أبو عسكر ابن البادية وصوتها الشجي، فنان المناطق الشرقية اليمنية، ورمز أغنيتها الشعبية، غنى وألهب الجماهير بصوته، الذي سرعان ما أصبح حديث العوام وذائقتَهم الفنية، في زمن ماقبل الحرب.
إنه الزمن الجميل، ذكريات حنين هي كل ما تبقى من أوتار اليمني وطربه الأصيل، بعد أن غابت عناوينه في مسرحِ الحرب المكتظ بأصوات الموت، التي انحسرت أمامها أغاني الحياة،
تبدو النغمات التي يستنطقها من آلة العود قادمة من قلبه، لقد فسدت ذائقة الناس الفنية، وباتت شعارات وزوامل الموت أكثر رواجا، كأن عزْفَه يقولُ ذلك، فالحرب لم تُبق على رنة عود ورنينِ وتَر، ربما غابَ الصوت وانقطع اللحن.
لم تترك الحرب شغفه بالعود، لقد قررت بالنيابةِ عنه حين انقطعَ اللحن، وصار الموت وصخب القذائف أنشودةَ الجميع، لكن قلبَه مايزالَ يتسعُ لهدهدات الأوتارِ وإيقاعها في مدى الأيام.
صوت فرحٍ و أملٍ يتسرب من شقوق الحربِ على هيئة وترٍ وشجن، ليقول للعالم إنه حي؛ وإن الفن وسيلتنا للحياة.