع الذي أدخلت مليشيا الحوثي والمخلوع صالح البلاد في أتونه، وتستمر في المقامرة حتى روح وحياة آخر يمني بحثا عن حلم الاستئثار بحكم البلاد بقوة السلاح.