ولا تبدو هذه المخاطر وليدة اللحظة، ولكنها في ذروة عنفوانها، وفي محك اختبار ميداني من قبل حلفاء افتراضيين.
ما كشف عنه مستشار ولي عهد أبو ظبي، عبد الخالق عبد الله، قبل أيام بأنه لن يكون هناك يمنا واحدا بعد اليوم، فجر مخاوف حقيقية، ظلت تعتمل أصلا على مدى سنوات في ميدان المعارك اليمنية.
أعقبها زيارة قائد خفر السواحل الإماراتية إلى طهران، مدشنا بذلك عهدا متجددا من التفاهم والشراكة مع إيران، رغم الحرب المدمرة والتي خيضت تحت ستار إبعاد اليمن عن هيمنة ونفوذ طهران.
أكثر الأسئلة إثارة للقلق، إلى جانب الحديث المشبوب بالمخاطر عن مستقبل اليمن المجهول ، هي ماذا عن السعودية في ضوء التقارب الإماراتي الإيراني؟
في هذا السياق، يحاول ناشطون يمنيون جاهدين لدرء المخاطر عن السعودية، وإظهارها بثوب الضحية، مشيرين إلى خطوات الغدر التي ينسجها الحليف الإماراتي بعيدا عن بقية الحلفاء.
وليست المرة الأولى التي يجري فيها الحديث عن تباين الأجندات بين الرياض وأبوظبي وطرفها ساحة الحرب اليمنية وامتدادها في طهران.
لكن في كل مرة، تخيب التوقعات، وتتكشف حالات التنسيق والمصالح المتبادلة.
الرد السعودي لا يتأخر كثيرا في اخراج الناشطين اليمنيين من حالة الصدمة والذهول جراء ما يعتبرونه غدر الإمارات بحليفتها السعودية من خلال توريطها في قضايا المنطقة.
لكن، وعلى غرار نظيره الاماراتي، أكد عضو مجلس الشورى السعودي السابق، محمد آل زلفى، أن اليمن لم يكن موحدا فيما مضى ولن يكون موحدا بعد اليوم.
مشيرا في مداخلة على قناة بلقيس إلى أن الحديث عن الوحدة اليمنية أصبح وهما.
وقال أيضا ان الجنوب بيئة مختلفة، ونسيجه لا يشبه شمال اليمن، وأن العالم الآن بات مقتنعا بعودة الدولتين.
ليس ذلك فحسب ما يستدل به، فتجارب أربع سنوات ونصف من الحرب المدمرة والعبثية، دللت بما لا يدع مجالا للشك بأن الأمر لا يعدو عن كونه تبادل أدوار لا أكثر وتنافس من أجل النفوذ بين السعودية والإمارات.
أنشأت الامارات جيوش خاصة موازية للجيش الوطني، كما سيطرت على جزر ومواقع حيوية في منابع النفط.
وفي المقابل، ذهبت السعوديه حيال المهرة لكي تمارس نفوذها على الحدود العمانية، وتدخلت في سقطرى كبديل للنفوذ الإماراتي.
تدرك الرياض جيدا خطورة عدم حسم جبهات المعركة في اليمن مع الحوثيين. لكنها في حالة تماهي وانسجام مع السياسة الإماراتية، ولا تحتاج إلى حالة تذكير دائمة بأن النار تلتهم طرف ثوبها الجنوبي.
ولا تترك مليشيا الحوثي مجالا واسعا للتفسيرات، حيث تضرب بقوة في كل الاتجاهات.
يوم أمس، أوقعت ضربة موجعة للذراع العسكرية للإمارات باستهدافها عرضا عسريا للقوات التابعة للحزام الأمني في معسكر الجلاء بعدن.
أدت العملية إلى مقتل نحو 36 جنديا بينهم قائد قوات الدعم والإسناد التابع للحزام الأمني المدعوم من الإمارات العميد منير اليافعي " أبو اليمامة"، بالإضافة إلى سقوط عشرات الجرحى.
تزامنا مع ذلك، وسعت مليشيا الحوثي بنك الأهداف الصاروخية بعد إعلانها عن استهداف موقع عسكري في مدينة الدمام السعودية بصاروخ بالستي بعيد المدى.
تقع الدمام شرق السعودية، حيث منابع النفط، واستهدافها بصاروخ بعيد المدى في العمق ذو دلالة رمزية نفطية واقتصادية هامة.
وهي تجربة جديدة وعملية للقوة الصاروخية للحوثيين، حسبما أكد المتحدث العسكري للمليشيا، يحيى سريع، فهل وصلت الرسالة للسعودية أم لا تزال بحاجة إلى تذكير الناشطين، بخطورة التهديد الحوثي وغدر الإمارات؟